عدم الانحياز
الحمد لله؛ الشعب الإيراني اليوم شعب استثنائيّ ليس له مثيل، فلا تجدون اليوم دولة جميع هتافاتها «لا شرقية ولا غربية»؛ فجميع الدول إما تابعة للكتلة الشرقية رسمياً، أو تابعة للكتلة الغربية رسمياً. أو أنّهم يتّبعونّهما في الخفاء؛ حتى دول عدم الانحياز، فلا تصدّقوا بأنّها دول غير منحازة، وإن كانت هناك ـ حقيقيةً ـ دولة غير منحازةٍ بينهم، فهو أمر نادر جداً. إننا اليوم نواجه الشرق والغرب، إمّا الكتلة الشرقية وإمّا الكتلة الغربية، فكلّ القوى التي لها قدرة في جميع أنحاء العالم هي بيدهم[1].
* * *
ومن قضايا هذا المؤتمر المُسمّى بمؤتمر قمّة عدم الانحياز، القادة الأوائل الذين قاموا بتأسيس هذا المؤتمر، في الماضي كانوا أشخاصاً ملتزمين جداً بالإسلام وبلدانهم، وغير منحازين للقوى العظمى، أمّا اليوم فهم خليط من أجناس مختلفة، وكثير منهم غير منحازين، وإذا كانوا كذلك، فلا ينبغي أن يكون بينهم منحازون. فإذا كان أمثال حسين الأردني وحسن وحسني مبارك وأمثالهم غير منحازين، فالكلّ غير منحاز! فليقولوا إنّ هناك مجموعة منحازة ومجموعة غير منحازة، فأحد الأمور التي ينبغي لهذا المؤتمر ـ عدم الانحياز ـ القيام بها، وهو على رأس كلّ المهام ويجب عليهم القيام بذلك لاحقًا، هو أنّه ينبغي عليهم أوّلاّ فصل المنحازين عن غير المنحازين، فلا ينبغي لهم أن يسمحوا لكلّ من يدّعي بأنّه غير منحاز الدخولَ بينهم، فلعلّ بين أولئك من تبعيّتهم وإطاعتهم للشرق والغرب أكثر حتّى من المنحازين، فإذا دخلوا فيهم يؤثّرون عليهم، فيحرفون المسار ويُضلّون الآخرين.
فأوّلاً يجب تصفية دول عدم الانحياز، الدول التي تريد أن تكون مستقلّة، الدول التي تريد عدم الانحياز، يجب أن يتمّ تطهيرها أوّلاً، يجب تصفية هذا البرلمان وهذا المؤتمر. على هذه النهضة أنّ تطهّر نفسها من العناصر التي تدخل باسم عدم الانحياز لكنّها تريد أن تخدم إما الولايات المتحدة ـ وهذا ما يحدث في الغالب ـ أو الاتحاد السوفيتي وهو كثير أيضاً. فإن كان هؤلاء بينكم، لن يسمحوا لكم بالبقاء غير منحازين، لن يسمحوا لكم بالعمل لصالح الدول الضعيفة، لن يسمحوا لكم بفصل انتماءاتكم عن الدول، إنّهم يسبقونكم في الشعارات. عليكم أن تنظروا لهذا المؤتمر الذي انعقد وانتهى قبل بضعة أيام فقط، كانت أمريكا من بين الذين دعموا ذلك المؤتمر، أمريكا التي تريد أن تضع العالم كلّه تحت سلطتها، لو كانت تخاف من هذا المؤتمر وتظنّ أنه سوف يثور عليها، لم تكن لتمدحه أبداً، ولن تمدح أعضاءه، إلّا أنّهم امتدحوا هذا المؤتمر؛ لأنّ أملهم بالأشخاص الذين شاركوا في هذا المؤتمر؛ كأمثال: حسين الأردني وحسني وصدام وأمثالهم، فقد دخل هؤلاء على أساس أنهم غير منحازين، لكنّ هؤلاء غير المنحازين بطريقتهم الخاصّة يريدون أن يجعلوا منكم جميعاً غير منحازين بذات الطريقة. فإذا كنتم تريدون حقاًّ أن تكونوا مجموعةً غير منحازة وقادة غير منحازين وتتمكنوا من العمل وفقًا لمبادئ عدم الانحياز؛ فاجعلوا تطهير المؤتمر على رأس أولياتكم. فإن وُجد فيكم فاسد، فلن يسمح لكم بالعمل، عليكم أولاً أن تنفضوا أمثال صدام وحسين وحسني وحسن وأمثالهم من بينكم؛ لكي تتمكنوا من تنظيم مؤتمر صحيح وحركة غير منحازة، وبخلاف ذلك، سوف تعقدون اجتماعاً كلّ عدة أعوام بكلّ هذا الجهد والنفقات وكلّ هذه المتاعب، دون القيام بأيّ شيء سوى طرح قضيّة لا يتمّ التعامل والتفاعل معها، سوف لن تقوموا بأكثر من هذا؛ لأنّ هناك أناساً بينكم لا يسمحون لكم بأن تقوموا بأي عمل.
ينبغي أن يكون على رأس الأمور إقصاء هؤلاء، ثم تجلسون لوحدكم، كما أنّ إيران لا تمدّ يدها إلى أحد ووقفت خلال هذه السنوات مستقلة، رجالها ونساؤها وقفوا بوجه أمريكا وبوجه الاتحاد السوفيتي وبوجه كلّ معتدٍ، هؤلاء في الحقيقة غير منحازين، ليس لديهم انحياز ثقافي، ولا انحياز عسكري، ولا أيّ انحياز آخر. فإذا كان هناك من يقول: ليس لدينا انحياز عسكري ولكن لدينا انحياز ثقافي، فإنّ الانحياز الثقافي أسوأ من الانحياز العسكري. إنّه اعتماد واتّكال وليس انحیازاً، وهؤلاء الذين يناقشون بأنه انحياز وعدم انحياز هم عملاء وخدم، هؤلاء أيضاً منهم. إن أردتم أن تكونوا غير منحازين، فعليكم أن تقوموا بتغيير الأساس. ليس المطلوب عدم الانحياز العسكري فحسب؛ بل عليكم أن تكونوا غير منحازين في الصناعة وفي الثقافة وفي كلّ الأشياء التي يحتاجها البلد، فإن حدث هذا، فستصبحون غير منحازين ويمكنكم الوقوف على قدميكم. لكن إذا كان هؤلاء الأشخاص بينكم، فسوف لن يسمحوا لكم بالبقاء غير منحازين، وسيجعلونكم تواكليين وتابعين، سيجعلونكم أسوأ من المنحازين؛ لأن الانحياز يشتمل على الطرفين، واحد ينحاز للآخر، لكنهم يريدونكم أن تكونوا تابعين، دون أي قيد وشرط، كما هم أنفسهم تابعون ويعملون من أجل القوى العظمى، ويجعلون جميع ثروات بلادهم – رغم الفقراء المتواجدين في جميع أنحاء البلاد – تصبّ في جيوب القوى العظمى. عندما يدخل هؤلاء بينكم، يفعلون بكم مثل ذلك. آمل أن يفكّر غير المنحازين الحقيقيين جيّداً، ويطردوا هؤلاء الفاسدين؛ كي يتمكّنوا من فعل شيء لبلدانهم وللدول الضعيفة[2].
* * *