مواضيع

السنون العجاف

إن الكثير ممن قاطعوا الانتخابات في ٢٠٠٣م، لم يكونوا مقتنعين بالمقاطعة أصلا حتى يقتنعوا ببرامج المساندة للمقاطعة، فأصبحت تلك السنون الأربع عجافاً لا حراك جادا فيها للتغيير سياسيا أو ميدانيا ، وكان يتم التعاطي مع كل برنامج مطلبي بتلكؤ وضعف همة، وأصبح مشروع الدستور الانقلابي أمراً واقعاً يتم التعاطي معه، وتكررت الإشارات من بعض أطراف المعارضة للسلطة بأنهم في ٢٠٠٦م سيكونون من المشاركين!! فلم تكلف السلطة نفسها للدخول في جولة حوار مع المعارضة، فإن الرضوخ للأمر الواقع متحصل.

فعملياً؛ لم يكن تجمّع وتحالف المعارضة حول الشأن الدستوري ومقاطعة الانتخابات إلا شكلياً، والفعاليات التي حصلت كالندوات الجماهيرية والمسيرات الشعبية التي نظمتها الجمعيات آنذاك، ما كانت إلا مهرجانات خطابية وشعارات خالية من مضمونها، فشعار الدستور أولاً، ويسقط دستور ۲۰۰۲م وغيرهما، ما كانت إلا صرخات تنفيس للجماهير التي تضغط على الجمعيات السياسية، أما الجمعيات فلم تتعامل بجدية مع هذه المسائل؛ بل كانت الرسائل السياسية الرمزية تبيّن غير ذلك، كالمشاركة في الانتخابات البلدية ٢٠٠٢م، والتصريح بالتعاون مع النواب في الانتخابات التي قوطعت، ومشاركة بعض أعضاء الجمعيات في الانتخابات مع أن القرار الرسمي للجمعيات هو المقاطعة، ولم تتخذ تلك الجمعيات أي إجراء ضد المشاركين من منتسبيها!! وقد برز ضعف الجمعيات السياسية في معالجة القضايا السياسية عندما ظهر تقرير البندر أو ما سمي (فضيحة البندر)؛ وهو مشروع الغدر الذي باشرته السلطة بعد دستور ٢٠٠٢م الانقلابي، إن لم تكن مقرراته مبيّتة قبل الميثاق أصلاً.

المصدر
كتاب تراتيل السكينة – دراسات في سيرة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين | الأستاذ محمد سرحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى