الأمم المتّحدة – مجلس الأمن
الغرب كما ترونه، يرتكب مثل هذه الجرائم. هؤلاء يأخذون المجرم ـ على الإطلاق ـ ويدعمونه ويؤوونه، ولا يستمعون إلى كلام الشعب المظلوم، ولا يسمحون بتشكيل مجلس الأمن. ينهبون ويصادرون أموال إيران مثل اللّصوص وقطّاع الطرق. هذا هو الوضع في الغرب، وهذه المنظّمات التي أنشؤوها، كلّها لصالحهم ولتأمين مصالح الغرب، وليست للمظلومين أبداً. قد لا تجد في الأمم المتّحدة التي أنشأها هؤلاء حتّى مورداً واحداً خلال الاجتماعات التي عقدوها ـ عندما تتعارض مصالح أمريكا أو سائر القوى العظمى مع مصالح إحدى الشعوب المضطَّهدة ـ قد فعلوا فيه شيئاً من أجل الشعوب المظلومة. فمنذ متى ولبنان يعاني من هذا السرطان؟! ماذا فعلت هذه البرلمانات لها؟! طوال هذه الفترة التي كنّا نعاني فيها من هذه القضايا؛ خلال أكثر من خمسين سنة التي كنّا نعاني فيها من هذه المشاكل والمصائب، ماذا فعلت لنا هذه البرلمانات؟! إنّ هذه المجالس أُنشئت لتعمل لصالح القوى العظمى متى استوجب الأمر ولتحفظ منافعها، كذلك ليَخدعُونا بأنّ هناك مجالس أمن وبرلمانات وأمما متحدة وما إلى ذلك من هذه الأشياء التي صنعوها لنا ليحتالوا علينا، ونحن ننخدع بها أيضاً[1].
* * *
هذه المجامع التي أنشأها هؤلاء وأدانونا فيها، كان الأمر واضحاً فيها منذ البداية أننا مُدانون؛ لأنّه برلمان تمّ تأسيسه بأمر كارتر، وهؤلاء لا يخالفون كلام القوى العظمى، لذلك فإن تلك المجالس لا تعني شيئاً بالنسبة لنا، ولا قيمة لتلك الاجتماعات عندنا، فهم مخطئون مهما أدانونا، ولا قيمة لإدانتهم بالنسبة لنا؛ لأنّهم مخطئون[2].
* * *
وليعلم العالم أنّ هناك فئة تُدِين فئة أخرى، وأنّ هناك منظّمات تابعة لهم لها حقّ النقض، وأنّ القوى الكبری ينقضون كلّ ما هو ضدّ مصالحهم، وليس لنا أيّ حقّ غير أن نعاني دون قول شيء. فلا ينبغي لنا الاعتراف بمثل هذه المنظّمات ومثل هذه المسرحيّات لكي نرسل مندوباً إليها، فنحن نعلن منذ البداية أنّنا بحسب رأي مجلس الأمن والمنظّمة الدولية مدانون، وأنّ آراءهم تُديننا؛ لأن حكمهم هو حكم الحربة. أحياناً يستخدمون الحربة ضدّنا، وأحياناً يستخدمون القلم فيكون مفعول القلم ـ أحياناً ـ أسوأ وأكثر شرّاً من الحربة[3].
* * *
لقد قلنا مراراً وتكراراً بأنّ لدينا جرائم هنا، لا يمكننا إرسال شهود – هذه الجرائم – إلى أمريكا على سبيل المثال؛ فضلاً عن أنّ المجالس والمنظّمات التي تأسّست هناك جميعها في خدمة الدول العظمى[4].
* * *
إنّني أتمنّى إن كان أعضاء الأمم المتّحدة ومجلس الأمن حاضرين هنا، ويرونكم أيّها المعاقون الأعزّاء، ويشاهدون آثار جرائم أمريكا وأعوانها، ومن ثمّ يُصدرون حكمهم. يا ليت أصحاب القصور يشاهدون معاناتنا؛ كي لا يسمحوا بتوسعة جرائم دولة أمريكا المستبدّة ولا يجلبوا العار واللّعنة للمنظّمات الدولية ومجلس الأمن[5].
* * *
هذه المجالس الكذائية التي أنشأتها القوى العظمى في العالم؛ ولذلك لها حقّ النقض، كلّها من ألاعيب هذه القوى لابتلاعنا. إنّها في الواقع مناورات سياسية لإغفالنا وابتلاعنا[6].
* * *
في الواقع، إنّ أيّ منظمة يكون فيها دور ويد للقوى العظمى، فهي منظّمة يجب أن تنتهي لصالح القوى العظمى. فالأمم المتّحدة والاجتماعات التي تُعقد في الخارج وفي مجلس الأمن، كلّها في خدمة القوى العظمى، والغاية منها اللّعب على الدول الأخرى؛ لذلك يجعلون لأنفسهم حقّ النقض، لينقضوا أيّ قرار يصدر ضدّ رأيهم ويضعونه جانباً، فهذه المنظّمات في الأساس لخدمة الدول العظمى، والمنظمات التي يقوم هؤلاء بتأسيسها بأيّ اسم وعنوان يريدون بها جلب الجميع نحو مصالحهم الخاصّة. إنّنا نُسيء الظنّ بالقوى العظمى لدرجة أنّهم حتّى إذا قالوا شيئاً صحيحاً نظنّ به سوءاً، نظنّ بأنّهم قالوا ذلك لغرض ما ويريدون إغفال الناس وخداعهم[7].
* * *
تأتي إسرائيل وتأخذ الجولان، وتضمّها إلى سائر ممتلكاتها المغتصَبة، ثمّ تأتي هذه المنظّمات ـ التي أَنشأت نفسها بنفسها وليست من إنشاء الشعوب؛ بل أُسّست من قِبَل مجموعة من الدّول الكبرى – وتعقد مجلساً ومسرحيةً عظيمة، وتأتي مجموعة أكبر تصوّت لصالح الطرف المعتدَى عليه، ثم تأتي أمريكا وتستخدم حقّ النقض. هذا أسوأ من حكم الغابة، فعلى الأقلّ حكم الغابة حكم غابة، لكنّ حكومة هؤلاء هي حكومة البلطجة والعنف، إنّهم يحكمون ويتصرّفون بشكل أسوأ من الغابة، ويريدون أن يقنعوا الشعوب بأنّ لديهم منظّمة حقوق الإنسان وأمماً متحدة، فتحدث في أمريكا والاتحاد السوفيتي ذات الأمور التي تحدث في الغابة بل أسوأ من ذلك، ومن ثم تأتي المنظّمة الدولية وتقوم بمناورة وتعقد مجلساً، فيصوّت البعض ضدّها، وحتّى إن صوّت الجميع ضدّها، فالجميع يعلم أنّ هذا التصويت المخالف ليس له أي تأثير؛ لأنّ أمريكا تقف وتنهي الأمر بـ «لا» واحدة! أليس ما يقومون به لغواً؟ يريدون اللّعب على مَن؟! لقد وضعوا أسس هذه المجالس بأنفسهم، وأسّسوا هذه المنظّمات بأنفسهم. إذا لم تكن من صنيعتهم، فبأيّ مناسبة يجب أن يكون لدولة أو عدّة دول متنمّرة حقّ النقض أي «الفيتو»؟ لقد جعلوا هذا منذ البداية ليلعبوا على الدول الضعيفة والمضطَهدة، فلا يوجد في العالم أسوأ من هذه الجريمة وأسوأ من هذه الوحشية، ففي حكم الغابة هناك طبيعة وفطرة واحدة، وعلى أساس تلك الطبيعة يكون الظلم بالسّوية، لكنّ هذه المنظمات التي أُسّست بأيديهم الإجرامية تقضي على كرامة الإنسان وإنسانيّته باسم المناداة بحقوق الإنسان، والدفاع عن حقوق الإنسان. يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان وكل الجرائم التي تقع في العالم بأيدي هاتين القوّتين، ولا تتكّلم هذه المنظّمات بكلمة واحدة، وإن تكلّمت بشيء، فهو أشبه بالنكتة والمزاح من الجدّية، ثم يتحدّثون بتلك الأشياء عن إيران ويتوقّعون أن تستمع إيران إلى كلامهم! لقد سلكت إيران طريق الإسلام، وتعتبر كلّ هذه المنظّمات عميلة وخادمة للقوى العظمى[8].
* * *
عندما ينظر الإنسان إلى المنظّمات الأمنية في العالم، يرى أنّها منظّمات غير أمنية، ليست هناك منظّمة أمن، لكنّ اسمها منظّمة أمن. ينظر البشر إلى المجاميع الداعمة للإنسان والتي تنادي بالدفاع عن الإنسان، فيرى أنّ هؤلاء يؤيّدون الظالمين، وليسوا مؤيدين للإنسان[9].
* * *
ليس هناك من يسأل هذه القوى العظمى عن الأحداث التي تجري الآن في العالم بسببهم! أجل؛ يوجد من يحتجّ هنا وهناك، إلّا أنّ المشكلة هي أنّ من يدير هذه المنظّمات الكبرى في العالم هم أربعة أو خمسة أشخاص، فلا يمكن أن نطلق على مثل هذه المنظّمات اسم منظّمات أمن أو منظّمات حقوق الإنسان أو ما شابه ذلك. إنّها منظّمات فاقدة لمحتواها، يديرها أربعة أو خمسة أشخاص؛ والحال ينبغي أن تكون منظّمات للدفاع عن جميع الناس؛ لا أربعة أو خمسة أشخاص يملكون كلّ شيء، وإن صوّت الجميع على أمر ما، يأتي واحد من هؤلاء الأشخاص ويقول «لا»، فينتهي الأمر. إن حقّ «الفيتو» أمر لا يمكن لأحد أن يقبله، ولكن هذه المنظّمات التي ينبغي أن تكون عالمية وعامّة المنفعة والمخصّصة للدفاع عن حقوق الإنسان والأمن في العالم، قبِلَته! إنّه لا يمكن لأي شخص حتى من غير الناضجين عقلياًّ أن يقبل هذا الأمر. كيف يمكن أن يسود العدل العالم كلّه والحال أنّ السلطة في يد شخصين أو عدّة أشخاص قلائل! أشخاص نهبوا كلّ مكان، وعندما تريد هذه المنظّمة الدولية ـ بحسب ما تدّعي ـ أن توقفهم، يستخدمون حقّ النقض على الفور، فيصوّتون على قرار منظّمات الدول بـ «لا»، ليس لكم الحقّ أن تفعلوا هذا، فأحدهم يهاجم أفغانستان، وإن اعترضه أحد وقال «لماذا؟» يجيبه: اخرس! ويهاجم الآخر بيروت ـ على سبيل المثال – وإن أراد أحد أن يتكلّم، يقولون له اخرس![10].
* * *
فما هو جواب أمريكا وغيرها من الجهات التي تدّعي الحياد، لكنّها في نفس الوقت متعاضدة مع هذه الجرائم بشكل واضح؟! إنّ المحافل الدولية ومنظّمات حقوق الإنسان ـ هؤلاء العملاء لأمريكا والقوى العظمى ـ تتغاضى عن هذه الجرائم التي تُرتَكب ضدّ الإنسانية. لقد جاؤوا ورأوا ما ارتكبه صدّام من جرائم وأكّدوها وأبلغوا عنها، فلماذا لم تنبس هذه المنظمات العالمية ببنت شفة؟! إنّ هذه المنظّمات الدولية هي منظّمات في خدمة القوى العظمى، وليست في خدمة المظلومين والمحرومين، فعلى كلّ أمّة أن تقف هي في وجه الجرائم بنفسها[11].
* * *
والغريب أنّه قبل يومين أو ثلاثة – قبل هذه الجريمة – قال أحد مسؤوليهم – ربما كان صدّام نفسه ـ بأنّنا أبلغنا الأمم المتّحدة أو إحدى هذه المنظّمات بأنّ لنا الحقّ في قصف كافّة أنحاء إيران، ونحن نحتفظ بحقّنا هذا. والأمم المتّحدة ـ التي من المفترض أن تحمي حقوق الإنسان ـ صمتت ولم تعلّق على هذا القول، وشجّعته بصمتها على ارتكاب مثل هذه الجريمة[12].
* * *
- [1] تصريحات الإمام الخميني في جمع من ممثلي مجلس الخبراء بتاريخ 15/11/1979م
- [2] تصريحات الإمام الخميني في لقاء ممثل الرئيس كيم ايل سونغ رئيس جمهورية كوريا الشمالية بتاريخ 7/12/1979م
- [3] مقابلة الإمام الخميني مع الصحفيين المسلمين المقيمين في إنجلترا بتاريخ 17/9/1979م
- [4] تصريحات الإمام الخميني في تجمع جرحى ومعاقين الثورة الإسلامية بتاريخ 18/9/1979م
- [5] رسالة الإمام الخميني بمناسبة أسبوع الجرحى والمعاقين بتاريخ 1/12/1979م
- [6] تصريحات الإمام الخميني في اجتماع ممثلي المجلس الإسلامي بتاريخ 25/5/1980م
- [7] تصريحات الإمام الخميني بين المشاركين الإيرانيين في مؤتمر نصف العقد للمرأة في كوبنهاغن بتاريخ 10/9/1980م
- [8] أقوال الإمام الخميني في جمع من الأساتذة بتاريخ 24/1/1982م
- [9] أقوال الإمام الخميني في جمع من علماء قوافل الحج بتاريخ 22/8/1982م
- [10] أقوال الإمام الخميني في جمع من علماء قوافل الحج بتاريخ 22/8/1982م
- [11] تصريحات الإمام الخميني في لقاء وزير ونواب وزراء الحرس الثوري الإيراني بتاريخ 11/8/1983م
- [12] تصريحات الإمام الخميني في لقاء وزير الصناعات الثقيلة بتاريخ 23/10/1983م