لا تتمسّكوا بالظّواهر
لقد أراني أحد مدراء المراكز الثقافية، صوراً لشهيد رفيع المقام، وهو شخص معروف ناشط في المجالات الثقافية، كنتُ أُحبّه كثيراً ولطالما أوصيتُ المراكز الثقافية بالاستفادة منه. كانت الصّور تعودُ إلى ما قبل الثّورة، ويظهر هذا الشّهيد فيها بمظهر شباب تلك الأيام. قال لي ذلك المدير يومها: “تفضّل! هذا هو الشّخص الّذي تمدحه أنت هكذا!”، نظرتُ إلى الصّور وقلت له: “لقد زادت محبّتي له؛ لأنّه كان في مثل تلك الأجواء وأصبح على هذه الحال، وعليكم من الاستفادة منه”.
في السّنوات الأولى الّتي تأسست فيها اللجنة الثّقافية للثّورة، كانوا يتشدّدون على شكل الشّباب الجامعيّ وظاهرهم. ومن سخرية القدر أنّ هؤلاء المتشدّدين أنفسهم قد تورّطوا ولم يعُد بالإمكان صدّهم بتاتًا. لقد كنتُ معهم في أحد الأيام، وأريتُهم صورةً لشابّ على الموضة الدارجة آنذاك؛ سرّح شعره بشكلٍ خاص وارتدى ربطة عنق، وقلتُ لهم: “هذا أحد شهدائنا؛ فشهداؤنا لم يكونوا من أهل الدّعاء والتّقوى والزّيارة منذ بداية حياتهم، لكن تغيّرت حالهم وانقلبوا، فلماذا تتمسّكون بظواهر صغيرة قد تتغيّر بالفعل؟”
وحقيقة الأمر هي أنّ اختلاف شبابنا اليوم عن شبابنا بالأمس ناجم عن اختلاف الأجواء التي تربّوا فيها؛ فشباب اليوم تربّوا في أجواء دينيّة؛ حيث تسود الظواهر الإسلامية ولا توجد عوامل فساد وشهوة. والآن يرُيد البعض إفسادهم عنوةً، ليقولوا فيما بعد بأنّ الشّباب ليسوا قادرين على الاستمرار في خطّ الثورة![1]
- [1] من خطابه خلال لقاء مدراء الإذاعة والتلفزيون بتاريخ 04/02/2003م.