“ريكه بوت” أخر
لا أنسى عندما كنتُ في إيرانشهر؛ في إحدى المرات، وبينما كنتُ ذاهبًا بزيٍّ بلوشستاني[1] بالسيارة تهريبًا من إيرانشهر إلى زاهدان لأُحضر أحد أقاربنا القادم إلى زاهدان. وكنت أتنقّل بالتهريب؛ لأنه لم يكن يحقّ لي المرور من هناك، وكان أحد المنفيين من أهالي “نقده” يرافقني في رحلتي تلك.
أثناء الطريق، كنتُ أنظرُ إلى هذه السّهول المتروكة بحالها من دون أيّ استثمار. ففي تلك المنطقة كما تعلمون سهول منبسطة، مسطّحة وخصبة، قلّما تجدون مثلها، وقد نمت فيها الأعشاب بسبب الرطوبة فيها. ومع أنه لم يكن لديّ أيّ أملٍ حقيقيّ في ذلك الوقت، لكنني قلتُ لرفيقي ممازحاً، كما جرت العادة في المنفى: “سنعيُّنك محافظاً لبلوشستان في التّنظيمات المستقبلية بشرط أن [تعتني بهذه الأراضي لـ] تُصبح مثل ريكه بوت”.
(ريكه بوت) بستان قريب من إيرانشهر استلمه الإيطاليون قبل حوالي ثلاثين أو أربعين عاماً – وشجّروه وزرعوه؛ حتّى يُخيّل لمن يدخله أنه في مازندران[2]، ولقد كان كذلك بالفعل؛ [فعلى سبيل المثال] يبلغ طول أشجار الأوكاليبتوس هناك عشرين متراً، في حال لا يتجاوز طول مثل هذه الأشجار في أماكن أخرى المترين أو الثلاثة أو الأربعة. إنّ تلك المنطقة عجيبة من ناحية [خصوبتها و] قابليتها، كذلك حبّة الطماطم كانت تنمو بحجم الشّمام؛ لكنّهم كانوا يرمونها بالطّبع؛ لأنهم لا يستطيعون استثمارها. فبعضها تجرفه المياه [ويتلف]، والبعض الآخر يصل إلينا رغماً عنهم؛ أي إلى الإخوة والمعارف والشيعة الّذين يقطنون هناك، لكنّهم كانوا يرمون أغلبه، أو كانوا يعطوننا البصل الموجود هناك، والذي كان حجمه بحجم الشمام أيضاً، وأنا لا أبالغ في الوصف.
الخلاصة أنني قلتُ لزميلي: إذا عُيّنت محافظًاً على هذه المنطقة، فعليك أن تجعلها كريكه بوت. لكن للأسف؛ لا هو _ إذ لم يكن بإمكانه القيام بمثل هذه الأمور أساسًا – ولا المحافظون الآخرون الّذين تم تعيينهم بعد التّنظيمات الجديدة، استطاعوا أن يصنعوا “ريكه بوت” آخر في تلك المنطقة[3].