مواضيع

العلاقات الخارجية لدول العالم الإسلامي مع أمريكا

سؤال: ما هو دور الولايات المتّحدة إذا تمّت الإطاحة بالشاه؟

الجواب: ما نريده من أمريكا هو أن تحترم مصالح الشعب واستقلال البلاد، وتمتنع عن التدخّل في شؤوننا الداخلية[1].

* * *

سؤال: ما هو موقف سماحتكم من القوى العظمى: روسيا ـ الاتحاد السوفيتي ـ والولايات المتّحدة؟ هل تستشعرون خطر التدخّل العسكري منهم في إيران مستقبلاً؟

الجواب: كلّا؛ نحن لا نحتمل هذا الاحتمال بالشكل الذي تتصورونه، فالوضع الحاكم الآن في إيران هو في مستوى التدخّل العسكري الأمريكي المباشر. الشعب الإيراني يريد الاستقلال والحرّية، فكيف ستُحلّ مشاكل إيران مع تدخّل هاتين القوّتين؟ بطبيعة الحال؛ سوف نتعامل مع أيّ دولة وفق مبدأ العدالة، ما لم تتدخّل في شؤوننا وإذا عاملتنا بعدل[2].

* * *

سؤال: إذا تشكّلت حكومتكم التي ترومون لها، فما هي التغييرات التي ستحدث في علاقات حكومتكم مع أمريكا؟

الجواب: لا نريد أن نظلم أمريكا، ولا نريد أن نكون تحت وطأة القمع والظلم الأمريكي. لقد قاموا بأمور ظلمونا من خلالها، فلن نسمح لهم بها، لكن ستكون لدينا علاقات ودّية مع جميع الشعوب، فإذا عاملتنا الدول وفق مبدأ الاحترام، فسوف نتعامل معهم باحترام[3].

* * *

علاقاتنا مع أمريكا ومع بقيّة دول العالم سوف تكون مبنية على مبدأ الاحترام المتبادل، لن نعطي أميركا الحقّ في تقرير مصيرنا. إنّ ما فعلته وتفعله الحكومات السابقة في أمريكا، والآن حكومة السيّد كارتر، يدلّ على أنّها لا تزال تلجأ إلى كلّ الوسائل للحفاظ على هذه الدولة ـ القائمة على مبدأ الملكية ـ من أجل مصالحها الخاصّة، وبالتالي فهي لا تزال تعادي النهضة الإسلامية الحالية، وطالما بقي الوضع على هذا النحو، فإنّ رأيَنا تجاه السياسة الأمريكية سيكون سلبيّاً أيضاً. بالطبع؛ نحن نفصل حساب الشعب الأمريكي عن الحكومة الأمريكية، ونطلب من الشعب الأمريكي دعم الحركة الإسلامية في إيران. إنّ العلاقة الحاليّة بين إيران وأمريكا هي علاقة السيّد والعبد، فمن الواجب والمؤكّد أن تتحوّل إلى علاقة سليمة[4].

* * *

سؤال: كيف ستكون العلاقة بين دولة سماحتكم الإسلامية وأمريكا؟ هل ستستمرّون في بيع النفط للغرب؟

الجواب: سوف نتعامل مع جميع الدول باحترام، إذا لم تتدخّل في شؤوننا الداخلية وتعاملت معنا وفق مبدأ الاحترام المتبادل. سوف نبيع النفط لكلّ الزبائن، وسوف نمنع التجاوزات والأخطاء التي كانت تقع سابقاً بخصوص النفط وما هو ضدّ مصالح البلاد، لكن بخصوص بيع النفط، فسنقوم ببيعه.

* * *

سؤال: كيف ستكون علاقاتكم مع الاتحاد السوفيتي؟

الجواب: كما هو الحال مع أمريكا، لا فرق في هذا الأمر، العلاقات هي نفسها[5].

* * *

سؤال: ما هي الحكومة التي ستُشكّل بعد استقالة الشاه؟ يعتقد العديد من الأمريكيين أنّ الحكومة المقبلة ستكون معادية لأمريكا.

الجواب: حكومة الجمهورية الإسلامية لا تعارض ولا تخالف أيّ حكومة أو دولة؛ فإذا تصرّفت أمريكا بطريقة إنسانية مع هذه الحكومة وحافظت على مبدأ الاحترام، فإنّ هذه الحكومة ستتعامل معها بناءً على مبدأ الاحترام المتبادل؛ كغيرها من الدول[6].

* * *

سؤال: ما هو رأيكم بالنسبة لأمريكا؟ لقد قلتم بأنّ علاقاتكم مع الدول الداعمة للشاه لن تكون جيّدة، وسوف تقطعون العلاقات مع الحكومات الداعمة للشاه، هل هذا يعني أنّه طالما كان كارتر في السلطة في أمريكا، ستكون عدوّاً لأمريكا؟

الجواب: ما زال يعادي الشعب الإيراني ويؤيّد الشاه، فنحن ضدّه، لكن ليس لدينا أيّ عداء مع الشعب الأمريكي[7].

* * *

ما لم يتمّ تدمير كيان الشاه بشكل كامل، ولم نقم الحكومة الإسلامية كما نريد، لا يمكننا الحديث عن العلاقات مع أمريكا بشكل قطعيّ ومؤكّد. لكن إذا افترضنا أنّ أمريكا تُقيم علاقات جيّدة مع إيران، فإنّ إيران أيضاً ستكون لها علاقات جيدة معها[8].

 * * *

سؤال: هناك تقارير تفيد بأنّ مسؤولي الحكومة الأمريكية اتّصلوا بسماحتكم. فهل يمكن أن تخبرونا عن جزئيّات هذا الاتصال؟ هل سيكون هناك تعاون مستقل بين حكومتكم وأمريكا مستقبلاً؟

الجواب: لم يتّصلوا بي شخصيّاً إلى هذا الوقت، وستُقام علاقات مبنية على مبدأ الاحترام المتبادل إن شاء الله، ولكنّنا مستقلون تماماً ولن نخضع لضغوط أيّ دولة[9].

* * *

قبل يوم أو يومين، أدان مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع في الصحف الإعدامات التي نُفّذت في إيران. الشخص الذي طرح الخطة هو أحد أصدقاء إسرائيل ومن الصهاينة! حسناً؛ من الواضح أنّ مجلس الشيوخ الأمريكي يجب أن يديننا، لا شكّ فی ذلك! إنّنا نعرف أنّ هؤلاء سوف يدينوننا. الحكومة الأمريكية تديننا أيضاً، لكنّها لن تصرّح بذلك. البرلمانات الأمريكية تديننا؛ لأنّ الإصابة التي خرقت قلب أمريكا بسبب هذه النهضة لم تخرق قلب أحد! لم تستفد أيّ دولة أخرى بقدر ما كانت أمريكا مستفيدة، فلا بدّ أن ندان! إنّنا لا نتوقّع بأن يتّفق مجلس الشيوخ الأميركي معنا، إنّه توقّع في غير محلّه! فمن غير المعقول أن نتوقّع أنهم لن يدينوا نبأ الإعدامات التي نقوم بها. كما لا نتوّقع ذلك من أمريكا أيضاً؛ خاصّة وأنّ الحكومة الإيرانية قطعت النفط عن إسرائيل، وسوف لن تعطيه لإسرائيل إلى الأبد، فهي من أصدقاء أمريكا ومجلس الشيوخ الأمريكي.

لقد هدّدتنا الدولة الأمريكية بأنّه إذا استمرت عمليات الإعدام هذه، فسوف يكون هناك بعض الخطر في العلاقات بين إيران والولايات المتّحدة. يا رب اجعلها في خطر! ماذا نريد بالعلاقة مع أمريكا! علاقاتنا مع أمريكا هي علاقة المظلوم مع الظالم؛ علاقة المنهوب مع الناهب، ماذا نريد أن نفعل بهذه العلاقة؟![10]

* * *

إذا كان المراد من العلاقات هي العلاقات التي كانت بين إيران وأمريكا حتّى الآن؛ أي العلاقات التي كانت بين إيران وأمريكا في عهد الشاه السابق، فإنّها لم تكن علاقة متكافئة؛ بل كانت علاقة سيّد يفعل بخادمه ما يشاء، ينفّذ الخادم كلّ ما يريده السيّد منه. فإذا أردنا أن نطبّق الإسلام، فلا ينبغي لنا أن نكون خدماً بعد الآن، وإذا لم نكن خدماً فستقطع هي علاقتها معنا. نسأل الله قطع العلاقة، فلن نقبل الذلّ من أجل علاقة مع دولة عظمى. ليس من الشرف أن تكون لنا علاقة مع أمثال الولايات المتّحدة. لن تتمتّع الحكومة الأمريكية ـ للأسف ـ بكرامة إنسانية لكي نرغب أن تكون لنا علاقة معها لكرامتها الإنسانية. الحكومة الأمريكية هي كما ترون؛ حيث تجد المظلومين في أيّ مكان تسلخهم، تذهب حيثما استطاعت وتسقط القنابل على رؤوسهم، تنهب احتياطيّات الشعوب حيثما تستطيع. أ نريد أن تكون لنا علاقات مع هؤلاء؟! الأفضل ألّا تكون لنا علاقات معهم، الأفضل عدم إقامة علاقات مع أولئك الذين يريدون سرقتنا؛ كي يعودوا إلى رشدهم ويفهموا أنّ هناك شرقاً في العالم، ويعرفوا أنّ الشرق أيضاً له مكانة[11].

* * *

فليأخذونا بعين الاعتبار، وليعلموا بأنّنا شعب، ولدينا دولة، هناك شعب ونظام، ليفهموا ذلك. دعهم ينزلون من مركبهم، ولنسر معاً لفترة من الوقت، فإذا نزل السيّد كارتر من العرش الذي هو فيه وجلس على الأرض وتفاهم معنا، فنحن جلساء الأرض سنتفاهم معه أيضاً؛ بالإضافة إلى أنّه يجب أن يعوّض الظلم الذي ارتكبه بحقّنا. ليست لدينا خلافات مع الشعب الأمريكي، لا يوجد اختلاف بين الشعوب. على الحكومة القادمة أن تتفاهم معنا، لا ينبغي أن يكون الأمر على أساس أنّني جالس في القصر الأبيض وأنت جالس في الكوخ، وعلى ساكني الأكواخ أن يكونوا رعايا لساكني القصر الأبيض. إذا ما أدركوا هذه الكلمة وفهموها كما نفهمها نحن، فلماذا لا نقيم علاقة معهم! ستكون لدينا علاقة مع حكومة الولايات المتّحدة أيضاً، ومع كل العالم. لكن إذا كان الأمر كما هو الآن، فماذا نريد أن نفعل بهذه العلاقة لنأخذ زمام المبادرة بأيدينا؟ هل من أجل الخدمة؟! أ نأخذ زمام المبادرة لكي نكون خَدماً ونقدّم كلّ شيء لهم؟! الخادم عندما يُستأجر يعطونه أجراً، لكنّ هؤلاء يستأجرون الخدم ويأخذون كل ما يملكون! ماذا نريد أن نفعل بالعلاقة مع هؤلاء؟! لا داعي للعلاقة معهم على الإطلاق[12].

* * *

سؤال: إذا تمّ حلّ أزمة الرهائن، فهل تتوقّعون تطبيع العلاقات؛ كاستئناف شراء الأسلحة والصفقات التجارية مع أمريكا؟

الجواب: نحن ضدّ أي نوع من المعاملات التي تضرّ بمصالح المسلمين. إنّ العلاقات التجارية والتبادلات الأخرى مقبولة بالنسبة لنا طالما تصبّ في مصلحة شعبنا، وفي نفس الوقت، إنّ الدولة هي المسؤولة عن توقيع مثل هذه الاتفاقيات وليس أنا[13].

* * *

لقد قلتُ مراراً وتكراراً وأعلن الآن أيضاً؛ إنه يجب على إيران أن تواصل هجماتها الحاسمة ضدّ هذا العالَم الشرس حتّى قطع كلّ تبعيّاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية عن أمريكا. وبعد ذلك، إذا سمح شعبنا اليقظ والشريف بذلك، فسنقيم علاقة طبيعية جدّاً مع الولايات المتّحدة وعلى مستوى الدول الأخرى[14].

* * *

إنّهم يريدون إثارة الضجيج كي تكون لنا علاقات مع أمريكا، ونتخلّى عن صدّام، سنصمد حتّى النهاية ولن نقيم علاقات مع أمريكا إلّا إذا أصبحت آدميّة وتوقّفت عن القمع والظلم، ولا تأتي من الجانب الآخر من العالم إلى لبنان، ولا تمدّ يدها نحو الخليج الفارسي. فطالما بقيت أمريكا على هذا النحو، وجنوب أفريقيا تتصرف على ذلك النحو، وإسرائيل موجودة، فلا يمكننا أن نتعايش معهم. إسرائيل لا تستطيع أن تكون آدميّة، لكن كما ترون الشياطين يقولون إنّ إيران لها علاقة مع إسرائيل وأمريكا رغم أنّنا صرخنا قبل عشرين عاماً في عهد الشاه ودعونا المسلمين إلى فهم خطر إسرائيل! يجب أن نؤمن بأننا بلد يريد أن يعيش لوحده، ولا يريد أن يتدخّل الآخرون في شؤوننا. ما دامت علاقتنا مع الله قويّة، فلن يستطيع أحد أن يضرّنا[15].

* * *


  • [1] مقابلة الإمام الخميني مع مجلة أمريكية بتاريخ 10/11/1978م
  • [2] مقابلات مع صحفيين من صحيفة الهدف اللبنانية وراديو النمسا بتاريخ 30/11/1978م
  • [3] مقابلة الإمام الخميني مع صحفي أمريكي بتاريخ 1/12/1978م
  • [4] مقابلة الإمام الخميني مع التلفزيون الوطني الأمريكي بتاريخ 2/12/1978م
  • [5] مقابلة الإمام الخميني مع صحيفة لوس أنجلس تايمز بتاريخ 7/12/1978م
  • [6] مقابلة الإمام الخميني مع مراسل التلفزيون الأمريكي بتاريخ 11/12/1978م
  • [7] مقابلة الإمام الخميني مع صحفيين أجانب بتاريخ 4/1/1979م
  • [8] مقابلة الإمام الخميني مع التلفزيون الأمريكي بتاريخ 12/1/1979م
  • [9] مقابلة الإمام الخميني مع مراسلين أجانب بتاريخ 15/1/1979م
  • [10] تصريحات الإمام الخميني في تجمع عشائر النيريز في فارس بتاريخ 22/4/1979م
  • [11] مقابلة الإمام الخميني مع الصحفيين المسلمين المقيمين في إنجلترا و… بتاريخ 17/12/1979م
  • [12] مقابلة الإمام الخميني مع الصحفيين المسلمين المقيمين في إنجلترا و… بتاريخ 17/12/1979م
  • [13] مقابلة مراسل مجلة التايم مع الإمام الخميني بتاريخ 5/1/1980م
  • [14] رسالة الإمام الخميني بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية بتاريخ 11/2/1980م
  • [15] كلمة الإمام الخميني في لقاء وزير الخارجية والسفراء…. بتاريخ 28/10/1984م
المصدر
كتاب السياسة الخارجية والعلاقات الدولية في فكر الإمام الخميني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى