مواضيع

إلزام الحق

من كتاب عهد الأمير للمسؤول والمدير للإمام الخامنئي

يقول (ع): «وَأَلزِمِ الحَقَّ مَن لَزِمَهُ مِنَ القَريبِ وَالبَعيدِ»، كلّ شخص، إن كان قريباً أو بعيداً، عليك أن تلزمه بأداء الحقّ إن كان برقبته حقّ. على سبيل المثال إن كان في رقبته حقّ قصاص، أو حقّ ديّة، أو حقّ ضريبي، أو عليه إعطاء حصّة وحقّ مؤاخذة، عليك أن تُلزمه بأداء ذلك الحقّ. «وَأَلزِمِ الحَقَّ» أي إدفعه لقبول الحقّ.
«وَكُن في ذلِكَ صابِراً مُحتَسِباً» هذا عملٌ صعبٌ وحافلٌ بالمتاعب، بأن يقوم الإنسان بفرض الحقّ على الأقارب والمقرّبين منه ويدفعهم لقبول الحقّ. يقول الإمام (ع) -نظراً لكون هذا العمل صعباً- كن محتسباً وصابراً في هذا العمل. «مُحتَسِباً» تعني أن هذا العمل من أجل الله واثبت على هذا القرار فهو ليس بالعمل السّهل. طبعاً، من السّهل ترديده على اللّسان.
«واقِعاً ذلِكَ مِن قَرابَتِكَ وَخاصَّتِكَ حَيثُ وَقَعَ» وفي هذا المسار، فليحلّ بأقاربك وأصدقائك والمقرّبين منك ما يحلّ؛ لا أهميّة لما سيحدث. سلّم نفسك للحقّ والحقيقة، وقد زلّت أقدام كُثرٍ في هذا الاختبار. أقولها لكم أنّ أقدام العديد من الذين كانت لديهم ادّعائاتهم زلّت، وعندما حان دورهم أو دور أقاربهم، لم يتحمّلوا ذلك. في بعض الأحيان، يتحمّل الإنسان نفسه هذا الأمر، لكن تُمارس عليه فيما بعد بعض الضغوط. يقولون على سبيل المثال: يا سيّد! لقد أنزلوا المصيبة الفلانية بابنك وابنتك. كيف يمكنك أن تتحمّل ذلك؟ لماذا تصبر؟ يمارسون الضغوط على الإنسان من الداخل حتّى يفقد قدرته على التحمّل. لذلك، هو عملٌ صعب، وهذا سبب تأكيد أمير المؤمنين (ع) على هذا الجانب بحيث يقول لمالك الأشتر: «واقِعاً ذلِكَ مِن قَرابَتِكَ وخاصَّتِكَ حَيثُ وَقَعَ» فليحلّ بأقاربك وأصدقائك والمقرّبين منك ما يحلّ.
ثمّ كأنّه يسعى لمواساتنا، حيث إنّنا نقدم على القيام بمثل هذه الخطوة العظيمة وتحمّل صعوباتها. يقول «وَابتَغِ عاقِبَتَهُ بِما يَثقُلُ عَلَيكَ مِنهُ» تحمّل هذه الضغوط والأمور التي تثقلك، لأجل تلك العاقبة التي تنشدها، وانتهج الصّبر. أطلب عاقبة هذه الخطوة التي هي عاقبة حسنة. «فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذلِكَ مَحمودَةٌ» عاقبة مثل هذا العمل عاقبة محمودة ومحبّذة. ولتعلم أنّك لن تتضرّر بسببه. تحمّل هذه الضغوط ولتعلم أنّك ستكون الرابح في نهاية المطاف. طبعاً، أحد مصاديق هذا الرّبح، هو الرّبح الأخروي؛ لكنّ مصداقه أيضاً هي الأرباح الدنيويّة. فلنجرّب هذه الأمور؛ لنختبرها بمقدارٍ معيّن، ثمّ لنحدّد إن كنّا سنلمس ربحها أم لا. إذا تمّ ذلك، سيشعر الناس بالثقة. سيكون لدى المسؤول نقاء، وسيشعّ نور هذا النقاء بشكل طبيعي في أرواح الناس ويتجلّى فيهم. عندما يبدر مثل هذا العمل عن أحد المسؤولين، تصبح أجواء المجتمع أجواء نقيّة.

المصدر
كتاب عهد الأمير للمسؤول والمدير |‌ الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟