الدراسة الجامعية
التحق بالدراسة الجامعية عام 1973م؛ حيث درس في جامعة الكويت في تخصص الفلسفة وعلم النفس، وطبيعة هذا التخصص أنه يفتح آفاقاً جديدة لنظرة الأستاذ الفكرية، فاكتسب فهماً أكثر لرؤيته الإسلامية، وأثناء دراسته الجامعية في الكويت، ارتبط بنهج السيد محمد باقر الصدر ووجد فيه بغيته؛ خصوصاً أن للسيد الصدر أطروحات فكرية وفلسفية تشرح الرؤية الإسلامية؛ إضافة للفكر الحركي والسياسي العلمي الذي برز في شخصية السيد الصدر وسلوكه، وبما أن الدراسة الجامعية ملتقى الطلبة المثقفة والمتعلمة، وتتميز بتنوع المناهج الفكرية والعقائدية بالذات في تلك الحقبة؛ حيث تتصارع التيارات المادية التي اكتسحت الساحة العربية مع التيارات الدينية، كان غالبية الطلبة ينتمون إلى الأفكار المادية المنحلة المرتبطة بإشباع الرغبات المادية، مما جعلهم مجتمعاً منحلاً أخلاقياً، وفي ظل هذا الصخب الفكري، يظهر ثبات فكر الأستاذ ورصانته واستقامته حيث لم يتأثر بتلك الأجواء؛ بل زادته إصراراً وعزماً على الدفاع عن عقيدته وفكره.
بلغ الانحلال في الجامعة إلى مستوى التفسخ والتجرد من القيم الأخلاقية والدينية لدرجة الاختلاط الماجن بين الجنسين والازدراء بالعقائد والسخرية من المتدينين إلى حدّ أن من يصلي في الجامعة يصبح موضع استهزاء، ومع ذلك قاوم الأستاذ هذا الواقع السيئ مع قلةٍ من المتدينين من الطلبة البحرانيين والكويتيين، من خلال نشر الوعي الديني وإقامة صلاة الجماعة في الجامعة؛ بل ورفع الأذان فيها، الذي لم يكن موجوداً آنذاك، وقاموا بإلقاء محاضرات وندوات في وسط الجامعة، وإن أدى ذلك أحياناً لصدام مع الأطراف الأخرى غير الإسلامية إلا أنه كان ضرورة لتثبيت دعائم الصحوة الإسلامية في الوسط الطلابي الجامعي.
وقد استمرت حياته الجامعية حتى العام 1977م في حراك مستمر وجدلية محتدمة مع التيارات الشيوعية والقومية والبعثية، حاملاً همّ الإسلام على عاتقه، إلا أنه مع ذلك العداء الفكري الصارم من الأطراف الأخرى، فقد اكتسب احترامهم وإقرارهم له بأنه رغم شدة مِراسه في النقاش وإلقاء الحجج مع ذلك كان يحافظ على أدب الحوار واحترام إنسانية الآخر رغم الخلل الفاحش في ذلك الطرف.
وكان أهم دور قام به الأستاذ الفاضل أثناء فترة دراسته، العمل بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعلاء راية الحق، وتشجيع الطلبة على الانضمام والانخراط في العمل الإسلامي، ونشر الفضيلة ومظاهر العفة نسبياً، وقد وفرت الدراسة الجامعية في الكويت فرصة للأستاذ للتعرف على علماء الدين الموجودين في الكويت آنذاك، والارتباط بخط السيد الصدر الأول في العراق، وكان من مقلديه حينئذ، فكان يستلهم من فكر المرجعية الكثير من الفهم للقضايا السياسية والاجتماعية والفقهية، مما أنضج شخصيته؛ إضافة لذلك تعايشه في الكويت مع التجربة السياسية فيها المتمثلة بوجود مجلس الأمة المنتخب، وفي نفس المرحلة كانت هناك تجربة سياسية في البحرين تمثلت بوجود برلمان منتخب كذلك سنة 1972م، ولكنه أجهض بيد الحكومة سنة 1975م، التي أحلّت محله قانون أمن الدولة السيئ الصيت، الذي حوّل البحرين إلى دولة بوليسية قاهرة للإرادة الشعبية، وهذا كان أكثر العناصر تأثيراً في توجيه مزاج الأستاذ نحو العمل السياسي الذي بدأه بعد عودته للبحرين عام 1977م.