مواضيع

قد يستغرق تحريرهم ثلاثين عاماً

لقد كان لدينا خمسون ألف أسير بحوزة العراقيين؛ خمسون  ألفاً! وهم أيضاً كان لديهم عندنا مثل هذا العدد أو أقل منه بقليل، لكنّ الفرق هو أنّ الأسرى العراقيين عندنا كانوا جميعاً عسكريين؛ بينما الكثير من أسرانا عندهم كانوا مدنيين؛ حيث كانوا قد ألقوا القبض على النّاس المدنيين من هذه الصحاري وأخذوهم. بعد انتهاء الحرب، كنتُ أظنُّ أنّ استرجاع هؤلاء الأسرى من صدام قد يستمر ثلاثين عاماً! فقد شهدنا تبادل الأسرى في الحروب المعروفة وفي الحروب الدولية كحرب اليابان؛ حيث استغرق تحرير الأسرى عشرين أو ثلاثين عاماً، فكلّ طرف كان يدّعي وجود أسرى له عند الطرف الآخر، والآخر يُنكر ذلك. وبعد كثير من الإصرار، والإلحاح، والنقاشات، وصلوا إلى نتيجة في النهاية. فكنتُ أظنّ أنه يجب أن تُعقد آلاف المؤتمرات والاجتماعات كي نُثبت بأنّه لا يزال لدينا هذا العدد من الأسرى، ولنستعيدهم بالقطّارة.

وكما تعلمون، كان صدام شخصاً صعب المراس، وخبيثاً، ومؤذياً، يتبختر ويتفاخر كلّما شعر بالقوة. لقد كانت ذاته خبيثة وسافلة؛ وإنّ السّفلة متى شعروا بالقوة يشعرون بالزّهو ولا يمكن عقد أيّ صفقة معهم بتاتاً. وفي  المقابل عندما يشعرون بالضّعف وعندما يواجهون من هو أقوى منهم، يُصبحون أكثر تواضعاً من النملة! وقد شهدتم ذلك! فقبل أن يهاجم الأمريكان العراق في هذه المرة الأخيرة، كان صدام يرجوهم لعقد اتفاقٍ والاتّحاد ضد الجمهورية الإسلامية، لكن الحظّ لم يُحالفه كي يوافق الأمريكان على طلبه.

نعم؛ كنت أظنّ أنّ تحرير الأسرى سيستغرق ثلاثين عاماً، لكن الله تعالى هيّأ الأسباب، وقام هذا الأحمق بالهجوم على الكويت، لكنّه شعر أنّ الحرب على الكويت لأجل احتلالها بالكامل لن تؤتي ثمارها ما لم يكن مطمئناً من إيران، وهذا الأمر لا يمكن مع وجود الأسرى، فكتب في البداية رسالة إلى رئيس الجمهورية آنذاك، ولم يحصل على جواب واضح منه، فكتب رسالة أخرى لي وقرّر أن يحرّر الأسرى، والبعض يتذكّر ذلك. وفجأة عرفنا أنّ الأسرى قادمين من الحدود؛ حيث جاؤوا مجموعات مجموعات إلى أن تحرّر الجميع. لقد كان هذا من صنيع الله، وكان نصراً إلهياً، وهكذا هي القضايا الأخرى حتى اليوم[1].  


  • [1] من خطابه خلال لقاء أعضاء مكتب القائد والحرس المسؤولين عن حياة ولي الأمر بتاريخ 9/8/2009م.
المصدر
كتاب في محضر الحبيب – خواطر الإمام الخامنئي بلسانه وبيانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى