الدفاع عن كیان الإسلام والمسلمين
إنّنا مستعدون ـ في كلّ الأحوال ـ للدفاع عن الإسلام والدول الإسلامية وعن استقلال الدول الإسلامية. إنّ برنامجنا برنامج الإسلام، برنامجنا هو وحدة كلمة المسلمين، وحدة الدول الإسلامية، برنامجنا هو الأخوّة مع جميع الفرق الإسلامية في جميع أنحاء العالم، برنامجنا هو التحالف مع جميع الدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم ضدّ الصهاينة، وضدّ إسرائيل، وضدّ الدوّل المستكبرة، وضدّ من ينهب ثروات هذا الشعب الفقير دون مقابل والأمّة البائسة تحترق بنار الفقر والبطالة والجوع[1].
* * *
أيها المسلمون الغيارى في جميع أرجاء العالم؛ استيقظوا من سباتكم وحرّروا الإسلام والبلاد الإسلامية من أيدي المستعمرين وعملائهم[2].
* * *
إذا كان هناك خطر يهدّد أخاً في أيّ مكان من العالم، إن كان هناك خطر على أخٍ في الدين، فلا ينبغي على أخيه في الجانب الآخر من العالم أن يكون غير مهتمّ ولا مبالٍ بما يحدث لأخيه. يجب أن ينهض لنصرته إن أمكنه، وإن لم يتمكّن، فعليه أن يوفّر الأرضية لإزالة الظلم في زمنٍ ما[3].
* * *
ألا يا مسلمي العالم، ومضَّطهدي الكون؛ أفيقوا وتحكّموا في مقدّراتكم ومصيركم، إلى متى تبقون جالسين وواشنطن أو موسكو تحدّد مصيركم؟! إلى متى تداس «قدسكم» وتبقى تحت أحذية حثالاتٍ كأمريكا وإسرائيل الغاصبة؟! إلى متى تبقى القدس وفلسطين ولبنان والمسلمون المستضعفون في تلك البلدان تحت سيطرة المجرمين وأنتم متفرّجون، ويجلب بعض حكّامكم الخونة النارَ إليهم؟! إلى متى يظلّ ما يقارب من مليار مسلم في العالم، وما يقارب المائة مليون عربي في أقطار واسعة وذخائر لا نهاية لها، يشاهدون ما يقوم به الشرق والغرب وحثالاتهم من نهب وطغيان ومجازر لا إنسانية؟! إلى متى تتحمّلون الجرائم الفظيعة بحقّ إخوتكم في أفغانستان ولبنان ولا تستجيبون لصرخاتهم؟! إلى متى؟! بدلاً من مواجهة أعداء الإسلام وإنقاذ القدس، بحمل الأسلحة النارية وبالقوة العسكرية والإلهية، تقضون الوقت في الحوارات السياسية والتسويات مع القوى العظمى، وتمنحون إسرائيل مهلة لارتكاب جرائم لا هوادة فيها، وتشاهدون المجازر التي تقوم بها. ألا يعلم قادة الأمّة؟ ألم يروا على مدى التاريخ أنّ المفاوضات السياسية مع القوى العظمى والسياسيين المجرمين لن تنقذ القدس ولا فلسطين ولا لبنان؛ بل إنّها ستسبّب في ازدياد الجرائم والمظالم يوماً بعد يوم[4]؟
* * *
ألا يا مسلمي العالم! ويا أيّها المستضعفون تحت ظلّ سطوة الظالمين! انهضوا واتّحدوا ودافعوا عن الإسلام ومقدّراتكم! ولا تخافوا من ضجيج القوى العظمى، فإنّ هذا القرن ـ بإذن الله القادر ـ قرن غلبة المستضعفين على المستكبرين، وغلبة الحقّ على الباطل. وعلى العالَم أن يعلم أنّ إيران قد وَجدت سبيلَ الله، وستستمرّ بقتالها ضد هذا العدوّ الحاقد إلى قطع مصالح أمريكا ـ آكلة العالم ـ دون أيّ مداهنة، والأحداث في إيران ليس فقط أنها لن تؤخّرنا لحظة عن خوض هذا الطريق؛ بل ستزيد من إصرار شعبنا على قطع مصالح الأمريكان. لقد بدأنا كفاحنا الجادّ الذي لا هوادة فيه ضدّ أمريكا، ونأمل أن يرفع أبناؤنا راية التوحيد في العالم بعد التحرّر من نير الظالمين. ونحن على يقين أنّ أطفالنا سيذوقون رحيق النصر؛ إذا واصلنا واجبنا في محاربة أمريكا المجرمة بدقّة. أليس من العار على المسلمين في العالم أن يخضعوا لهيمنة المستكبرين واللّصوص وقراصنة القرن؟ بالرّغم من رصيدهم البشري والمادي والروحي العظيم، ودينهم الراقي والمتقدّم، والدعم الإلهي! ألم يحن الوقت لأن يضعوا أهواءهم النفسية جانباً، ويتكاتفوا مع بعضهم البعض بالمودّة والأخوّة لمحو أعداء الإنسانية وطردهم من الساحة، وأن يضعوا حدّاً لحياتهم المُخزية والمليئة بالظلم والذلّة؟ ألم يحن الوقت للشعب الفلسطيني المقاتل والمتحمّس أن يدين ألاعيب مدّعي محاربة إسرائيل السياسية بشدة من خلال استخدام الأسلحة ضدّ إسرائيل وتمزيق صدر عدوّ الإسلام والمسلمين اللّدود؟ فما هو جواب المسلمين أمام الله تعالى الذي دعاهم إلى الاعتصام بحبله، ونهاهم عن الفرقة والشقاق؟ ألا يرَون أنّ من واجبهم دعم شعب إيران وحكومتها، التي أسقطت راية الكفر ورفعت راية الإسلام المجيد بالجهاد المقدّس؟ هل يعتبر وعّاظ السلاطين قمعَ الثورة الإسلامية الإيرانية أكثر ضرورة من معارضة أمريكا وإسرائيل؟! إنّنا ندعو إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى الاتحاد مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن يدفعوا بعون الله تعالى شرّ المجرمين، ويرفعوا الهيمنة عن البلاد الإسلامية وعن أرض المظلومين، وأن يستجيبوا لدعوة الله تعالى في هذا الأمر المهم والحيوي بشكل إيجابي[5].
* * *
أطلب من جميع المسلمين أن يسيروا على طريق الإسلام بكلّ قوّة وعزم، وينصروا الإسلام حتّى إقصاء وعزل أعداء الإسلام تماماً ـ إن شاء الله ـ أولئك الذين لا يستطيعون رؤية الإسلام[6].
* * *
الآن وقد رفع المسلمون الفلسطينيون الثائرون الشجعان أصواتهم الهادرة من حيث معراج الرسول الخاتم (ص) بجهد جبّار وبصوت إلهي، ودَعوا المسلمين إلى القيام والوحدة، وانتفضوا ضدّ الكفر العالمي، فبأي عذر أمام الله عز وجل ويقظة الضمير الإنساني يمكن أن نبقى غير مبالين بهذا الأمر الإسلامي؟! الآن وقد لَطّخت دماءُ شباب فلسطين الأعزاء جدرانَ القدس، حيث سمعوا جواب مطالبتهم بحقوقهم المشروعة من رشّاشات حفنة من المحتالين، أليس عاراً على المسلمين الغيارى ألّا يستجيبوا لدعواتهم المظلومة وألّا يُبدوا تعاطفهم معهم؟! فعسى أن توقظ صرخة هذا التعاطف الحكومات، لتستخدم قوّة الإسلام العظيمة لقطع يد أمريكا ـ آكلة العالم ـ القوّة المجرمة في تاريخنا التي ترصّ بيد إسرائيل الظالمة عبر البحار وتدعمها، وعسى أن تنقِذ صرختهم المظلومين في أرجاء العالم[7].
* * *
على المسلمين أن ينتفضوا وينهضوا، فقد قال الله تعالى: <إِنَّما أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا اللَّهَ مَثْنَى وَفُرادی>. لا تقولوا: إنّنا لوحدنا! فعلينا النهوض وإن كنّا لوحدنا، كما علينا القيام جماعة. علينا أن ننتفض معاً، علينا جميعاً أن ننتفض لله ولحماية البلدان الإسلامية من هاتين الغدّتين السرطانيّتين؛ حزب البعث العراقي الفاسد وإسرائيل، ومنشأ كليهما هي أمريكا[8].
* * *
إنّنا لا نريد الاستيلاء على العالم، لتخيفوننا بأنّه ليس من الممكن الاستيلاء على العالم، إنّنا نريد مساعدة المسلمين ومواساتهم، فإن تمكنّا من ذلك، فبها ونعمت، وإن لم نتمكّن فلنا أجرنا. إنّنا نريد مساعدة الشعب العراقي، الشعب العراقي المظلوم الذي يُسحق تحت أقدام هؤلاء الطغاة والظلمة، نريد أن نقضي على آلام هؤلاء. ألا ينبغي للمسلم أن يقضي على آلام المسلم الآخر؟ إنّ للإسلام حدوداً. نريد أن نعرف ألَمَهم، إنهم يصرخون: «يا للمسلمين!»، فعلينا أن نلبّي صراختهم. الشعب العراقي يُسحق تحت أقدام هذا الخبيث، فإنّنا مسؤولون أمام الله وعلينا أن نُجيب. في جميع أنحاء العالم، إذا نادانا شخص ما: «يا للمسلمين»، فعلينا أن نقوم لنصرته ورفع الظلم عنه بقدر ما نستطيع. إنّنا لا نقول بأنّه يمكننا القيام بكلّ شيء في كلّ مكان؛ بل علينا أن ندافع عن حقوق المسلمين بقدر ما نستطيع. المسلمون لا تعني الإيرانيين فحسب؛ فالمسلم الذي يسمع نداء مسلم يطلب العون منه ولا ينهض لمساعدته ولا يبالي بما يحدث له ليس بمسلم. إنّ عدم انتباهكم لهذه النقطة انحراف، انحراف عن الإسلام، إنّه استخفاف بمقاصد الإسلام. فالإسلام لم يأت لإيران فحسب، لقد جاء الإسلام للعالم بأسره، إنّ البعثة بعثة للجميع، ويجب على الجميع أن يكونوا تابعين لأوامر الإسلام[9].
* * *
نحن لا نعتبر بلدنا إيران فحسب؛ بل نعتبر كلّ الدول الإسلامية هي بلدنا، وعلى المسلم أن يكون كذلك. إننا نرى أنّ الدفاع عن جميع المسلمين أمر ضروري[10].
* * *
أُعلن بصراحة أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستثمر كلّ قدرَتها من أجل إحياء هويّة المسلمين الإسلامية في جميع أرجاء العالم، ولا ترى سبباً لعدم دعوة مسلمي العالم إلى اتّباع مبادئ الاستيلاء على القدرة في العالم، وإيقاف أطماع وجشع أصحاب السلطة والمال والمكر. فعلينا أن نخطّط لتحقيق أهداف ومصالح الشعب الإيراني المحروم، كما علينا أن نسعى بكل ما لدينا من أجل التواصل مع شعوب العالم ومعالجة مشاكل المسلمين وقضاياهم ودعم المقاتلين والمستضعَفين والمحرومين. يجب أن نعتبر هذا الأمر أحد مبادئ سياستنا الخارجية. إنّنا نعلن بأنّ جمهورية إيران الإسلامية ستبقى إلى الأبد داعمة للمسلمين الأحرار في العالم وملجأً لهم. وإنّ دولة إيران – باعتبارها حصناً عسكرياً منيعاً – ستسعى في توفير احتياجات جنود الإسلام وتعليمهم الأسس العقائدية والتربوية للإسلام، كما تعرّفهم أيضاً على أصول وأساليب القتال ضدّ أنظمة الكفر والشرك[11].
* * *
هيهات أن يبقى الخميني صامتاً هادئاً أمام اعتداء الشياطين والمشركين والكفار على القرآن الكريم وعترة رسول الله وأمّة محمد (ص) وأتباع إبراهيم الحنيف، أو متفرّجاً لمشاهد ذلّة ومهانة المسلمين. لقد قدّمتُ دمي وروحي ـ البضاعتين المتواضعتين ـ للقيام بواجبي في الدفاع عن المسلمين، وها أنا أنتظر الفوز العظيم بنيل الشهادة، فعلى الدول والقوى العظمى وأتباعها أن يعلموا أنه حتّى وإن بقي الخميني وحيداً، فإنّه سيواصل طريقه في القتال ضدّ الكفر والظلم والشرك وعبادة الأصنام. وبعون الله والقوات المتطوّعة الشعبية في جميع أرجاء العالم الإسلامي سيسلب النوم من عيون هؤلاء الدكتاتوريين الحاقدين، ولا يَسمح لآكلي العالم وأتباعهم الذين يصرّون على الظلم والقمع بالراحة والهناء[12].
* * *
إنّي نيابة عن نفسي وجميع الشعب الإيراني، أؤكد لجميع المسلمين بأنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية داعمة ومؤيّدة لقتالكم وبرامجكم الإسلامية، وتقف إلى جانبكم في كلّ حصن ضدّ المعتدين، وتدافع عن حقوقكم الماضية والحاضرة والمستقبلية إن شاء الله. فقولوا لهم إنّ قدرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقوّتها ملك لجميع الشعوب الإسلامية، وأنّ الدفاع عن الشعب الإيراني البطل والشجاع هو في الواقع دفاع عن جميع الشعوب المضطهدة[13].
* * *
علينا أن نضع هذا المعنى في أذهاننا؛ لنستعدّ بكل قوّتنا وحتّى آخر نفر منّا للجهاد في سبيل الله. فلا بدّ من الدفاع عن عرض المسلمين وأرضهم وحقوقهم، فعلينا أن نُعدّ أنفسنا لتحقيق الأهداف الإلهية والدفاع عن المسلمين[14].
* * *
- [1] الإعلان المشترك لآیات الله العظام الإمام الخميني، الميلاني، المرعشي النجفي، والطباطبائي، رقم 1343
- [2] رسالة الإمام الخميني بمناسبة أسبوع تعبئة المستضعفین بتاريخ 20/2/1980م
- [3] کلمة الإمام الخميني في جمع من علماء ورجال دين كردستان بتاريخ 26/08/1980م
- [4] رسالة الإمام الخميني بمناسبة يوم القدس العالمي بتاريخ 1/8/1981م
- [5] رسالة الإمام الخميني بمناسبة استشهاد حجة الإسلام قدوسي والعقيد وحيد دسنجردي بتاريخ 6/9/1981م
- [6] رسالة الإمام الخميني الإذاعية والتلفزيونية بمناسبة العام الجديد بتاريخ 21/3/1982م
- [7] رسالة الإمام الخميني بمناسبة انتفاضة الشعب الفلسطيني بتاريخ 14/4/1982م
- [8] تصريحات الإمام الخميني في جمع من ممثلي الحركات التحرریة العالمية بتاريخ 13/6/1982م
- [9] تصريحات الإمام الخميني في لقاء رئيس الجمهور و… بتاريخ 18/04/1985م
- [10] تصريحات الإمام الخميني بحضور السيد علي الخامنئي والسيد موسوي الأردبيلي ومير حسين موسوي والفلسفي بتاريخ 10/2/1986م
- [11] رسالة بمناسبة ذكرى مجزرة مكة الدموية وقبول القرار 598 بتاريخ 29/4/1367؛ صحيفة الإمام ج 21، ص 91 ـ 92؛ صحیفة النور ج 20، ص 238.
- [12] رسائل براءة لحجاج بيت الله الحرام بتاريخ 28/7/1987م
- [13] رسائل براءة لزوار بيت الله الحرام بتاريخ 28/7/1987م
- [14] لقاء مع أعضاء المجلس المركزي لحزب الله لبنان بتاريخ 28/2/1988م