مواضيع

حاكمية الأئمة (عليهم السلام)

اتضح إذاً إن الحاكمية والولاية التي كانت للرسول (ص) هي حاكمية وولاية مستمدة من حاكمية الله وسلطنة، فهي خلافة لله سبحانه وتعالى.

واي ولاية حاكمية تستمر مشروعيتها وخلافتها من الله سبحانه، تكون لها مشروعية حقيقيه وصادقة أما الحكومات والولايات الأخرى التي لا تستند مشروعيتها الى الله سبحانه وتعالى، فلا يمكنهم إثبات مشروعية لها ويرد عليها كثير من الإشكالات كما سيتضح.

ولكن قد وقع الخلاف بين المسلمين في موضوع الخلافة بعد رسول الله (ص)، فهل عين الرسول (ص) أحداً بعده وأوصى بذلك أم لا.

رأي أهل السنة

وقد ذهب أهل السنة إلى الله سبحانه وتعالى لم يعين خليفة من الرسول (ص) وترك أمر ذلك للمسلمين، فاختيار المسلمين هو ما الشرعية على الحاكم ويمنحه الصلاحيات المختلفة، والحق في التصرف بأموال المسلمين، بل تتوجه تكاليف وواجبات على المسلمين تجاه ذلك الحاكم من لزوم الطاعة، وعدم جواز الخروج عليه!

وقد طرحوا ثلاثة طرق لتعيين الحاكم الإسلامي الذي يشغل منصب رسول الله (ص) «من كتیب نظرات في الفكر السياسي».

  1. الشورى: فإذا اجتمعت الأمة على شخص وحاز هذا الشخص المنتخب على غالبية اراء الامة، فإن هذا الشخص يكون هو الخليفة والحاكم، ويرون أن حصل الأول على الخلافة كان بهذه الطريقة!
  2. تعيين الخليفة السابق: وإذا كان هناك خليفة شرعي، وقبل وفاته نص على الخليفة والحاكم القادم من بعده، فإنه بموت الحاكم الأول تنتقل الخلافة تلقائياً الى الحاكم الثاني ويكون بهذا التعيين حاكماً للأمة، ويرون بأن الثاني حصل على الخلافة بهذه الطريقة.
  3. اجتماع أهل الحل والعقد: وإذا اجتمع أهل الحل والعقد وأصحاب الرأي والفكر والنخب من أفراد المجتمع وتتشاوروا فيما بينهم، ثم اختاروا شخصاً للخلافة، فإنه يكون خليفة وحاكماً شرعياً، ويجب على الأمة طاعته والانصياع له!! ويرون بأن الثالث حصل على الخلافة بهذه الطريقة!!

رأي الشيعة

أما الشيعة فيرفضون الفكرة القائمة بأن الله قد ترك الأمة سدىً من دون وصي ومسئول، خصوصاً وإن الحاجة للخليفة من بعد الرسول (ص) ليس حاجة سياسية فقط، بل هي دينية بالدرجة الأولى.

أي أن المسلمين لم يكونوا بحاجة إلى حاكم سياسي يدير أمورهم ويسير أعمالهم وفقط، بل كانوا بالدرجة الأولى يحتاجون إلى مرجعية شرعية يرجعون إليها لمعرفة المعارف الأخلاقية والعقائدية والفقهية، فصحيح إن الرسول (ص) قد بين الأحكام الأساسية للإسلام، إلا أن هناك كثيراً من التفاصيل تحتاج إلى بيان، وكثيراً من الشبهات تحتاج إلى جواب، والدليل على ذلك إن حتى السنة اضطروا في النهاية لتنصب الخليفة الثاني والخليفة الأول كمرجعيه شرعية لفهم الشرعية أخذ الأحكام منهم، فعن زرارة أنه قال: جاء عبد الله بن عمر الليني إلى أبي جعفر (ع) فقال: ما تقول في متعة النساء؟

فقال (ع): «أحلها الله في كتابه على لسان نبيه صل الله عليه واله وسلم فهي حلال إلى يوم القيام».

فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر، ونهى عنها؟!

فقال (ع): وإن كان فعل!! فقال: فإني أعيذك بالله من ذلك، أن تحل شيئاً حرمه عمر.

فقال له الإمام: فأنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله صل الله عليه واله فهلم ألاعنك أن القول ما قال رسول الله صل الله عليه واله أن الباطل ما قال صاحبك.[1]

والحاجة سياسية أيضاً: أما بالنسبة الحاجة السياسية فالأمر واضح أيضاً، وكانت الحاجة واضحة ليس للمسلمين في زماننا الحالي فقط، بل هي كانت واضحة متى بالنسبة للمسلمين في زمن النبي صل الله عليه واله والأحداث التي دارت بعد وفاء النبي صل الله عليه واله وسلم ليبعثوا هذا الموضوع مباشرة، وتنقل لكم جزءا من تلك الأحداث من كتاب من تأليف عالم من علماء أهل السنة بحسب ما هو متوفر: «ووقع الخلاف في أمر الخلافة قبل أن يقوموا بتجهيزه صل الله عليه واله، فجرت مناقشات ومجادلات وحوار وردود بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني سعادة، وأخيراً اتفقوا على خلافة أبي بكر، ومضى ذلك بقية يوم الأثنين حتى دخل الليل- ليلة الثلاثاء- مع الصبح، وبقي جسده المبارك على فراشه مغشى بثوب مِبَرَه، وقد أغلق دونه الباب أهله».

فلاحظ كيف إن المسلمين ملتفون لموضوع الخلافة، خصوصاً وإن النبي صل الله عليه واله لم يمت بشكل فجائي، بل كان مرضا بحيث إنه كان واضحاً أن هناك خطراً على حياته وهذا الخلاف الذي حصل- حتى وإن غضضا النظر عما يدل عليه من أطماع وحب الرئاسة والسلطة، وحملناه محمل خير فنقول بأن ذلك يدل على أهمية الموضوع بحيث إنهم تركوا تجهيز الرسول صل الله عليه واله.

فهل يعقل بعد كل هذه الأهمية والحاجة الشديدة، أن يترك الله سبحانه وتعالى الأمة هكذا، ولا يكون الرسول ملتفتاً لذلك ورغم احتضاره إلا أنه لم يخطر على ذهنه أن يتحدث حول موضوع الخلافة!!


  • [1] أصول الكافي
المصدر
كتاب حكومة العالِم العادل | الشيخ جاسم المحروس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى