القران يحكم باشتراك الأخرين مع الأولين

وهنا توجد نقطة أخرى مهمة وبالغة الخطورة، وهي:
إذا رجعنا للقران الكريم سنجد بأن القران يرجع عصيان الأخرين للأولين ويحكم باشتراك الأخرين مع الأولين في الذنب والفعل، فعندما يعصي الجماعة الذين هم في اخر الأمة ويرتكبون نفس الذنب، فإنه يعتبر إن هذا العصيان والذنب امتداداً لذلك الذنب الذي ارتكبه الأوائل من الأمة الواحدة.
بل الأدهى من ذلك، نجد بأنه ينسب لهم ذنب الأولين بشكل مباشر وكأنهم هم الذين خطوه!
فما نراه متداولاً اليوم يأن هذا هو حسين الزمان ويزيد الزمان، فهذا ليس بدعة لا أساس لها، بل هو في الحقيقة ثقافة قرآنية، إذ نلاحظ إن القران عندما يخاطب بني إسرائيل ويذكر لهم القصص والأحداث التي حدثت في زمن النبي موسى (ع) غالباً ما ينسب لهم الفعل ويخاطبهم بهده الصيغة: <وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ>[1] <وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ>[2] <ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ>[3] <وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ>[4] بينما نلاحظ بأنه عندما يتكلم عما قام به موسى (ع) فيتكلم عنه بلسان الغائب في ومن الماضي <وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ>[5] <وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ>[6] <وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ>[7] <كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ>[8].
ولكن الخطير في الموضوع هو نسبة ذنوب السابقين للأخرين:
<وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نَصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ>[9].
- <قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ>[10].
- <ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ>[11].
- <سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ>[12].
- <فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ>[13].
فلاحظ كيف إن الله سبحانه وتعالى قد نسب ذنب القتل الى اليهود الموجودين في ومن النبي صل الله عليه واله وسلم على الرغم من إنهم لم يكونوا موجودين أصلاً في زمن النبي موسى (ع) ولاحظ كيف إن سبب نسبة القتل إليهم هو كفرانهم وعدم تسليمهم للنبي صل الله عليه واله وسلم فقط!!
وبناءً على هذا نسأل القارئ الحبيب أسأله ونترك الإجابة عليها إليه.
فبناءً على هذا الطرح القرآني، هل يمكن أن نقول: بأن من لا يؤمن ويكفر بولاية الفقيه، فهو كمن لا يؤمن ويكفر بولاية أمير المؤمنين (ع)، بل هو قتل الحسين؟!
وهل يمكن أن نقول: بأن من لا ينصر الولي الفقيه اليوم ويتركه وحيداً، فهو كمن يترك نصرة الحسين في يوم العاشر، بل بالطرح القرآني هو فعلاً ترك نصرة الحسين (ع) وخذله وتحل عليه اللعنة!!
<لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ>[14].
«اللّهُمَّ العَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلى ذلِكَ»[15].
ويؤيد هذه الفكرة الخطيرة ما ورد في الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) التي تتحدث عن تنصيب الفقيه، ففي مقوله عمر بن حنظلة يقول الإمام الصادق (ع): «فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله قد استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله»[16].