مواضيع

من تجارب السيرة النبوية الطاهرة

لنا في الرسول الأعظم الأكرم (ص) أسوة حسنة، ففي فتح مكة المكرمة، ظن الأعداء والأصدقاء بأن الرسول الأعظم الأكرم (ص) سوف يسفك دماء الأعداء من المشركين الذين أذاقوا المؤمنين ألوان الأذى والعذاب في مكة، وقد استعجل أحد القادة البارزين وهو «سعد بن عبادة» فرفع شعار: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى (أو: تستحل) الحرمة، اليوم أذل الله قريشاً» فما كان من الرسول الأعظم الأكرم (ص) إلا أن أسرع باستبدال الشعار بشعار آخر يفيض بالحكمة والإحسان ومكارم الأخلاق، وهو شعار: «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشاً» وعفا عن خصوم الأمس وقال (ص): «لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته: < لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ > وأطلق كلمته المشهورة: «أذهبوا فأنتم الطلقاء».

لكنه (ص) قد استثنى خمسة أشخاص من العفو العام الذي أعلنه، وأمر بقتلهم ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة، وهم: عبد الله بن عبد العزي بن خطل، والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد قصي، والمقيس بن صبابة، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن أبي سرح، وقيل: عشرة أشخاص. وذلك لأنهم كانوا في غاية الأجرام والخيانة، ولم يكونوا يستحقون العفو النبوي الكريم، وقد قتل الثلاثة الأُول، وأما عكرمة فقد فر إلى اليمن ثم عاد فأسلم، وأما عبد الله بن أبي سرح فقد آواه عثمان بن عفان وكان أخوه من الرضاعة، فأستأمن له رسول الله (ص)، فسكت عنه ساعة ثم أمنه وبايعه، فلما خرج قال الرسول الأعظم الأكرم (ص) لأصحابه: «هلا قام بعضكم على هذا الكلب قبل أن أؤمنه فيقتله» قالوا: انتظرنا أن تومي، فقال (ص): ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين، وإني ما أقتل بالإشارة.

تنبيه مهم: هذا البحث والأمثلة والتجارب التي ذكرت هي لإثبات وجود فئة من الناس وعلى رأسهم الفراعنة المستبدون المفسدون في الأرض، والطواغيت أئمة الضلال وقادة الانحراف الراسخون في الضلال والانحراف وارتكاب المعاصي والذنوب، أولئك الذين ختم الله تعالى على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، فلا يرون أية آية، ولا يهتدون إلى حجة أو دليل أو برهان منطقي، ولا يسمعون موعظة أو نصيحة، ولا تنفع معهم المداراة، والمعاملة الحسنة بالجميل، لأن الشيطان استحوذ عليهم و أصبحوا من أوليائه وشيعته وإخوانه وجنوده وخدامه، وأصبحوا نسخاً منه وعلى شاكلته وأخلاقه، ويجب أن ينظر إليهم كالنظر إليه في المعاملة، وعدم الاستسلام إليهم، وإنما الضغط عليهم ومقاومة مشاريعهم و أطروحاتهم الظالمة المظلمة المنحرفة من أجل حفظ الدين وتحصيل الحقوق وصيانتها.

وأما تقرير المنهج السلمي أو منهج القوة، الذي ينبغي اتباعه والعمل به لتحصيل الغاية والوصول إلى النهاية، فهو خارج دائرة البحث، وقد تمّ توضيح الموقف الإسلامي في الموضوع بالتفصيل في بحوث أخرى.

المصدر
كتاب الاستعاذة | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟