الاختلاف غير المنظم
شهدت فترة 2006م وما بعدها أوج الاختلاف بين أطراف المعارضة، حتى أنها خرجت من دائرة النخبة السياسية إلى الجماهير، ودارت رحى الاختلافات بينهم حتى وصلت للمنابر الإلكترونية وفضائها الواسع وغير المقيد بضوابط، وظهرت شريحة من أبطال الكيبورد مهمتها إذكاء الخلافات والفتن ونشر السباب والشتائم لهذا الطرف أو ذاك دون ضوابط أخلاقية، ومرتكزهم التعصب والبعد عن التقوى إن كانوا محسوبين على أحد التيارين الرئيسيين، أو هي حسابات الكترونية ملوثة بيد السلطة تم توظيفها من قبل أعداء الشعب كي يمرروا أهداف السلطة، ويمنعوا وحدة المعارضة، ويخلقوا حواجز نفسية بين قيادات الساحة، وهو عمل استخباراتي قذر يُذكي الخلافات بين أطراف المعارضة ومن خلال الفضاء المفتوح، الذي لا تعرف النوايا الحسنة من السيئة فيه، ولا الرأي السليم من السقيم، ولم تتصدى القيادات آنذاك لهذا الأمر، أو حسبوه ضمن آراء الجماهير غير المرشدة، ولم يُعطَ الأمر الأهمية الكافية، مما تسبب في تعميق الهوة بين الأطراف وزيادة في الشرخ القائم في جسم المعارضة، وكانت تلك المرحلة من أسوأ مراحل التجاذبات بين الممانعة والمسايرة، والتي انعكست على سلوك حتى القيادات، وصار كل ما يفرزه الفضاء الإلكتروني الفوضوي يدور كذلك في أحاديث وممارسات المعارضة، وموقع السلطة من ذلك لم يكن بريئاً؛ حيث رُصدت حسابات مشبوهة دورها بث الفرقة والكذب، ويكفي أن تضع صورة رمز يعبّر عن انتمائك إليه لتوجيه السباب لرمز آخر، وهكذا .
ولا يعفي ذلك القادة الرموز في كلا الجانبين من المسؤولية ولو بالتحذير من الفوضى الإلكترونية، وفي هذه الفترة تعرض الأستاذان عبد الوهاب حسين وحسن مشيمع لحملات إلكترونية وتشنيعات يأبى القلم عن كتابتها، وكما أسلفت؛ فإن يد السلطة ليست بريئة، فلا توجد ضابطة إلكترونية، والتبس الحق بالباطل، وتغلغل الطعن إلى أوساط الجماهير والنخب، وسادت الريبة والشك بين القيادات إلى درجة القطيعة بسبب الحواشي القريبة من كل الأطراف دون استثناء.