بطولة التعبويين وعمى الأقمار الصناعية الأمريكية
خلال دولة ريغن، كان [الأمريكان] يمدّون العراق بصور الأقمار الصناعية التي يلتقطونها لمكان تجمّع الإيرانيين وأماكن تنقلهم، لكن عندما قام شبابنا في التعبئة الشجعان بقطع نهر أروند العريض، وقضوا على قوات صدّام، كانت عيون الأقمار الاصطناعية قد عُميت، فلم يروا ولم يتمكنوا من الرؤية، ولم يستطيعوا المساعدة. وفي الكثير من الأحيان تم العمل على هذا النحو، فقد خطط لذلك ضباط الحرس الحاليون، السيد صفوي والإخوة وغيرهم. كم هي المعجزات الّتي صنعها الشباب المؤمن والشجاع! هل كان من الممكن نقل عدّة آلاف من العناصر من الأماكن البعيدة عبر أروند إلى تلك الجهة من الماء من دون أن يشعر العدو بذلك؟![1]
لقد نفّذنا [عمليات] “والفجر8”[2]، وهي حركة مستحيلة ولا يمكن تصديقها؛ بينما كانت الأقمار الصناعية تعمل لصالح العراق، وترسل المعلومات لها؛ أي أنّ مقرّات البعثيين الحربية كانت على تواصل مع أنظمة الأمريكيين التجسسية وأقمارهم الصناعية، وكانت تلك الأقمار تُسجّل تحركات قوّاتنا وأماكن تجمع العديد والعتاد وترسلها لهم مباشرة.
تلعب المعلومات في الحرب دوراً هاماً ومحورياً؛ لكن نجحت الآلاف من القوّات في عبور أروند ولم يعرف بها العدو تحت أنظار هذه الأقمار نفسها، مستعينةً – هذه القوات – بطرق غريبة وعجيبة قد لا تعلمون شيئاً عنها، وقد كانت واضحة بالنسبة لنا آنذاك، فإحدى مشاكل عملنا للأسف هي أنّ معلومات الحرب لا تنتقل بين الناس جيداً؛ لهذا لم تعرفوا أنّ هؤلاء استطاعوا من خلال الاستعانة بالشاحنات وعربات النقل وبأشكال مختلفة كأنهم يحملون البطيخ، نقل آلاف الناس المتنكرين بملابس عجيبة وغريبة، وفي الليالي المظلمة التي لا يوجد فيها حتى ضوء قمر، إلى ضفة أروند، وعبروا بتلك القوّات العظيمة إلى تلك الجهة من النهر؛ حيث يصل عرضه في بعض الأماكن إلى كيلومترين أو ثلاثة؛ وذلك غوصاً [أو سباحة] على الرغم من صعوبة الأوضاع في نهر أروند والتي قد تجهلونها.
يوجد في أروند تياران؛ أحدهما من جهة الشمال إلى الجنوب، وهو تيار أروند الرئيسي؛ حيث يتّصل كل من نهر دجلة والفرات بأروند من خلاله، وينطلقان معاً باتجاه الخليج الفارسي. وأما التيار الآخر فهو التيار المعاكس له والذي يحصل أثناء مدّ البحر، فعندها، تصب مياه البحر بعرض مترين أو ثلاثة أو أربعة من جهة الجنوب إلى الشمال؛ أي يصبّ البحر في النهر. وبهذا يُصبح هناك تياران متعاكسان بشكلٍ كامل[3].
- [1]من خطابه خلال لقاء التعبويين وطاقم إدارة الاستخبارات في محافظة همدان بتاريخ 6/7/2004م.
- [2] بدأت عمليات “والفجر8” في 9/2/1986م. استمرت هذه العمليات 75 يوماً ونجم عنها فتح مدينة “الفاو” الساحلية على يد مجاهدي الحرس الإسلامي.
- [3] عمليات “والفجر8” بدأت في تاريخ 9/2/1986م. وتم فتح منطقة الفاو في هذه العمليات التي استمرت مدّة 57 يوماً على يد حرس الثورة الإسلامية.