مواضيع

بني صدر وتأجيج الخلافات الداخلية قبل الحرب

لقد بدأ هجوم العراقيين على أراضينا في الواحد والعشرين من أيلول عام 1980م، وقبل ذلك بثلاثة عشر يوماً؛ أي في 8 أيلول من العام نفسه، ألقى بني صدر خطاباً أجّج فيه نار الخلافات الدّاخلية بالتّطرق إلى مسائل لا يجدر بشخصٍ مسؤول [سياسيّ] أن ينطق بمثلها حتى خلال أكثر الأوقات استقراراً، مما تسبّب في تكدير الأجواء وإيجاد خلافاتٍ داخلية بين الناس. هل كان بني صدر في ذلك الحين مطّلعاً على قرب وقوع الحرب؟ على أيّ حال؛ فإنّ التّهتك والفشل ينطبقان عليه. وحسب ظنّي فإنّه كان يتوقّع حصول مثل هذا الهجوم؛ فقد صرّح بنفسه في إحدى المرّات بعلمه به، لكنّه كان يولي أهمية للمناقشات والنزاعات السياسية؛ حتى في حالة الحرب، ولم يتمكّن من إخفاء هذه النّفسية طيلة مرحلة الحرب أبداً[1].    

نحن لم نكن نمتلك شيئاً في بداية الحرب، ولقد كانت يدنا خالية تماماً؛ فكان لدينا القليل من العتاد الناقص، الذي لم يكن جزء منه في متناول اليد، وكانت بعض الأنواع مخبأة في المخازن، ولم يتم استخدامها إلّا بعد مضيّ مدة على اندلاع الحرب.

لقد كنتُ أعمل في مكتب الاستشارة في المقرّ العام للأركان، وأُتابع الأمور بصفتي ممثّل الإمام، وكان العسكريون يترددون باستمرار لتقديم التقارير [وبعض الأعمال الأخرى]، وكانوا شباباً متعهّدين  ومؤمنين. في أحد الأيام، قالوا يا سيد؛ لدينا بعض القذائف التي تُسمى قذائف 203، وهي أثقل أنواع القذائف لكنهم لم يضعوها في متناول أيدينا ولم يتمّ اقتراحها للاستعمال. ففي مثل هذه الحرب الّتي يمتلك فيها أعداؤنا كل هذه المعدّات، كان لدينا هذا النوع من القذائف الّتي يمكننا استخدامها لكننا لم نفعل ذلك.

لقد قمتُ بطرح هذا الموضوع في اجتماعنا [مجلس الدفاع الأعلى]؛ أي مع السّادة بني صدر والآخرين. لم يكن بني صدر على علمٍ بها أساساً، والبعض الآخر لم يرغب في طرح الموضوع، إلى أن قال أحد القادة الشهداء (رحمه الله) الّذين كانوا موجودين في الاجتماع: “نعم! نحن لدينا هذا [السلاح]، وهو مهم جداً”. قلت: “إذاً؛ لماذا لا تستعملونه؟!”؛ أي كان هناك بعض الأشياء الموجودة والّتي لا يتم استعمالها.

وفي الأهواز جاء شابٌ عسكري وأخبرنا بوجود ناقلة جند في مقر الفرقة 92، وهي من الطراز الجديد من نوع بي ام بي2، فكانت موجودة في تلك الثّكنة ونحن كنا نقول دائماً بأننا بحاجة إليها [أو مثيلتها].

في أحد الأيام، ذهبتُ إلى تلك الثكنة برفقة ذلك الجنديّ، ودخلنا من مدخلٍ غير المدخل الرئيسي، وذهبنا إلى وسط الثكنة، ورأيتُ بنفسي تسع أو عشر ناقلات جند هناك جديدة، لم تُنزع الألواح عنها بعد وقد تعرّضت للأمطار والرياح لأنها مكشوفة.

لقد كانت هذه حالتنا في بداية الحرب، فلم يكن لدينا عتاد حربي، ولا قوّات منظّمة ومستعدة وجاهزة، أو كان عددها محدوداً جداً؛ إضافة لبعض العتاد الذي لم نكن نعلم في البداية بوجوده ولم يتم الاستفادة منه؛ لأنّ بعض الذين كانوا يترأسون المناصب لم يكونوا مهتمين، لكننا نجحنا وتقدّمنا على الرغم من هذه الظروف[2].

كنّا بحاجةٍ لأسلاكٍ شائكة، فاشتريناها من بلدٍ أجنبي وأردنا إدخالها إلى إيران، وكان ينبغي أن تمرّ هذه الحمولة من الاتحاد السوفييتي السّابق، لكنهم لم يسمحوا بعبورها؛ لأنهم كانوا يدعمون العراق. الأسلاك الشائكة ليست قنبلة نووية، ولا قذيفة، ولا دبابة؛ مع ذلك لم يسمحوا لنا بالعبور! إلى هذا الحد كانوا يُسيئون معاملتنا. وقد كنّا بحاجة للقذائف، لكنهم لم يوافقوا على بيعنا؛ كما رفضوا بيعنا الدبابات، والأسلاك الشّائكة، وكان المهرّبون يبيعوننا إيّاها بضعف ثمنها أو ثلاثة أضعافه، لكن حاجتنا إليها اضطرتنا لأن نشتريها ولو بسعرٍ أغلى[3].


المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى