لم أشأ أن أترشّح
كنتُ أستمعُ إلى آراء النّاس قبل انتخابات رئاسة الجمهورية بشكلٍ دائم، على الرغم من أنني لا أملك الوقت لمتابعة التلفاز كثيراً، لكنني كنتُ أسمع هذه النّقاشات خاصّة. كانوا يجرون مقابلات مع الناس ويسألونهم: “ما هي توقّعاتك من رئيس الجمهورية؟”
ولقد قلتُ سابقاً في صلاة عيد الأضحى، إنني لم أكن أريد الترشّح [لرئاسة الجمهورية] بتاتاً، فأنا رجل دين، وبشهادة أهالي مشهد على الأقل، كنتُ ناجحاً في مجال عملي، بإمكاني تربية الناس والطّلاب، وتوجيههم، ونشر الوعي فيما بينهم، وإلقاء الخطب. وكنتُ أرغب في الاستمرار في عملي كرجل دين، ولم أرغب في المشاركة في هذه الانتخابات حقيقةً، لكن الإمام هو من أوجبها عليّ، وقال لي بشكلٍ صريح بأنّها واجبة ومتعيّنة عليك. و[كما ذكرتُ] قد قلتُ هذا في صلاة عيد الأضحى بعد انتهاء الانتخابات، ولم أقله قبل انتهائها حتى لا يتصوّر أحدٌ بأنّني أستغلّ هذا الأمر في الانتخابات، وتركتُ الأمور تسير في مجراها.
لكن بعد أن انخرطتُ في هذا الأمر، توجّب عليّ معرفة ما الذي يُريده النّاس، وما هي متطلباتهم، فصرتُ أستمع وأُدقّق في كلام النّاس [في مثل هذه المقابلات]، [وكانوا في الإجابة على سؤال] ماذا تتوقّع من رئيس الجمهورية؟ يوضّحون توقعاتهم بشكلٍ تفصيلي، ويشهد الله أنّ جسدي كان يرتجف عندها.
في يوم الانتخابات، كان النّاس يذهبون بحماسٍ وشوق، وكان بعضهم يُمسك بالصّندوق، والبعض الآخر يحملون أطفالهم ويذهبون، بينما الهمّ يُخيّم على صدري منذ صباح ذلك اليوم، واستمرّ لعدّة أيام بعدها؛ حيث يعلم الله أنني كنتُ أفكّر في ذلك الصباح بأنني ماذا سأفعل إذا قام الناس بالتّقدم إلى الصّناديق وانتخابي؟!
[في السابق] عندما كنت أؤمّ صلاة الجماعة في مسجد “كرامت”، كنتُ أُلقي خطبةً أيضاً ولقد كان الكثير منكم أو بعضكم على الأقل هناك ورأى تلك المجالس. عندما كنتُ أنظرُ أحياناً وأرى المسجد ممتلئاً، والزّقاق والشّارع والنّوافذ تعجّ بالجماهير، كان جسدي يرتجف مراراً. فقد يقول الإنسان كلمةً عن هوى نفسه، أو يُخطىء في كلمةٍ ما، أو يقول كلاماً غير موزون. وكنت أقول يا إلهي! أنا لا أستطيع مواجهة هؤلاء الناس يوم القيامة، فماذا سأفعل بهذه الجموع؟ ليته لم يحضر صلاة الجماعة معي أكثر من عشرة أشخاص! ليت الّذين يحضرون خطبتي لا يتجاوز عددهم العشرين شخصاً! فما بالي بكل هؤلاء الناس! والآن أنا الّذي كان جسدي يرتجف من مسجد “كرامت” المكتظّ بالناس، ماذا سأفعل بشعب إيران كافّة؟! في يوم الجمعة، كنت أشعر بحزنٍ خيّم على صدري. أنا لا أستطيع نسيان تلك الكلمات الّتي كان الناس يقولونها على شاشات التلفاز في ذلك اليوم؛ بل قبله وبعده أيضاً، فالناس يتوقعون الكثير من الأمور [من رئيس الجمهورية]؛ يتوقّعون الإصلاح في العمل الإداري، والتوزيع، والاستيراد، والإنتاج، والأعمال الاقتصاديّة المختلفة، والأعمال الثّقافية، ونشر العناصر الموالين لحزب الله، وطرد الانتهازيين الخبثاء[1].- [1] من خطابه في لقائه بالتّجار في مشهد بتاريخ 2/9/2006م.