لم تتقدّم القوات المعادية من شدّة الخوف
إنّ أحد الإمدادات الإلهية في حرب الرّسول الأكرم (ع) هي تقليل قوّة الأعداء في نظر مجاهدي الإسلام، وقد ورد ذلك في القرآن في الآية التالية “إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقللكم في أعينهم”[1]. فكما تعلمون، تُعدّ الرّوح المعنويُة من أهم عناصر القتال، ولن يكون هناك فائدة لكثرة العدد في غياب المعنويات، ولقد لمستُ هذا الأمر خلال الحرب.
ففي إحدى المرات، لم يكن لدينا في غربيّ الأهواز سوى لواء واحد لمواجهة فرقتين عراقيتين، وهو لواء لا تصل قدراته إلى الکتيبة الواحدة! ومع هذا لم يجرؤ العراقيون على التّقدم خوفاً منه. حيث تقدّم العراقيون 20 كيلومتراً في الأهواز تقريباً، وتوقّفوا خوفًا من لواءٍ متموضع في الدشم التي حفرها. عندما كنا نذهب ونرى هذا اللواء، كنّا نشعر بالحزن عليه، فقد كان ضعيفاً بالفعل ولا يمتلك سوى بعض الدبابات، وهذا الأمر يُثير تعجب السامع. نعم؛ لقد كان لواءً ضعيفاً من حيث العتاد والعديد؛ خاصّة العتاد المدرّع بشكلٍ أساسي.
ولقد كانت منطقة “دب حردان” المعروفة – والتي لا بدّ أنكم سمعتم باسمها، وقد سيطر المجاهدون عليها فيما بعد – مركز العراقيين، وقد انتشرت هناك فرقتان ونصف منهم، لكنهم لم يتقدموا خوفاً من ذلك اللواء والذي يفصلهم عنه كيلومتران أو ثلاثة.
فقد تراءى لهم عددنا كبيراً، في حين أنّ قواتنا وشبابنا كانوا ضمن فِرَق صغيرة تتألف من خمسين أو ستين مقاتلاً قد يكونون من القوات المتطوّعة، أو الحرس، أو الجيش، أو خليطاً من الثلاثة أحياناً. وهم يقتحمون صفوف العدوّ، ويستهدفونه، ويُدمّرون الدّبابات، ثم يعودون؛ لأنهم يرون العدو قليلاً وضئيلًا وضعيفاً، فيتجرّؤون على اقتحامه.
وإن هذه الأمور التي رأيتُها ولمستها هي مدد غيبيّ، ولطف إلهي، وأنا أعتبره نابعاً من إخلاص قوّاتنا. وقد ذكرتُ آنذاك في صلاة الجمعة أولئك الّذين يعملون بإخلاص، ويتوجّهون إلى الله في الدّشم وبالقرب من الدّبابات، إن هؤلاء هم من يمهدّون لنيل اللطف الإلهيّ[2].