التحرك الجديد 13-2-2009م
حسب رؤية الأستاذ عبد الوهاب حسين في معالجة إخفاقات المعارضة ونقد أدائها، فقد وجد بأن هناك خللا في العلاقة بين المعارضة المتصدية وقيادتها وبين الجماهير، كما أن هناك خللا في الأسس العقائدية للنهج السياسي لدى كلا الطرفين يحتاج لبناء أساس قوي ومتين يستطيع الارتكاز عليه في الصراع مع قوى الباطل، ولأن المعارضة بعد ٢٠٠٦م لم تستطع إنتاج حركة سياسية عقائدية تنضج من خلالها أفكار المعارضة وجماهيرها، وحتى التيار الإسلامي السياسي الرئيسي في الساحة، عندما تشكل في جمعية سياسية منذ 2001م، لم يلتمّ شمله على أساس تحقيق هدف عقائدي، وإنما كان تجمعاً للبيت الشيعي لا تربط بين أفراده أسس فكرية واضحة ولا مرجعية واحدة، بل ولا سلوك سياسي موجد سوى ما تمليه المصلحة المشخّصة من قبل إدارة الجمعية، والتي تعتمد على ردود الأفعال أكثر من الرؤية لما نريد، فأخذت المعارضة الإسلامية بالتحديد تراوح مكانها لعجز في إدارة شؤونها لا بسبب ضعف قدرات قيادتها؛ ولكن بسبب التركيبة المتنوعة التي تأسست الجمعية عليها، والذي أصبح لزاماً على إدارة الجمعية مراعاة التوازنات داخل الجمعية وخصوصاً في القرارات الهامة والمثيرة للجدل، حيث يصعب تشخيص القرار الصائب، فكل أصحاب القرار أو من له شأن فيه سيرجع إلى أساسه الفكري ويصبغ رأيه بتلك القناعات، وقد أدى ذلك إلى ضعف أداء التيار الإسلامي، وعدم قدرته على النهوض بمستوى التحديات، مما ترك فراغاً قيادياً وعملياً في الساحة السياسية، ولملء هذا الفراغ وجد الأستاذ ضرورة القيام بتحرك جديد وبروز كيان سياسي إسلامي يحمل الشرعية ويرتكز على الجنبة العقائدية.
في مطلع شهر فبراير ٢٠٠٩م، أعلنت مجموعة من شخصيات الممانعة عن قيامها باعتصام في مجلس الأستاذ عبد الوهاب حسين؛ احتجاجاً على تدهور الوضع السياسي في البلاد، وكان من ضمن الشخصيات المشاركة في ذلك الاعتصام إلى جانب الأستاذ؛ سماحة آية الله عبد الجليل المقداد والشيخ سعيد النوري والشيخ عبد الهادي المخوضر والأستاذ عبد الهادي الخواجة والشيخ علي مكي والشيخ فاضل الستري، وكان الغرض الأساس لهذا الاعتصام التحشيد والإعلان عن التحرك الجديد والذي يحمل هوية جديدة لحزب سياسي إسلامي مبني على أسس شرعية وعقائدية يتبنّى بناء حركة جماهيرية ترعى الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية على منوال حزب الله في لبنان، وتكون مرجعيته العليا معلنة ومتمثلة في سماحة السيد الإمام القائد، ويستمد شرعيته في العمل في الساحة السياسية منه، ويكون للجماهير دور رئيسي في بناء هذا التحرك الجديد .
تم الكشف عن ذلك التحرك الجديد عبر تأسيس تيار الوفاء الإسلامي، ليتخذ أسلوب عمل المعارضة طريقة جديدة في التنظيم والإدارة؛ وليكون أكثر فعالية في الصراع مع السلطة، وهذا الأمر فاجأ السلطة عبر تأسيس هذا التنظيم في تجمع جماهيري عند منزل الأستاذ عبد الوهاب حسين في النويدرات، ويضم نخبة من قيادات المعارضة ذات الشأن والكفاءة والشجاعة ليكونوا واجهة تيار الممانعة في المرحلة اللاحقة بعد الضربات الأمنية الشديدة التي وُجهت لحركة حق، والطعون المؤلمة في شرعية تحركها، فجاءت حركة جديدة ذات بعد عقائدي ولها عمق شرعي صدم الجميع .
وكان للأستاذ عبد الوهاب حسين دور محوري في تأسيس هذا الكيان العقائدي والسياسي الجديد، واعتبره الكثيرون بأنه المنظّر الفعلي له، وهذا ما سنتناوله في الجزء الثالث من تراتيل السكينة عندما نتحدث عن مخاضات تأسيس تيار الوفاء الإسلامي والإشكالات التي دارت حول تأسيسه مع تناول أهداف التيار وطريقة عمله، ومن ثَمّ التحديات التي واجهته منذ بداية ظهوره، والتأثير الذي تركه التيار وقائده على العمل السياسي في المراحل اللاحقة من تاريخ هذا الوطن.
تم إنجاز الجزء الثاني بفضل من الله في يوم الجمعة 3-12-2021م