مواضيع

شعرتُ بالخسارة

[في الفترة التي سبقت حادثة انفجار مكتب الوزارة]  كنتُ مريضاً، فكنتُ قد خرجتُ حديثاً من المستشفى[1]، وكنتُ أمضي مرحلة النقاهة في منزل يقع في منطقة نياوران، لكنني كنتُ مطّلعاً على ما يجري، فالمرحوم الشّهيد رجائي والشهيد باهنر والإخوة الآخرين كانوا يُعلمونني بالأوضاع والأخبار، لكنني لم أكن قادراً شخصياً على المشاركة بفاعليّة في الأحداث. وعندما تحسّنت حالتي بشكلٍ تدريجي، صرتُ أُشاركُ في الاجتماعات أحياناً، كما أنني شاركت في اجتماعٍ مهمّ أُقيمَ في غرفة المرحوم رجائي نفسها في الليلة الّتي سبقت الحادثة، وتكلّمنا فيها حول مسائل البلد المهمّة، لكنني في يوم الحادث كنتُ بعيداً عن المكان، وكان الوقت بعد الظهر، وكنتُ مريضاً ونائماً.

عندما استيقظتُ من النّوم سمعتُ بعض الهمهات بين الإخوة الحرس الّذين كانوا عندي، فسألتُهم عمّا جرى، فأخبروني بأنّ قنبلةً قد انفجرت في الوزارة. شعرتُ حينها بالقلق جداً، وسألتُ عمّن كان هناك، فقالوا بأنّ رجائي وباهنر كانا معاً؛ فاشتدّ قلقي، وذهبتُ إلى الهاتف بالرّغم من ضعفي وعجزي الشديدين، وأجريتُ العديد من الاتصالات، لكنّ جميع الأخبار كانت متناقضةً ومقلقة؛ أحدهم يقول بأنّهما بحالِ جيّدة، والآخر يقول بأنّهما خرجا أحياء، وثالث يقول لم يُعثر على جسديهما، وآخر يقول بأنّهما في المستشفى. وكنتُ أعيش حالةً من الانزعاج والقلق استمرّت حتى أوّل اللّيل؛ حيث اتّضح الأمر لي بعد أن تكلّمتُ مع الشيخ هاشمي أو السيد أحمد الخميني، وعلمتُ بما جرى حينها.

آنذاك، من الطبيعي أن تنتابني مثل تلك المشاعر ؛ فلقد فقدتُ اثنين من أصدقائي الأعزّاء والقدامى، وعنصرين من النخب الأوّل في الجمهورية الإسلامية، وكنت أشعر بخسارة كبيرة، وبالضياع والحزن من جهة. ومن جهة أخرى؛ كنت أشعرُ بالغضب على من تسبب بوقوع تلك الحادثة. ولذلك؛ وفي صباح اليوم التالي، ومع أنّني كنت متعباً جداً، نهضتُ وركبتُ السيارة، وأتيتُ للمشاركة في تشييع الجنازة في المجلس على الرغم من منع جميع الأطبّاء إيّاي من المشاركة، إلّا أنّني وجدتُ نفسي لا أتحمّل عدم المشاركة في المراسم؛ فأتيتُ إلى القاعة الموجودة أمام المجلس وألقيتُ  خطاباً حماسيا، وقد اجتمع حولي الرّفاق كي لا أقع على الأرض من شدّة ما كنت متحمّساً[2]


  • [1] بسبب حادثة محاولة اغتيال سماحته والتي وقعت في مسجد أبو ذر في طهران.
  • [2] من نص مقابلة أُجريت مع سماحته حول حادثة “8 يونيو” بتاريخ 17/8/1982م.
المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى