
«فَإِنَّ العَدُوَّ رُبَّما قارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذ بِالحَزمِ وَاتَّهِم في ذلِكَ حُسنَ الظَّنِّ» يقول بأن يا مالك! يسعى العدوّ أحياناً للاقتراب منك من أجل إغفالك، «فَخُذ بِالحَزمِ» فعامله بالحزم والنّضج والدقة. «وَاتَّهِم في ذَلِكَ حُسنَ الظَّنِّ» أي دع حُسن الظنّ والأفكار الإيجابيّة حوله جانباً؛ فليس حُسن الظنّ محبّذاً عند مواجهة الأعداء الغامضين، بل ينبغي التعامل بسوء ظنّ. الأمّة الإسلاميّة ومسؤولو الحكومة الإسلاميّة موظّفون بأن يتعاملوا مع كلّ علامة للعدوّ بدقّة، ووسواس وحذر. هي قضيّة أمّة ومجتمعٍ بأكمله؛ وليست قضية شخصيّة لكي يقرّر أحدهم أن يتغاضى عن عداء العدوّ؛ هي قضيّة مصالح أمّة وشعب؛ بل قضيّة تاريخٍ بأكمله. على أولئك المسؤولين عن إدارة المجتمع الإسلامي أن لا يسمحوا للعدوّ بالتغلغل في الأجهزة الحكوميّة، وفي شؤون البلاد الأساسيّة، وعلى هيئة أصدقاء أجانب مخادعين ومنافقين؛ لأنّ العدوّ يوجّه ضربته في الوقت المناسب، لذلك يحتاج المجتمع الإسلامي إلى معرفة أعدائه. 1/12/2002
ثمّ توضّح الآية القرآنيّة في هذا الشأن «وَلِتَصغَى إِلَيهِ أَفئِدَةُ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرضَوهُ وَلِيَقتَرِفوا ما هُم مُقتَرِفونَ» أي إنّ الأعداء يعلّمون بعضهم البعض الكلام الباطل، لكي يخرّبوا أجواء المجتمع الإسلامي، ويسلبوا ثقة الناس ببعضهم البعض. يأمر الله عزّوجل الرّسول قائلاً: «فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ» أي دعهم وشأنهم ولا تكترث لافتراءاتهم، وواصل مسيرك. ذلك الذي يتعرّض للتّهم والافتراءات، إذا كان يمارس الخدمة، عليه أن لا يكترث ويواصل مساره. لكنّ أولئك الذين لا إيمان سليم لديهم ولا اعتقاد بالمعاد والآخرة، سيوافقون العدوّ على ما يقوله ويستمعون إليه وينسجمون معه، فتكون النتيجة على النّحو التالي؛ بأن يُبتلوا بنفس البلاء الذي يُبتلى به العدوّ عند الله، أي العذاب الإلهيّ، أي أن هؤلاء الأشخاص الذين اتّبعوا العدوّ سيُبتلون أيضاً بذلك البلاء. 10/4/1981