الناس بحاجة إلى القدوة الحسنة
أضف إلى ذلك، إن القانون وإن كان معصوماً عن الخطأ والجهل إلا أنه صامت لا ينطق وهو سواء على بياض، يمكن أن يُفسّر بما تهواه أنفس الطغاة، وأن يترجم بما يثير الضغائن والأحقاد.
ولهذا، فلا بد من إنسان كامل يكفل ذلك القانون، ويسير في الناس بنفس ذلك القانون، ولا يخاف في الله لومة لائم، ولا يمس كرامته خوف ولا حزن بل يسعى في حفظ القانون تقلبه وقالبه، ويضحي بنفسه تجاه القانون وليس ذلك سوى الفقيه العادل الكفوء.
ثم إنَّ خصوصية السياسة الإسلامية هو سعيها البليغ في أن تعرف الإنسان حقيقتها وتبينها له، بأن تكتفى بقولها: «من عرف نفسه فقد عرف ربه».
وقولها: «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه».
بل تشهده على نفسه وتنبهه وتحيي ارتكازه النائم وتوقظه، من خلال القدوة الحسنة أمامه التي تطبق جميع ذلك: <لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا>.
وفي نفس الوقت تأخذ بيد الناس لتخرجهم من الظلمات إلى النورة وتهديها إلى صراط العزيز الحميد.
وتضع عن الناس إصرها والأغلال التي كانت عليها، وتحل لها الطيبات وتحرم عليها الخبائث، فلا تسمع بأكل الخنازير والكلاب والخفافيش، وتحطم التكاثر والتباهي بالكثرة والتفاخر بها، فرديًا كان، كما في قوله تعالى: <فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ> أو جماعياً، كما في قوله تعالى: <وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ> وقد كان في حكم علي (ع) أسوة حسنة في الزهد والتقوى، والعدالة والإيثار وتطبيقاً وإظهاراً بجميع ما تقدم ولا يستطيع القيام بذلك في زمن الغيبة إلا «الفقيه العادل الكفوء».