مواضيع

تمسّك الصهاينة بهدف النيل إلى الفرات

الصهاينة لا يتنازلون عن أهدافهم. إنهم لم يتراجعوا عن هدفهم الذي صرّحوا عنه؛ أي: «من النيل إلى الفرات»، وما زالوا يريدون السيطرة على الجعرافيا الواقعة بين النيل إلى الفرات! إلا أنّ استراتيجية الصهاينة هي استخدام الحيل والخداع أولاً؛ للحصول على موطئ قدم، ومن ثمّ، وبعد أن يثبّتوا موطئ قدمهم، يبدؤون بالتقدّم من خلال الضغط والهجوم والاغتيالات واستخدام القوة والعنف، إلى أبعد ما يستطيعون! وما إن يواجهون مواجهة جدّية – سياسية أو عسكرية – حتى يتوقفوا ويعودوا إلى استراتيجة الحيلة والخداع، ليتقدموا بالمكر خطوة أخرى إلى الأمام! وعندما يتقدمون خطوة إلى الأمام، يبدأون بممارسة الضغط والعنف ذاته مرة أخرى. هذا ما فعلوه خلال الستين أو السبعين عاماً حتى اليوم؛ أي أنهم استخدموا هذه الاستراتيجة 25 سنة قبل أن يحتلوا فلسطين رسمياً. هؤلاء عندما دخلوا فلسطين لأوّل مرة، لم يقولوا: سنأتي بالمهاجرين إلى فلسطين. كان الفلسطينيون يتساءلون من هؤلاء القادمون؟! فقالوا كذبا: إننا نأتي بخبراء ومتخصصين!

ما أقوله موثّق؛ فقد تمّ الكشف عنه في وثائق وزارة الخارجية البريطانية، فبعض الوزارات الخارجية في العالم تنشر الوثائق القديمة وتصبح متاحة للجميع. إنّ الوثائق التي أتكلم عنها أتيحت لنا اليوم بعد حوالي ستين أو سبعين عاماً. في هذه الوثائق يكتب ضابط إنجليزي كان مسؤولاً عن عملٍ ما في فلسطين في تقريره: قلنا للشعب الفلسطيني إن من يدخل فلسطين هم خبراء، ومهندسون، وأطباء، وغيرهم من المتخصصين، يأتون ليعمّروا بلدكم! وبعد أن ينتهوا من عمران بلدكم، سيغادرون.

كتب هذا الضابط البريطاني في إحدى رسائله: لكنّنا كنّا نكذب على هؤلاء الناس! لقد جمعوا اليهود غير المتخصصين وغير الماهرين من جميع أنحاء العالم وجاءوا بهم إلى فلسطين، وقدموا لهم المرافق والأراضي وكل شيء؛ لأنهم كانوا يريدون طرد أصحاب فلسطين الأصليين من تلك البلاد! منذ البداية، دخلوا بالحيلة، وبمجرد أن ثبتوا مواطئ أقدامهم، بدأوا الهجوم. وفي عام 1948، أعلنوا قيام دولة إسرائيل، وبعد عام هاجموا مصر وغيرها من البلدان الإسلامية للاستيلاء على المزيد من الأراضي. عندما انهزموا انتظروا قليلاً، إلا أنّهم، أخذوا الكثير من الأراضي، لكن بعد  عجزهم عن المُضي قدماً، توقفوا وبدأوا الخداع مرة أخرى، ليروا كيف يمكنهم الحصول على موطئ قدم جديد.

وهكذا واصلوا خطّتهم إلى يومنا هذا. أمّا اليوم؛ فمكرهم هو تأسيس «المؤتمر الفلسطيني»؛ أي مؤتمر الاعتراف بإسرائيل. كذلك مؤتمر جنيف، والمحافل العالمية الأخرى، التي تديرها أمريكا، كلّها من خداعهم. فبمجرد أن تعترف البلدان العربية بهم، ويزول هذا العائق الذي هو عائق مهم من طريق الصهاينة، يأتي دورهم في استخدام القوة والعنف والخُبث، فقد لجأوا ـ حالياً ـ إلى القوة والعنف في لبنان. هذا هو حال سلوك الاستكبار مع قضية الصهيونية واحتلال فلسطين. في رأيي أن أكثر الأحداث إيلاماً في قضية فلسطين هو انقلاب الحقائق رأسا على عقب وإظهار عكس ما وقع على الأرض[1].


  • [1] خطبة صلاة الجمعة في طهران بتاريخ 27-3-1992م.
المصدر
كتاب نهاية السرطان الصهيوني في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى