مواضيع

الرد على إشكالية المسايرة والممانعة

لقد دافع الأستاذ عبد الوهاب عن هذا الطرح؛ حيث كان يرى بأن حالة الانقسام عملياً قد حصلت بالفعل، وأن هناك رؤيتين تتحركان في الواقع، ولكل طرف منهجه وسلوكه السياسي، وأن استخدام مصطلحات المسايرة والممانعة ما هو إلا توصيف واقعي لما يجري على الأرض، وهو فرز لسلوكين سياسيين. أما عن قول البعض بأن استخدام مصطلح المسايرة فيه إساءة وقدح وتوهين للمؤمنين لما يحمله المصطلح من إيحاء بالضعف والانتقاص، فهذا غير صحيح حسب رأي الأستاذ؛ لأنه مجرد توصيف للسلوك السياسي في التعامل مع النظام، كما لو كان هناك شخصان غايتهما استرداد حقهما المغتصب، فالغاية نبيلة والنية سليمة من الطرفين معا، إلا أن كل واحد منهما اتخذ أسلوباً مختلفاً في طلب الحق واعتبره الأسلوب الأمثل، فأحدهما يرى الاسترداد التدريجي وأخذ الجزء والتفاوض على الباقي، والآخر يرى انتزاع الحقوق جملة وتحمّل كلفة المواجهة المباشرة، فأي إساءة أن يعبّر عن الأول بالمساير وعن الثاني بالممانع؟!!

ولو طبقنا هذا المثال على الواقع السياسي، فسنجد أن كلا منهجي المعارضة يرى بأن النظام الحاكم مغتصب للحقوق السياسية، ولا يوجد عاقل في المعارضة يرى غير ذلك، وهذا ما تعبر عنه بيانات الشيخ القائد آية الله قاسم حتى يومنا هذا، ولكن تجد طريقة التعامل الموجودة والوسائل المستخدمة لاسترداد الحقوق تختلف بين المنهجين، ويظهر ذلك بأجلى صوره في المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، فمصطلح المسايرة سياسي لا يعبّر عن تهمة، وإنما يعبر عن سلوك وأسلوب سياسي لاسترداد الحقوق، قد يقبله البعض ويعارضه  الآخر.

المصدر
كتاب تراتيل السكينة – دراسات في سيرة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين | الأستاذ محمد سرحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى