مواضيع

وجوب الإنصاف

من كتاب عهد الأمير للمسؤول والمدير للإمام الخامنئي

يقول جملة أخرى وهي: «أنصِفِ اللهَ وَأنصِفِ النّاسَ مِن نَفسِكَ وَمِن خاصَّةِ أَهلِكَ وَمَن لَكَ فیهِ هَوىً مِن رَعیَّتِكَ»، و«أنصِفِ النّاسَ مِن نَفسِكَ» تعني أن تأخذ الحقّ للغير من نفسك؛ وأن تكون مداناً أمامه؛ وتتخلّى عن مصالحك مقابل مصالح الآخرين إذا استدعى الأمر ذلك. يقول (ع): «أنصِفِ اللهَ مِن نَفسِكَ» وهذه الجملة تعني أن تتحمّل المسؤوليّة أمام الله بشكل كامل وتدين نفسك على ما تقوم به من تقصير في التّكاليف الإلهيّة. ولا تتصوّر أنّك قد أنجزت ما كان عليك بشكل كامل، كلّا، بل اعتبر نفسك دائماً مقصّراً ومديوناً. هذا بالنّسبة إلى الله. وحينها «أنصِفِ النّاسَ مِن نَفسِكَ» أي أن تقوم باعتبار نفسك دائماً في أحكامك على نفسك أنّ النّاس هم الحكّام والدّائنين والمحقّين، وأنّك المدين لهم.
بالطّبع فإنّ هذا لا يعني أنّه عندما يقع ظلم عليك بالخصوص أن تقول إنّ الحقّ ليس معي؛ كلّا، بل ما قلناه يعتبر مفهوماً عامّاً. فللنّاس مطالب، وسيتكلّمون عنها وترتفع أصواتهم، وأحياناً يصرخون في وجه أحد ما؛ فلتفرضوا أنّ مجموعة تقوم بمراجعة إدارة ما ويتكلّمون هناك؛ إنّ أوّل فكرة تخطر على بالك لا يجب أن تكون أنّ أحداً ما قد دفعهم إلى هذا الأمر بأن يأتوا ويقوموا بالتّشاجر معي وأنا لا تقصير لديّ، بل يجب أن تكون أوّل فكرة هي أنّ هؤلاء النّاس يطالبون بحقوقهم؛ وأنا مسؤول وعليّ أن أرى ماذا يريدون.
وكما عليك أن تأخذ حقّ النّاس من نفسك، فكذلك «مِن خاصَّةِ أَهلِكَ» من ابن وأخ وأقرباء وعشيرة. «وَمَن لَكَ فیهِ هَوًى مِن رَعیَّتِكَ» فإذا كان هناك بين النّاس مجموعة أو فئة هم تحت حمايتك الخاصّة، فعليك أن تأخذ حقّ النّاس منهم أيضاً. فحين تكون كحاكم أو كرئيس أو وزير محسوباً على فئة ما، فسينالون إمكانات ما بلا شك، وسيكون لهم نفوذاً معيّناً، وهذا ما يؤدّي إلى إمكانيّة تعدّيهم على حقوق النّاس؛ لذا عليكم أن تنتبهوا. 09/10/2005
«وَمَن‏ ظَلَمَ عِبادَ اللهِ كانَ اللهُ خَصمَهُ دونَ عِبادِهِ وَمَن خاصَمَهُ اللهُ أدحَضَ حُجَّتَهُ وَكانَ لِله حَرباً» إذا ظلم شخص النّاس، فإنّ الله هو من سيحاسبه؛ الله هو من سيكون محامي الدّفاع عن عباده المظلومين في مقابله؛ وفي تعبير، سيكون خصماً له؛ «وَكانَ لِلهِ حَرباً» فهو في حالة حرب ومواجهة مع الله. وبالطّبع فإنّه ليس هناك فرق؛ فبالرّغم من أنّ أمير المؤمنين (ع) قد وجّه هذه الرّسائل لولاته أمثال مالك الأشتر، الأشعث بن قيس، عثمان بن حنيف، وآخرون ولكنّ الخطاب يشمل كافّة المسؤولين الّمكلّفين بالأعمال في أيّ مستوى كانوا. 15/12/2000

المصدر
كتاب عهد الأمير للمسؤول والمدير | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟