مواضيع

عملية استطلاع في دب حردان

[في إحدى المرّات]، تقرر أن نذهب في عملية استطلاع حددها شمران بنفسه، فرافقته أنا وبعض الشباب، وكانت العملية في إحدى المناطق المعروفة بـ “دب حردان” والتي تقع في غرب الأهواز، وكنّا نريد الذّهاب من الشمال باتجاه تلك المنطقة؛ أي من معبرٍ يقع وسط جادة سوسنجرد. ذهبنا إلى المكان المقرر وثبّت الشباب مواقع القذائف هناك، ثم اتجهنا نحو دب حردان للاستطلاع، لنحدّد مواقع العدو وخصائصها.

عندما وصلنا إلى إحدى النقاط، انقسم الشّباب إلى عدّة مجموعات للاستطلاع في مختلف الجهات. وكنتُ أنا ومجموعة نستطلع إحدى النقاط، في الأثناء عادت المجموعة الّتي كانت ذاهبة لاستطلاع الأمام، وقالوا باضطراب شديد بأنّ ناقلة جند عراقية قد مرّت، وهي إمّا أنها جاءت لأجل الاستطلاع، أو أنها رأتنا، فجاؤوا ليقبضوا علينا، فكان هناك احتمال الوقوع في الأسر وهذه الأمور.

وعندما رأى الدكتور أنّ أفراد هذه المجموعة لا يحملون الآر بي جي، أرسل معهم عدّة أشخاص يحملون آر بي جي، لكنّ ذلك لم يكفه أو يُطمئن باله، فقرر الذهاب هو الآخر، وقد أردتُ الذهاب أيضاً، لكنه لم يوافق وطلب مني البقاء حتى عودته. وأذكر أنّ صوت ناقلات الجند كان مسموعاً؛ أي أن الآلية كانت على مسافة قريبة منا، ولربما يفصلنا عنها عدة مئات من الأمتار فقط. وكان معنا آر بي جي وأسلحه فردية من نوع جي 3 ورشاش، جلسنا في مكاننا ننتظر عودتهم، أو اللحاق بهم في حال احتاجوا للإسناد والدعم. 

في هذه الأثناء بدأوا بضربنا بإلقاء القذائف نحونا، وكنّا نحتمي بظلّ شجرة من الحرّ. فبدأوا بقصفها بشدة والتي كانت بمنزلة علامة.

انبطحنا قليلاً واتّخذنا وضعية الدفاع، لكن عندما رأينا أنّ النيران اشتدّت، قررنا التراجع إلى الخلف قليلاً من حيث أتينا، فعدنا مائة متر إلى الخلف، وانتظرنا لنرى ماذا سيحصل، هل سيستمرّون بالقصف أو أنهم سيتوقّفون. انتابنا الضحك بينما كنا ننسحب إلى الخلف بسرعة. في الأثناء، ألقوا عدة قذائف، فانبطحنا ثانية، لقد غمَرنا لطف الله فعلاً إذ لم تصبنا ، فكانت الشّظايا تتناثر حولنا على الأرض مصدرة أصواتاً مسموعة، كما كان هناك مجرى ماء قريب منا [كانت هذه الشظايا] تقع فيه وتُصدر صوتاً خاصاً لأنها كانت حامية.

عندما تراجعنا قليلاً، رأينا أنّ تلك النقطة الّتي كنّا جالسين فيها؛ أي في ظلّ الشجرة قد أصيبت، ولو كنا هناك، لكانت هذه القذائف ستسقط وسط المجموعة بيننا نحن الستة أو السبعة، ولا بد أنّ بعضنا كان سيستشهد. الغرض هو أنّ سعادة الشهادة لم تكن من نصيبنا، وكان من نصيبنا سعادة البقاء على قيد الحياة[1]


  • [1] من مقابلة مع الفريق التلفزيوني التابع للحرس بتاریخ 16/1/ 1982م.
المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى