مواضيع

العلاقات الخارجية لدول العالم الإسلامي مع القوى

ما هو موقفكم وموضعكم أمام الاتحاد السوفيتي، الدولة الجارة والكبيرة لإيران؟

موقفنا هو ذات الموقف تجاه أمريكا. القوى العظمى استغلّت شعبنا، ولا أرى أيّ فرق بين الدول العظمي، ولا حتّى بينها وبين إنجلترا، وعندما تصبح إيران مستقلّة حقاً، يمكنها أن تُقِيم علاقات صحيحة مع جميع دول العالم[1].

* * *

لا تظنّوا أنّ علاقاتنا مع أمريكا والاتحاد السوفيتي وأمثالهم علاقات تصبّ في صالحنا، إنّها علاقة أشبه بعلاقة الحَمَل والذئب! العلاقة بين الحَمَل والذئب ليست لصالح الحمل؛ إنّهم يريدون أن يحلبونا، لا يريدون أن يعطونا شيئاً. يعلنون أنّ استخدام هذا الدواء ممنوع هناك، خذوه وبيعوه في الشرق! كيف يفكّرون عنّا؟! الدواء الضّار والمحرَّم هناك يرسلونه إلينا! إن لم يكن ضارّاً لم يمنعوا استخدامه هناك! هذا الدواء يجب أن يُباع هنا!

كيف يفكّرون بالشرق ودول العالم الثالث؟! كيف يفكّر هؤلاء؟ ما هو تصوّرهم عن هذه الشعوب؟! هؤلاء الذين لديهم منظّمات لحقوق الإنسان ولحقوق الحيوان ـ أيضاً ـ، إلّا أنّ كلّ هذه المنظّمات والجمعيّات هي جمعيات لحفظ مصالحهم. ينتهكون حقوقنا ويضمنون مصالحهم باسم حقوق الإنسان. يقولون إنّه يجب حماية حقوق الحيوانات أيضاً، ويدافعون حتّى عن حقوق الحيوانات، وفي نفس الوقت يقتلون في الـ «فيتنام» الآلاف من الناس، ويقتلون مئات الملايين من الناس في مدن أخرى. كما أنّ الطائفة التي تتحدّث عن «حقوق الإنسان» هي التي تقوم بتدمير الإنسان وسحق حقوقه. وللأسف الشديد؛ نحن نصدّق هذه الادعاءات، والمتحدّثون لدينا يدعمون حقوق الإنسان التي يتكلّم عنها هؤلاء؛ والحال أنّ حقوق الإنسان لا يؤسّسها إلّا الإسلام وقادته كالإمام علي بن أبي طالب! ليس أولئك الذين يأكلون البشر ويسمّون ما یقومون به «حقوق الإنسان»[2].

* * *

سؤال: كيف سيكون موقف سماحتكم وعلاقاتكم مع دول العالم الكبرى والدول العظمى ودول الشرق والغرب وغيرها من الدول بعد تمكّن الحكومة الإسلامية في إيران والحصول على السلطة؟

الجواب: سنتعامل مع جميع الدول وفق مبدأ الاحترام المتبادل، إذا ما احترمتنا تلك الدول. وإذا ما أرادت الدول والحكومات أن تفرض علينا أمراً، فلن نقبل ذلك. لا نَظلم أحداً ولا نبقى تحت وطأة وظلم الآخرين[3].

* * *

 سؤال: كيف ستكون سياسة الجمهورية الإسلامية الخارجية، خاصّة فيما يتعلّق بالقوى العظمى؟

الجواب: سياسة الدولة الإسلامية هو الحفاظ على الاستقلال وحرّية الشعب والدولة والبلد، وسيكون مبدأ الاحترام المتبادل بعد الاستقلال الكامل، ولا فرق بين الدول العظمى وغيرها[4].

* * *

سؤال: كيف ستكون علاقة الدولة المُقبلة مع الغرب؟ هل يجب على جميع الأجانب الموجودين هنا أن يغادروا إيران؟

الجواب: إنّنا لسنا على خلاف مع الشعوب الغربية؛ بل نودّ أن تكون بيننا علاقات حميمة أيضاً، أمّا بالنسبة للدول التي أساءت معاملة الشعب الإيراني، فنحن لا نستطيع أن ننظر لهم نظرة جيدة، لكن وعلى أيّ حال؛ سوف نتعامل مع الغربيين بما تقتضيه العدالة، ولا نتصرّف بظلمٍ أبداً مع أيّ شخص[5].

* * *

سؤال: بخصوص السياسة الخارجية، ماذا سيكون موقف سماحتكم من دولٍ مثل الولايات المتّحدة وروسيا وإسرائيل؟

الجواب: لن تكون لنا علاقات مع إسرائيل؛ لأنها غاصبة وفي حالة حرب مع المسلمين. أمّا بخصوص أمريكا والاتحاد السوفيتي، فإذا لم يتدخّلوا في شؤوننا الداخلية، وأقاموا معنا علاقات حسنة، فسنقيم علاقة معهم[6].

* * *

سؤال: هل تعتقدون أنّ قيام الحكومة الإسلامية سيُخلّ بالتوازن الحالي بين الشرق والغرب في هذه المنطقة من العالم؟

الجواب: الحكومة الإسلامية حكومة حرة ومستقلّة، ومبدأ علاقاتها بالنسبة للشرق والغرب هو واحد. إن أقاموا علاقة جيّدة معنا، فإن الدولة الإسلامية أيضاً ستقيم علاقات جيّدة معهم، لكنّنا لن نسمح لأحد أن يتدخّل في شؤوننا ومصير بلدنا[7].

* * *

السؤال: سماحة آية الله؛ هل تريد قطع جميع علاقات إيران مع القوى الأجنبية؟ أم ترغب في مواصلة هذه العلاقات؟ وفي حالة قطع العلاقة، هل ستكون سياستكم عنيفة جداً وضدّية؟

الجواب: كلا؛ إننا لا نريد قطع العلاقات؛ بل نريد قطع تبعيّة إيران للدول الأجنبية. لقد جعل الشاه إيران تابعة لأمريكا والدول الأخرى[8].

* * *

اليوم إرادة الأمّة هي التي تحكم، والأمّة بإرادتها القوية وإيمانها بأحكام الإسلام مكلّفة بمحاربة أيّ قوّة دفاعاً عن الشعب ودفاعاً عن وطنها وبلدها. ونطلب من كافّة القوى عدم التدخّل في بلادنا وفي شؤوننا الداخلية بأيّ نحو من الأنحاء، فإذا لم يتدخّلوا في شؤؤننا، فستكون علاقاتنا جيّدة مع الجميع[9].

* * *

سوف لن نسمح بعد الآن للقوى العظمى بالتدخّل في بلادنا[10].

* * *

كلّا! نحن لسنا على اتفاق مع أيّ قوّة من القوى العظمى، لن نخضع لهيمنة أمريكا، ولن نكون تحت وطأة الاتحاد السوفيتي، نحن مسلمون ونريد أن نعيش حياة فقيرة في مقابل نبقى أحراراً ومستقلين. إنّنا لا نريد التطوّر والحضارة التي تجبرنا على الاستجداء من الأجانب؛ بل نريد حضارة تقوم على الشّرف والإنسانية وتحافظ على السلام على أساس هذا المبدأ. إنّ القوى العظمى تريد السيطرة على إنسانية البشر، وواجبٌ علينا وعليكم وعلى كلّ مسلم الوقوف في وجه هذه القوى وعدم التنازل ورفض مخطّطاتهم؛ مخطّطات أمثال السادات وفهد. من واجبنا أن ندين مثل هذه المخطّطات التي لا تصبّ في مصلحة المستضعَفين. إنّني أؤكد لكم أنّ قضايانا ليست منفصلة عن قضاياكم، لكنّكم تعلمون جيداً أنّ أمريكا وعملاءها في الداخل لم يتركونا نستقرّ لحظة واحدة. لذلك؛ إذا لم نقدم لكم مساعدة جيّدة إلى الآن، فلأنّنا منشغلون بهؤلاء المجرمين، إنّنا نعتبر لبنان جزءاً منّا، ولا فرق بين شيعة لبنان وإيران، فمسلمو العالم كلّهم سواء بالنسبة لنا[11].

* * *


  • [1] مقابلة الإمام الخميني مع صحيفة لوموند الفرنسية بتاريخ 6/5/1978م
  • [2] کلمة الإمام الخميني في جمع من المدرسين بتاريخ 26/10/1979م
  • [3] مقابلة للإمام الخميني مع الإذاعة والتلفزيون الألماني القناة الثانية بتاريخ 6/11/1978م
  • [4] مقابلة الإمام الخميني مع صحفيين من البرازيل، إنجلترا، وتايلند … بتاريخ 9/11/1978م
  • [5] مقابلة مع الإمام الخميني أجراها صحفيون نرويجيون وفاينانشيال تايمز اللندنية… بتاريخ 29/11/1978م
  • [6] مقابلة الإمام الخميني مع قناة كانان الفرنسية بتاريخ 8/1/1979م
  • [7] مقابلة الإمام الخميني مع مجلة اكسبريس بتاريخ 10/1/1979م
  • [8] مقابلة الإمام الخميني مع التلفزيون الفرنسي بتاريخ 15/1/1979م
  • [9] تصريحات الإمام الخميني مخاطبا السفير السوفيتي بتاريخ 26/2/1979م
  • [10] تصريحات الإمام الخميني يوم وصوله إلى قم بتاريخ 10/12/1357؛ صحيفة الإمام ج 6، ص 278؛ صحیفة النور ج 5، ص 130.
  • [11] تصريحات الإمام الخميني في جمع من أعضاء حركة أمل بتاريخ 28/10/1981م
المصدر
كتاب السياسة الخارجية والعلاقات الدولية في فكر الإمام الخميني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى