لقاء مع أهالي مريوان وتجارب على الحدود العراقية
في أحد الأيام وبينما كنتُ ذاهبًا لاستطلاع نقطة استطاعت قواتنا استردادها والسيطرة عليها في الجبهة بعد أن كان العدو قد سيطر عليها سابقاً؛ حيث كنت أتفقّد تلك الخطوط، والوحدات، والدّشم وشبابنا الأعزّاء المجاهدين، فجأة رأيتُ اثنين من الإخوة المرافقين لنا قادمين مسرعين، والعرق يتصبّب منهما، وكانا منزعجين وقلقين بحيث فصلاني عن المجموعة التي كانت تُقدّم تقريراً لي ليخبراني بأمرٍ هام.
وعندما سألتُهما عن سبب انزعاجمها، قالا: “بينما كنا نتجوّل في هذه المنطقة وقع نظرنا على جسد شهيد قد بقي هنا تحت الشمس”. انقلبت حالتي، وطلبتُ من الإخوة المسؤولين في ذلك الخط وفي تلك المنطقة أن يُتابعوا هذه المسألة سريعاً، ويحضروا جسد هذا الشهيد وكذلك أجساد باقي الشهداء التي من الممكن أن تكون قد بقيت. لكن في تلك الحال قلتُ في قرارة نفسي روحي فداء لجسدك الممزق يا أبا عبدالله! في مثل هذه الحالات يُدرك الإنسان صعوبة ما عاشتُه السيدة زينب الكبرى، عندما ألقت نفسها على جسد أخيها العاري ونادت بذلك الصوت الحزين وذلك اللحن الأجش، وانتشرت كلماتها في الفضاء وعبر التاريخ “بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى”[1].
- [1] من خطبة صلاة الجمعة في طهران بتاريخ 26/8/1988م.