الروحانية والمشاركة في الحرب
كانت تلك المرة الأولى الّتي أرتدي فيها زياً عسكرياً، ولم يكن أي رجل دين قد ارتدى ملابس عسكرية حتى ذلك الحين. لكن بعد مرور شهرين أو ثلاثة كان رجال الدين الّذين يترددون باستمرار إلى خرمشهر وآبادان، وكانوا يشاركون في الحرب بزيّهم وعماماتهم في بداية الأمر، صاروا يرتدون زياً عسكرياً تدريجياً، وبعضهم يرتدي زياً عسكرياً مع العمامة، والبعض يرتديه بدونها. في تلك الليلة أعطوني ملابس واسعة غير مناسبة، ووضعت قبعة على رأسي، وارتديتُ جزمة وحملت رشاشاً أيضاً[1].
على أيّ حال؛ ارتديتُ البدلة وحملتُ السّلاح، ولا أذكر إذا كان سلاحي أنا أم سلاح شخص آخر. فهذا السّلاح الّذي رأيتموه في الفيلم على كتفي، هو الرّشاش الخاص بي، وما زال بحوزتي، كان أحدهم قد أهداني إيّاه. وهو مختلف عن غيره من الكلاشينكوفات؛ حيث فيه مخزن لخمسين طلقة. ذهبتُ إلى العمليات في تلك الليلة الأولى، وربّما استمرّت لمدة ساعتين أو ثلاثة، هذا في حال أنّني لم أكن أجيد القتال، وكنت أجيد إطلاق الرصاص فقط، ولم أكن أعرف شيئاً عن العمليّات الحربيّة أصلاً.
خلاصة الأمر أنّ أحد الأعمال التي كنتُ أقوم بها في الأهواز كان تجهيز الفرق الّتي تذهب إلى صيد الدبابات، حسبما كان يُقال في تلك الأيام. كانت دبابات العدو قد وصلت إلى “دب حردان”، وكانت تبعد عن الأهواز أقل من عشرين كيلومتراً، وكانت قذائفها تصل إلى الأهواز، فهي تُطلق قذيفة عيار 120 أو أقل[2].
في أواسط شهر تشرين الأول، ذهبتُ إلى منطقة العمليات (شهر تشرين الثاني عام 80 وحتى أواخر شهر أيار أو أوائل شهر حزيران عام 81 )، وكان ذلك بعد حوالي خمسة عشر يوماً من بدء العمليات، وخلال هذه الأشهر الثمانية أو التسعة، كنتُ مستقرّاً في “الأهواز” لا في “آبادان”. وبعدها أُصبتُ ولم أتمكّن من الذّهاب ثانية. كانت نيّتي في البداية الذّهاب إلى دزفول، لكن تبيّن لي لاحقاً أنّ الحاجة في الأهواز أمسّ من بعض النواحي الأخرى[3].