الحراك الثقافي والمجموعات الشبابية
نشطت الحركة الثقافية قبيل انتفاضة الكرامة بشكل ملحوظ، وتصاعدت وتيرة الأنشطة الثقافية على عدة أصعدة بسبب عدة عوامل؛ منها:
- الوهج الثوري في إيران الذي ما زال متوقداً في نفوس الشباب في البحرين، والصحوة الإسلامية التي تأثر بها الشعب.
- الحراك الثقافي والانفتاح على الكتب الدينية والمعارف الإسلامية.
- نشاط النخب الإسلامية الواعية وطلبة العلوم الدينية على المستوى الاجتماعي والتعليمي.
- انتشار الوعي السياسي في أوساط الشعب.
وكان لهذه العوامل أثر واضح في الأنشطة والممارسات الشعبية؛ حيث برزت في الظواهر الثقافية الدينية في مواكب العزاء والاحتفالات الدينية والحلقات التعليمية في المساجد والمآتم وفي البيوت، وبرزت مشاريع تربوية وتعليمية في القرى كمشاريع التعليم الديني والتي أنتجت جيلاً مشبّعاً بالمفاهيم الإسلامية.
وقد وضعت المجموعة القيادية للتيار الشعبي ضمن أجندتها التركيز على البعد الثقافي والعمل على نشر الوعي في الأوساط الشبابية والاستفادة من مراكز التنوير الفكري في المساجد والمآتم والمواكب لبثّ الطرح الثوري والفكري وفق مفاهيم الإسلام المحمدي الأصيل، وقد مارس الأستاذ عبدالوهاب دوراً فاعلاً؛ حيث واصل جهده الذي بدأه منذ الثمانينات ولكن بوتيرة أسرع مع طرح المفاهيم الثورية والسياسية بشكل أكثر جرأة عبر دروسه الخاصة وخطابه العام في عدة مناطق من البحرين، كما قام مع المجموعة القيادية بتعميم صلوات الجماعة في مناطق البحرين، ووضْع خطاب يطرح رؤية موحدة، كما عملوا على إصدار نشرة منبر الجمعة التي ترصد خطب يوم الجمعة في أنحاء البحرين مع توحيد لأدبيات الخطاب، ثم القيام بتوزيعها على نطاق واسع، وقام الأستاذ ورفاقه باقتحام المواكب الحسينية وترشيد خطابها بما يتلاءم مع الرؤية الإسلامية وتطعيم القصائد وترشيدها عبر طرح القضايا السياسية والظواهر الاجتماعية، كما كانت تعقد اللقاءات التوجيهية مع الشعراء والرواديد والخطباء الحسينيين.
وقد احتاج هذا الأمر تشكيل مجموعات شبابية لتفعيل الأنشطة الجماهيرية، وقد قامت القيادات من المشايخ والأساتذة بدور كبير في المجال التوعوي واستنهاض الهمم العالية للمطالبة بحقوقهم، وقد أفرزت تلك الحركة جرأة لدى الشباب على القيام باعتصامات عند وزارة العمل مطالبين بالحصول على وظائف، ورفع شعارات سياسية في المواكب الحسينية، والمشاركة في صلوات الجماعة، والمشاركة بحماس في النقاشات السياسية الخاصة، والنهوض بعملية التوقيع على العريضة الشعبية، والتصاق الشباب بالعلماء والأساتذة، وارتفاع وتيرة الوعي الديني والالتزام العبادي.
ومن أكثر الشخصيات التي شكلت علاقات واسعة مع الشباب هو الأستاذ عبدالوهاب والشيخ عادل الشعلة والشيخ علي سلمان والأستاذ حسن مشيمع.
ومن جهتها قامت السلطات بعمليات أمنية استخباراتية لرصد بعض المجموعات في المناطق والتي تم اعتقال بعضها قبل انتفاضة التسعينات. وبسبب النشاط الديني المتزايد في مسجد مؤمن بالمنامة، أقدمت السلطة المجرمة على افتعال حريق مخابراتي في المسجد من خلال إحداث تماس كهربائي، والغرض منه تعطيل دور هذا المسجد المبارك الذي كان مركز إشعاع ثقافي وفكري على مدار سنين طوال.
تعليق واحد