مواضيع

الشوق الإلهي والطريق العرفاني في ساحة الجهاد

قرأتُ في إحدى الوصايا: إنني مضطرب لا يقرّ لي قرار وكأن ناراً مضطرمة في قلبي سلبت السكون مني. لا أشعر بالسكينة بأيّ شيء سوى بلقائك يا إلهي الحبيب العزيز! هذه كلمات أحد الشباب.

هذا الأمر الّذي قد يصل إليه سالك وعارف بعد سنين من الجهاد والرياضة، فإنّ شاباً حدَثاً، يشمله الفضل الإلهي في ميدان الحرب والجهاد، فيطوي طريق المائة عام في ليلةٍ واحدة، ويلقى الجواب المناسب لهذا الشّوق من بارئه. نفس هذا الشوق هو لطف إلهيّ وجاذبية لحضرة الحقّ تعالى. هذا أمر مذهل[1].

لقد استمرّت الحرب ثماني سنوات، وهي ليست بالمدّة القصيرة؛ فالحروب الكبيرة والمعروفة في العالم، في العصور القريبة منّا، استمرّت مدة أربع أو خمس أو ستّ سنوات أو ما يقارب هذا، لكنها ثماني سنوات من الحرب شهدتها رقعة واسعةٌ من الشّمال إلى الجنوب، من الشّمال الغربي إلى أقصى الجنوب. كانوا ينوون إشعار النّظام الإسلامي بالعجز عن مواجهة الأعداء، وإظهاره في موضع عجز وضعف، لكن أظهر الله يد قدرته، وحطّم أفواه أعداء الجمهورية الإسلامية وأعداء راية الإسلام المرفرفة بقبضته الحديدية، ومرّغ أنوفهم بالتراب، وأظهر قوة النظام الإسلامي؛ لأنّه قائم على إيمان الناس وعواطفهم، وأظهر قدرته على الدّفاع عن نفسه أمام جميع القوى العالمية المادية، وقدرته على إجبار الجهة المقابلة على الاعتراف بالعجز. لقد تقبّلوا عجزهم عن الصّمود أمام قبضة أبناء الإسلام والمؤمنين بالوعد الإلهي، وفشلت جميع دعاياتهم. كانوا يسعون لأن يُصدّق الشعب الإيراني المؤمن بالآيات الكريمة بأنه يعجز عن الوقوف في وجه قوى العالم المادّية، واعلموا أيها الإخوة الأعزّاء وجميع الشعب الإيراني، أنّ الشعب يُهزم عندما يعتقد بعجزه وضعفه عن القيام بشيء ما؛ فهذا [الشعور] هو بداية الهزيمة. وقد أرادوا خلق هذا الإحساس في قلوب الإيرانيين خلال الحرب المفروضة، لكن القضية انقلبت عليهم. لقد أظهرت الحرب والدفاع المقدّس للشعب الإيراني، أنّ الشعب يستطيع اجتياز جميع الصعوبات، ويمكنه الصّمود أمام الأعداء، وإرغامهم على التّراجع وإلحاق الهزيمة بهم في ظلّ الإيمان بالله، وحسن الظّن به، والاعتقاد بصدق الوعد الإلهي. لقد أثبتت الحرب هذا الأمر للجميع[2].


المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى