مواضيع

الشهداء؛ الانطلاقة الحقيقة للانتفاضة

في فعالية موازية لما يسمّى بعيد جلوس الأمير في 16 ديسمبر 1994م، في العيد الثالث والثلاثين من توليه الحكم، قامت مظاهرات عديدة في عدة مناطق من البحرين، وفي 17 ديسمبر 1994م، خرجت مسيرة مركزية في منطقة السنابس تدعو إلى الإصلاح، وطرحت فيها العناوين السياسية والخطوط العريضة لها، وقام بالتحشيد لها خطباء البحرين المحسوبون على المجموعة القيادية، ومن هؤلاء المحشّدين الأستاذ عبدالوهاب حسين؛ حيث ألقى كلمته في مسجد الشيخ خلف بالنويدرات بعد إمامته لصلاة الجماعة داعياً الشباب للتفاعل مع القضايا الوطنية، ومن خلال قنواته الخاصة عبر خواص الشباب حث للمشاركة في المسيرات الداعمة  للإصلاح، وفي ذلك اليوم في منطقة السنابس خرجت مظاهرة حاشدة شارك فيها المئات من الشباب الذين جاؤوا من مناطق متعددة من البحرين، واستخدمت السلطة لمواجهة تلك التحركات القوة المفرطة بحيث استخدموا المسيل للدموع والشوزن، ومع اشتداد المواجهة استخدم الرصاص الحي، وقد أدى ذلك لاستشهاد أول شهيدين في انتفاضة الكرامة؛ وهما: هاني خميس من منطقة السنابس، وهاني الوسطي من جدحفص.

إضافةً لذلك إصابة الكثيرين بإصابات متفرقة، واعتقدت السلطة أنها بتعاملها القاسي مع  المظاهرة، ستحكم السيطرة وتبث الرعب في الأوساط الشعبية، وهي رسالة لقوى المعارضة للتنازل عن المطالب السياسية، ولكنها لم تعلم بحكم القدر؛ حيث أشعلت دماء الشهداء الطاهرة تلك الروح الوقادة المرهفة للحرية، فكانت ولادة الانتفاضة قربانها دماء هذين الشهيدين.

وكان الأستاذ عبدالوهاب يرى أنه بعد سقوط الشهداء يجب على قيادات الانتفاضة النزول والتصدي المباشر وتمثيل المطالب التي خرج من أجلها الجماهير، وفي تشييع الشهداء وتحديداً في مقبرة جدحفص حضر الشيخ الجمري بمعية الأستاذ عبدالوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع، وألقى خطاباً عند قبر الشهيد هاني الوسطي حدّد فيه المعالم السياسية للمعارضة، وصلّى على جثماني  الشهيدين، مجدِّداً وبشكل معلن أدبيات التحرك في المطالبة بحقوق الشعب ومؤبناً  للشهيدين، مؤكدا على توفير الغطاء الشرعي والسياسي للحراك رداً على بعض المشككين في مشروعية الحراك والمطالب؛ سواء من بعض رجال الدين أو من بعض أصحاب المصالح الضيقة. عندها بدأت مرحلة جديدة، وكانت الانطلاقة الحقيقية للانتفاضة بعد سقوط الشهيدين العزيزين في ذلك اليوم الذي عُبِّر عنه لاحقاً بعيد الشهداء، وتبلورت حينها المطالب بشكل واضح، وظهرت قيادة الانتفاضة بشكل  واضح، واستمر الأستاذ عبدالوهاب والمجموعة القيادية في المشاركة المباشرة في فعاليات الانتفاضة وترشيد نشاطها من خلال التوجيه في المساجد وعبر الخطباء في المآتم، والنزول في الميدان من خلال المشاركة في المسيرات مع الجماهير، وظلّ الوضع ملتهباً، والسلطات مستمرة في اعتقال المجموعات الشبابية وقمع تحركها في المناطق المشتعلة، وحصار بعض المناطق وتمشيطها؛ كما حدث في النويدرات وسترة والدراز وبني جمرة.

المصدر
كتاب تراتيل السكينة – دراسات في سيرة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين | الأستاذ محمد سرحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى