مواضيع

الاستحقاق الانتخابي 2002م اختبار للمعارضة

 ما إن فرضت السلطة دستور ٢٠٠٢م الانقلابي حتى سعت لتفعيل مواده، وعلى رأسها الانتخابات النيابية والبلدية، فأعلنت عن موعد الانتخابات التشريعية في أكتوبر ٢٠٠٣م، وسبقها الإعلان عن الانتخابات البلدية؛ حيث كانت المرة الوحيدة التي تُجرى فيها الانتخابات البلدية مفصولة عن الانتخابات النيابية في الموعد.

وكان من المفترض أن الموقف الواضح للمعارضة بشكل عام والوفاق بشكل خاص،  مقاطعة الانتخابات آنذاك؛ لأن المعارضة حددت موقفهاً من دستور ۲۰۰۲م واعتبرته غير شرعي، فكل ما يصدر عنه من مخرجات فهو غير شرعي كذلك، ومنها هذه الانتخابات، إلا أن الرؤية لم تكن واحدة عند جميع المعارضة؛ بل حتى الفريق الواحد تعددت الرؤى فيه، وظهرت دعوات من داخل المعارضة للمشاركة في انتخابات ۲۰۰۲م!! وبعضها ضغط باتجاه التفريق بين الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية، باعتبار البلدي مرتبط بالخدمات !!

وهناك من كان متمسكا بخيار المقاطعة الشاملة لكل مخرجات الدستور الانقلابي، فالفئة الثالثة تموضع فيها الأستاذ عبد الوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع، وبدأت الدعوات للمشاركة تتعالى داخل جمعية الوفاق؛ خصوصاً من الفئة التي لم تقدم تضحيات في الانتفاضة؛ بل بعضها كان ضد الانتفاضة في التسعينيات !!

فمن الطبيعي أنها تعتبر المشاركة آنذاك مكسبا؛ لأنها لم تخسر شيئاً سابقاً. أما المضحون من عوائل الشهداء والجرحى والمهجّرين والسجناء في الأعم الأغلب، كانوا رافضين للمشاركة في الانتخابات؛ لأنها دون الطموح الذي من أجله بذلوا النفيس، وكان خير تعبير عن هذا النهج مقولة سماحة الشيخ الجمري وهو قائد تلك الانتفاضة: “ليس هذا البرلمان الذي ضحى من أجله شعب البحرين“.

وقد استشعر الأستاذ عبد الوهاب وجود فئة داخل الجمعية تريد مصادرة قرارها وتوجيه الموقف نحو المشاركة في ذلك الحين، علماً بأن الجو العام للجماهير كان يتجه نحو رفض كل ما نتج عن الدستور اللقيط، ولكن بسبب التنوع الواسع داخل الجمعية، والذي شمل كل الفئات من الطائفة، والتي تنوعت أفكارها ومناهجها وانتماءاتها، أصبح القرار في خطر ولا يمكن ضبط إيقاعه، فلم يعد القرار بيد المضحين، فغيرهم موجود في مجلس الإدارة وفي شورى الوفاق وداخل مطبخ القرار في الجمعية، وكان المؤشر الخطير عندما تمت الموافقة على المشاركة في الانتخابات البلدية اعتبار أن المسألة خدمية ولا علاقة لها بالشأن العام السياسي!!

وفي نفس الوقت قدمت مبررات للمشاركة في الانتخابات البلدية من قبيل استعراض قوة النفوذ الشعبي لقوى المعارضة، وغيرها من المبررات التي تسوغ الذهاب نحو التطبيع مع الدستور الجديد والمشاركة في الانتخابات النيابية.

المصدر
كتاب تراتيل السكينة – دراسات في سيرة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين | الأستاذ محمد سرحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى