مواضيع

فتح خرمشهر: الانتصار والفرحة العارمة

في يوم الثالث من خرداد، في السّاعات الأولى الّتي استطاع مجاهدونا السيطرة على خرمشهر، اتّصل بي الشهيد صياد شيرازي ليُقدّم لي تقريراً عن أوضاع الجبهة؛ حيث كنت رئيساً للجمهورية آنذاك. قال لي بأنّ هناك آلاف الضّباط والجنود العراقيين الأسرى قد اصطفوا في طوابير ينتظرون دورهم حتى نُقيّد أيديهم. هذه هي قوّة الأمّة المعنوية![1]

[بعد فتح خرمشهر]، الأشخاص الّذين لم يكونوا على استعدادٍ ليخطوا خطوة واحدة في سبيل الثورة ومصالح هذا البلد، وكانوا يُجيدون الاعتراض والتّذمر فقط، استمرّوا بالضّغط كي ننهي الحرب. ولو لم تكن إرادة الإمام القوية والحازمة، لانتهت الحرب بانتصار العدو حتماً. هذه الأنفاس الخبيثة نفسها التي نفحت بتلك الوساوس في البلد آنذاك، رفع بعض أصحابها اليوم رؤوسهم ثانية وهم يكررون تلك الكلمات ويقولون لمَ لمْ توافقوا على وقف إطلاق النار بعد فتح خرمشهر؟!

بعد فتح خرمشهر، كان قسم كبير من أراضينا وحدودنا ومدننا وعدد كبير من الناس تحت سيطرة العدو الغاشم. كان التهديد يُخيّم على حدودنا، ويتم إمداد العدو بالدّعم من جميع الأطراف. كان يتوجّب علينا اجتثاث شرّ العدو عن الحدود، ولقد كانت هذه رؤية منطقية وعاقلة، وكان جميع المسؤولين في البلاد؛ من العسكريين وغيرهم، يثبتون هذا المنطق للجميع. كان الإمام شخصاً منطقياً وقد قرّر، وعمل بقراره، واستطاع بفضل الله أن يرفع رأس الشعب الإيراني[2].

[عندما] كان العدو يُسيطر على آلاف الكيلومترات من تراب بلادنا، كيف تعامل معنا العالم السّياسي؛ كمجلس الأمم وأمثاله؟! ضغطوا علينا من كافة الأطراف حتى نجلس ونتفاوض مع العراق لإيقاف الحرب والمقاومة. كانت دولتنا حديثة التأسيس آنذاك، وقد بدأت بالعمل منذ سنتين وواجهت هذا الهجوم الكبير، وكان العدو قد استقرّ على مساحة آلاف الكيلومترات من أراضينا، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال على حدود العراق المجاورة؛ لكن مع هذا كانوا يقولون لنا تعالوا لنتفاوض! التّفاوض من موضع الذّل والضعف والمماشاة مع العدو، يعني ملء يد العدو في المفاوضات.

 لو تمت تلك المفاوضات آنذاك، والتي كان بعض السياسيين يضغطون على الإمام لأجل عقدها، لكان من المؤكّد بقاء العراقيين في أكثر أراضينا، ولكانت خوزستان وخرمشهر والكثير من المناطق الأخرى لا تزال تحت سيطرة القوات المعتدية؛ لكنّ الإمام صمد. كان منطق الإمام هو أنّه ما دام العدو المغتصب في بلادنا ويهدّدنا بالفم الملآن، فنحن لا نفاوض إلا بعد خروج الأعداء من كامل أراضينا بشكلٍ كامل. اليوم يتغاضى البعض عن هذه الحقيقة بقلة شهامة.

آنذاك، كان بعض السياسيين الفارين من البلاد اللائذين بأمريكا وأوروبا وبقية المدن، يضغطون على الإمام عبر عقد مؤتمرات سياسية، وعبر الصحف وبرامج الراديو والتلفاز، من أجل التفاوض. وكانت المنظمات الأممية أيضاً تزور إيران باستمرار وتطلب من الإمام التفاوض، لكن الإمام صمد بإلهامه ورؤيته الواضحة، وإيمانه الراسخ، وتوكّله على الله، وقوة إرادته، وقال لن يكون التفاوض إلا إذا استرجعنا أراضينا، وهذا ما حصل فعلاً[3].


  • [1] من خطابه خلال لقاء عوائل الشهداء بتاريخ 22/5/2002م.
  • [2] من خطابه خلال لقاء مجموعة من الجرحى وعوائل الشهداء بتاريخ 22/5/ 2002م.
  • [3] المصدر السابق نفسه.
المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى