مؤامرات الأعداء في الجيش
قد يكون هذا الكلام جديداً وغريباً عليكم، وهو كذلك بالفعل؛ لكنّه من العجائب الّتي حدثت. لقد كان لدى مستشارية الجيش الأمريكيّ أجهزةٌ في إحدى قوى الجيش الثلاث بعد عدة أشهر من انتصار الثورة، وربما بعد عام منها. كان معقلهم المركزيّ في المقرّ المشترك قد دُمّر وكانوا قد فرّوا منه، لكنّهم أبقوا عناصرهم الاستخباراتيين هناك لحفظ دِشمهم. ولو استحضرنا اليوم أسماء أعضاء مجلس الدّفاع آنذاك والذي كان مجلس دفاعٍ شكليّ، ستتعجّبون أيها الإخوة بأنّه كيف كان هؤلاء الأشخاص في هذا المركز الحسّاس في بداية الثورة. لقد شاركتُ أنا أيضاً في الحقيقة في ذلك الاجتماع في مجلس الشورى، ولكن لم يكن حضوري رسمياً؛ حيث لم يرغب أولئك الأفراد برؤيتنا، لكننا شاركنا فيه على الطريقة الثورية وبالأساليب الخاصة في الثورة.
رأيتهم قد أعدّوا لائحة لأجل التصويت في مجلس الدفاع الأعلى على المستشار الأمريكي في إيران، واقترحوا عدّة أسماء للتّصويت بشكلٍ رسمي؛ أي في الحقيقة للتوقيع على وجود المستشارية. حينها عرفتُ بأنّ المستشارين لا يزالون في إيران؛ فقلنا: “ماذا يفعل هؤلاء هنا؟ في البداية أثبِتوا لنا أصل وجودهم حتى يحين بعدها دور التصويت على أسماءهم”. كان المرحوم “شمران” العزيز حاضراً أيضاً، وساعدنا للتصويت على ضرورة مغادرتهم من إيران بسرعة. لقد كانوا وقحين وجريئين إلى هذه الدرجة، واحتفظوا بعناصر مستشارية أمريكا داخل جيش الجمهورية الإسلامية. وكانت هذه أحد الابتلاءات التي اجتازها الجيش بفضل الله، مما يدلّ على مقدار أملهم بالجيش وطمعهم فيه.
بعد مدّة من هذه الحادثة، خططوا لتنفيذ انقلاب في مقرّ الشهيد نوجه ونسّقوا لهذه العمليات. فكانت منظّمات التّجسس الخاصة بالجيش تنوي فتحه. كان هدفهم الأوّل النّجاح في هذه المهمّة، ثم القضاء على الثورة عبر الطابور الخامس المتوغّل فيه. وفي حال فشلهم في هذه العمليات يقومون على الأقل بإحداث شرخ بين الناس والجيش؛ أو بين الثورة والجيش.
كانت مؤامرةً خطيرة، لكن نجح الجيش في إبطالها أيضاً، وقد لا يعرف الشّعب الإيراني بأنّ من أفشل الانقلاب الخطير في مقرّ الشهيد نوجه هم شباب الجيش أنفسهم؛ حيث قاموا بإخبارنا بالأمر. فقد جاء شابٌّ طيّار في منتصف الليل، وطرق باب منزلنا وكان مصرّاً بشدة على الاستماع إلى كلامه، وكان مضمون كلامه أنّ هذا الانقلاب سيتم تنفيذه خلال الساعات الأربعة والعشرين القادمة. ولقد كان للعناصر الّذين يُتابعون هذه القضية، وللعسكريين وأفراد الجيش المتديّنين في ذلك المقرّ، الدّور الأكبر في إفشاله.
في هذا المشهد، الجيش هو من دافع عن نفسه؛ حيث لم يسمح لمخالب العدو بأن تطاله. ذلك الشابّ الطيّار أُصيب بجراح [في الحرب] فيما بعد، وآمل أن يشمله الله بفضله أينما كان. ولقد كان هذا امتحاناً آخر اجتازه الجيش وأفشل المؤامرة[1].
- [1] من خطابه في لقاء أعضاء جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 19/ 4/1995م.