Site icon دار الوفاء للثقافة والإعلام

ضرورة مراقبة ما يصدر منّا

بعد ذكر هذه المقدّمة يقول (ع) إنّني أرسلتك إلى منطقة كان عليها حكّام قبلك. فإنّ مالك الأشتر لم يكن أوّل شخص يتقرّر أن يحكم مصر؛ وكان قبله أشخاص حكموا مصر، إن كان بعد الفتوحات الإسلاميّة أو قبلها، حيث كان يوجد الملوك والفراعنة. يقول (ع) إنّني أرسلك إلى هناك، فانظر كيف كانت نظرتك بالنّسبة لمن سبقك؟ وماذا كنت تصدر عليهم من أحكام؟ واعلم أنّ نفس النّظرة ستكون في حقّك «ثُمَّ اعلَم يا مالِكُ أَنّي قَد وَجَّهتُكَ إِلى بِلادٍ قَد جَرَت عَلَيها دُوَلٌ قَبلَكَ مِن عَدلٍ وَجَورٍ وَأَنَّ النّاسَ يَنظُرونَ مِن أُمورِكَ في مِثلِ ما كُنتَ تَنظُرُ فیهِ مِن أُمورِ الوُلاةِ قَبلَكَ وَيَقولونَ فیكَ ما كُنتَ تَقولُ فیهِم». فنحن نجلس ونضع أفعال من كان قبلنا أو من كان مسؤولاً ومديراً قبل أن نستلم نحن المسؤوليّة والإدارة، نضعهم تحت المجهر، وننتقد كلّ حركة أو فعل صدر منهم ونُشكِل عليهم. مثلاً نقول: «كان عليه أن لا يفعل كذا»، «كان عليه أن لا يقول كذا»، و«كان عليه أن يفعل كذا». عليكم أن تعلموا أنّنا نجلس اليوم في نفس ذلك المكان حيث الأنظار متسمّرة نحونا وتقوم بإصدار الأحكام على أعمالنا. ولذا، يا مالك! عليك أن تنتبه وأن تعلم أنّ أيّ حرف أو عمل يصدر منك سيكون في معرض أنظار النّاس؛ وهذه الأنظار يجب أن تكون موافقة عليك في ما تضمر؛ أي إنّ الأشخاص الّذين ينظرون إليك، ليسوا الغرباء والبعيدين عنك؛ بل هم النّاس الّذين تديرهم، ويجب أن تكون قلوبهم وعواطفهم وانتماءاتهم معك؛ ولذا، عليك أن تنتبه بشكل كامل لتصرّفاتك وأفعالك؛ «وَإِنَّما يُستَدَلُّ عَلَى الصّالِحینَ بِما يُجرِی اللهُ لَهُم عَلَى أَلسُنِ عِبادِهِ».

Exit mobile version