مواضيع

فيك عيب واحد فقط

أحد القادة المسلمين الواعين الّذين رأيتُهم طيلة عملي السّياسي هو “سكوتره”، فقد كان شخصاً واعياً جداً ومثقّفاً. وفي أسفاره العديدة إلى طهران، واللقاءات التي حصلت أبدى إعجابه الشّديد بالثورة. ومع أنه كان ضعيفاً ولم ينجح في الانطلاق في الطريق الّذي رسمه، ولم يوصل “غينيا كوناكري” إلى حيثما يُريد ويُفكر، فقد قطع الاستكبار عليه الطريق وحاصره بشتّى الطرق؛ لكنّه كان إنساناً سوياً وناجحاً ويفهم الأمور بشكلٍ صحيح. كان يُحبّ هذه الثورة والإمام من أعماق قلبه بالفعل.

خلال لقاءاتي به كان كلامه واعياً ودقيقاً بالفعل، وقد كان مختلفاً عن كلام الكثيرين من الناس الذين كنتُ أسمعهم. فخلال هذه السّنوات العشر، التقيتُ بالعديدين، وتحدّثتُ  مع الكثيرين، وسمعتُ الكثير من الكلام، ورأيتُ أنّ هناك قسم من الناس يتفوّهون بأمور لا تتجاوز ألسنتهم على خلاف القسم الآخر، وهذه الحقيقة يمكن تشخيصها، وما لاحظتُه فيه [أي سكوتره] أنّه كان صادقاً في كلامه. إحدى المرات قال لي: “فيك عيبٌ واحد وهو أنّك تتكلّم حول جميع الأعمال وتطرحها. بينما لا يمكن الكلام عن كل شيء، وما الداعي لذلك؟ لماذا تقول كل شيء؟”. ربّما في العام الأول لرئاستي عندما سمعتُ هذا الكلام منه، لم أتقبّله أبداً، كنتُ أقول في قرارة نفسي؛ هذه الدنيا ليست كما يتصوّر هو، فعندما أقول شيئاً أُبيّنه للعالم، وعندما أُخفيه أو أسكت عنه لن يعلم العالم به، ولن يتسبب كلامي بمشكلة، لكن التّجربة أثبتت لي لاحقاً أنه كان ناضجاً ويعي ما يقوله.

والآن أنا أتبنّى رأيه هذا، فبعض الإخوة يظنّون أنهم لوحدهم ويتفوّهون بأمور وأهدافٍ وآمالٍ يستغلّها الأعداء، كما كنتُ أفعل في السابق؛ لكن عليكم أن تحذروا من إعطاء الأعداء الذّرائع [التي قد يستغلها] … وإنّ وزارة الخارجية، والعاملين في السياسة الخارجية، والمجلس، وباقي مناصب الحكومة، وبعض أئمة الجمعة يقعون في الدرجة الأولى من الأهمية. إذاً؛ مسألة “التقية” أمر مهم جداً يجب الالتفات لها في السياسة الخارجية[1].


  • [1] من خطابه خلال اللقاء مع المسؤولين والعمال بتاريخ 29/1/1990م.
المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى