إفادة سماحة الشيخ عبدالله عيسى المحروس (سماحة الشيخ ميرزا المحروس)
المحتويات
- المقدمة
- الاعتقال
- في سجن القلعة
- ناصر بن حمد معذباً
- في النيابة العسكريّة
- واقعة يوم النطق بالحكم في المحكمة العسكريّة بتاريخ 22-6-2011
- الانتهاكات والتجاوزات وحالات التعذيب
- مطالبتي بالاعتذار وإرغامي على التصوير
- الهجوم على منزلي
- التهم الكيديّة التي نسبت إليّ من قبل النظام
- أسباب الاعتقال التعسّفيّ
- بيان بأسماء الأشخاص الذين وقع عليهم التعذيب
- المطالب الرئيسة
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الأفاضل هيئة القضاء المحترمين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتقدّم إليكم، أيّها السادة، بعرض ما جرى عليّ من تجاوزات حقوقيّة ومخالفات قانونيّة من حين الاعتقال وفترة بقائي في السجن وأثناء إجراء التحقيق وعرضي بعدها على المحاكم العسكريّة الفاقدة للعدالة والنزاهة، وما صاحب تلك الفترة من حالات التعذيب والانتهاكات الجسيمة المفزعة والمروعة.
ولأننا حرمنا من حّق الحديث والدفاع عن أنفسنا وبيان كيديّة النظام في التهم الباطلة التي لفّقها واتهمنا بها؛ لذا فإني أتمنى منكم أن تتسع صدوركم لسماع كلمتي بشكل كامل؛ لكي تكونوا على دراية تامة بحقيقة الأمر وزيف الدعاوى وأكاذيب السلطة في الاتهامات الباطلة التي لا حقيقة لها ولاواقع لها، متمنياً من هيئة القضاء النظر في القضيّة بعين العدالة والإنصاف إحقاقاً للحق ورفضاً للباطل، فاجعلوا الله نصب أعينكم وهو الشاهد علينا وعليكم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المقدمة
أنا عبدالله عيسى المحروس، وشهرتي ميرزا المحروس.
الوظيفة: عالم دين وإمام مسجد، متخصص في علوم الشريعة الإسلاميّةوقد درست العلوم الدينيّة ما يقارب 35 عاماً. رجعت إلى بلدي البحرين عام 2001م. فأخذت أدرّس العلوم الدينيّة في الحوزات العلميّة، وكذلك مارست مهامي بصفة إمام مسجد، ومرشد دينيّ، وواعظ تربويّ، ومصلح اجتماعيّ. ولديّ أعمال اجتماعيّة في خدمة أبناء المجتمع؛ فكانت لي المشاركة البارزة في تأسيس جمعيّة الزهراء لرعاية الأيتام مع أخي سماحة الشيخ محمد حبيب المقداد والتي تعمل على تقديم الخدمات الإنسانيّة والاجتماعيّة، والمساعدات الماديّة والمعنويّة للأيتام وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت لي مشاركاتي السياسيّة في المطالبة بإصلاحات النظام ومحاربة الفساد في أجهزة الدولة. والوقوف إلى جانب أبناء الشعب في المطالبة بحقوقه المشروعة، ولأجل ذلك تمّ اعتقالي وتلفيق التهم الكيديّة واضحة البطلان من قبل النظام الحاكم المستبد.
ولم تكن المرّة الأولى التي يتم اعتقالي فيها؛ فلقد سبق اعتقالي في 17 أغسطس2010، حيث بقيت في السجن مدة سبعة أشهر، وتعرّضت لشتّى أنواع التعذيب الوحشيّ طيلة تلك الفترة، ومراعاة للاختصار لن أذكر صور التعذيب السابق الذي تعرّضت له. وما النصر إلّا من عند الله.
الاعتقال
تمّ اعتقالي بتاريخ 2011/4/1م حينما داهمتني قوّات جهاز الأمن الوطنيّ ومعها قوات الشغب مدججة بالسلاح، تقريباً عند الساعة الثالثة فجراً، حيث كنت في منطقة بلاد القديم في منزل عديلي. وبدأ الهجوم علينا بتسلق سور المنزل وتكسير أبوابه الداخلية. أصابني الرعب والخوف من هول الهجوم وعدد القوات المسلحة، وقاموا بإشهار السلاح في وجهي وعند رأسي، وقاموا بإخراجي من الغرفة التي كنت نائماً فيها إلى صالة المنزل، حيث قاموا بتعذيبي وضربي في مختلف أنحاء جسدي، وكان أكثر الضرب على بطني وظهري وكذلك رأسي، واستمر ذلك الحال بي نصف ساعة تقريبا وأنا في حالة يرثى لها، ثم قاموا بوضع القيد الحديدي في يدي من الخلف ووضعوا عصابة على عيني، وأخرجوني من المنزل على تلك الحالة، ثمّ نقلوني إلى سيّارة جهاز الأمن الوطنيّ، وسمعت منهم أصوات الغناء والتصفيق فرحاً وسروراً بالقبض عليّ وكأنّهم حققوا نصراً كبيراً. واستمرّوا بالسخرية والسب والضرب على الوجه حتّى وصلنا إلى مبنى القلعة (جهاز الأمن الوطنيّ).
أخرجوني من السيارة وأجلسوني على كرسي، ثم جاءني أحدهم وقال لي: “هل عرفتني؟”، فقلت له: “نعم، أعرفك من صوتك، أنت بدر إبراهيم غيث”. فقال: “عرفتني”. وقام بضربي على الوجه بيده ورفسني وضربني على البطن وهو يصرخ في وجهي: “من أنتم الذين تريدون إسقاط النظام؟” وقام بتهديدي بالقتل وسبّني وشتم المذهب الشيعي والطائفة، وقال: “أنتم أبناء المتعة وأنتم زبالة المجتمع ولا قيمة لكم في المجتمع لهذا سوف نحكم عليكم بالإعدام”.
في سجن القلعة
تم وضعي في سجن تحت الأرض في زنزانة للتحقيق معي، وبدؤوا ممارسة الضرب والتعذيب، وكان من صور التعذيب تعليقة الفيلقة والضرب بالهوز الأسود والهروات بقوه وشدة وهم يقولون: «من أنتم الذين تريدون إسقاط النظام»، ويقولون: «اعترف أن عندك سلاحاً في بيتك»، فأنكرت ذلك وهم يقومون بضربي على الرأس بالهوز وفي باقي أنحاء جسدي، ثمّ قالوا: «سوف نعتدي على أهلك وزوجاتك وبنتك وأمك ونفعل بهم (الفاحشة) وأنت اعتبر حالك ميّت ومنتهي». ثمّ أخذوا يسبّونني ويشتمونني ويسبّون مذهبي بسخرية واستهزاء، وكنت أصرخ من شدة الألم وأبكي، والضرب متواصل لأكثر من ساعتين أو ثلاث.
ولما رأوني فاقد الوعي من شدة الضرب والتعذيب، قاموا بسحبي خارج الزنزانة. واستمر بي الوضع ضرباً وتنكيلاً وإهانات وتجاوزات لمدة سبعة أيام، في كلّ يوم ثلاث وجبات من التعذيب الشديد وتعليقة الفيلقة مع حرماني من النوم طيلة تلك الفترة.
وكذلك استخدام الصعق الكهربائيّ في البطن والأماكن الخطرة مرات عدّة، وكانوا يجبرونني على الوقوف على قدمي، وإذا تحركت قليلاً أو سقطت على الأرض من شدة التعذيب ضربوني بالهوز على رأسي وسائر أنحاء جسدي، ولا يعطونني فرصة لأستريح فيها وإنّما كان التعذيب متواصلاً، وكنت في تلك الفترة قد أشرفت على الموت ثلاث مرات في اليوم الواحد، وكانوا في بعض الأوقات لا يسمحون لنا بأداء الصلاة ويقومون بالتضييق علينا حال الذهاب إلى الحمام، وكنت طيلة تلك الفترة معصوب العينين ومكبّل اليدين.
ناصر بن حمد معذباً
وكان من ضمن المعذّبين والجلوالجلّادين ادين الذين قاموا بتعذيبي وضربي الأمير ناصر بن حمد آل خليفة ابن الملك، وقد رأيته بعيني أثناء وجبات التعذيب، وذلك عندما تحرّكت العصابة المشدودة على عيني لكثرة الضرب على وجهي، وكانوا ينادونه باسمه، وكنت أسمع ذلك وحديثهم معه. ورأيت كذلك من ضمن المعذّبين والجلوالجلّادين ادين رئيس جهاز الأمن الوطنيّ الأسبق خليفة بن عبدالله آل خليفة، ومعه مجموعة من المعذبين والجلادين، وكذلك رأيتهم بعيني في فترة التعذيب. وكذلك جاءتني مجموعة تدّعي أنّها مكلّفة من قبل الملك للنظر في مسائل الاعتداء الجنسيّ علي الذي حصل في الاعتقال السابق وكنت قد تحدّثت عنه سابقاً.
فجلسوا معي ورفعوا عن عيني تلك العصابة، ورأيتهم بعيني وشرحت لهم حقيقة ما جرى من الاعتداء الجنسيّ، وأنّه حصل ذلك في سجن حوض الجاف، ثمّ انصرفوا عنّي، وجاء دور المعذّبين لمواصلة تعذيبهم وضربهم لي في تلك الفترة.
كما أنهم قاموا بإجباري على التوقيع على الإفادة دون علمي بما فيها وما مضمونها، ولما رفضت التوقيع دون أن أقرأها هددوني بالضرب والتعذيب حتّى أجبروني على التوقيع، وأضيف بأنني قد تعرفت على بعض السجناء الذين تعرضوا لتعذيب؛ حيث رأيت الشيخ محمد حبيب المقداد يتعرّض للتعذيب القاسي الذي كاد يسبب له الهلاك، ورأيت كذلك بعض السجناء يتعرّضون للتعذيب وسمعت أصواتهم وبكاءهم.
ثم بعد ذلك، تم نقلي إلى سيارة وجاء أحدهم وقال لي: “هل تعرفني”؟ فقلت له: “لا”، فقال: “افتحوا عن وجهه العصابة”، ففتحوا عن وجهي العصابة فإذا به الملازم أبو أحمد (يعمل في جهاز الأمن الوطنيّ)، وأخد يصرخ في وجهي بصوت عالٍ: «أنتم تريدون إسقاط النظام»، وأخذ يضربني على وجهي بقوّة وقسوة وسبّني وشتم مذهبي، وقال لي: «لقد تكلّمت عن تعرّضك للاعتداء الجنسيّ، وأنا الآن سوف أقوم باغتصابك»، وأنزلني من السيارة وقام برفع ملابسي ولصق جسده بجسدي من الخلف، ثمّ أخذ يهدّدني ويقول: “سوف نأخذك إلى السعوديّة وهناك سوف يتم إعدامك”. وقام برفسي وتقييد يدي، ثم نقلوني إلى سجن القرين، وأنا أظن أنّي في السعوديةّ حسب كلامهم، ووضعوني في زنزانة انفراديّة في عنبر ليس فيه أحد سوى الشيخ محمد حبيب المقداد.
ومارسوا أصناف التعذيب جميعها بحقّي وبحقّ الشيخ المقداد، وكنت أسمع صوت بكائه وصراخه من شدة التعذيب، واستمر التعذيب في السجن ثلاث وجبات في اليوم عند الصبح والظهر والليل.
وكان من صور التعذيب الضرب بالهوز الأسود على جميع أنحاء جسدي وخصوصاً الرأس بقوة وعنف، ومنها كذلك السب والشتم لي ولأهلي وطائفتي الشيعيّة، والتلفظ بألفاظ بذيئة منها قولهم: «سوف نعتدي على زوجتك اعتداء جنسيّاً»، وكذلك الاستهزاء والسخرية والإذلال، وكان ذلك يجري عليّ في كل يوم. ومنها سكب الماء البارد عليّ فتبتل وتغتمر ملابسي وفراشي بالماء، ويتعمدون فتح مكيف الهواء، وكان الجو بارداً، فكنت أرتجف من شدة البرد، وحينما طلبت منهم إغلاق المكيف لأنه يضرّ بصحّتي، سبّوني وشتموني وأجبروني أن أستلقي في مستنقع الماء الذي أصبح في الزنزانة من كثرة سكب الماء، وكان هذا النوع من التعذيب يجبرونني عليه ثلاث مرات.
ومن صور التعذيب كذلك كان أحد المعذّبين يدعى أبو يوسف يبصق داخل فمي، ويجبرني على بلع البصاق، ويضربوني إن لم أفعل كذلك، يقوم بالبصق في وجهي كذلك هو ومجموعة من عصابته، وكان ذلك يجرى عليّ في كلّ يوم أكثر من مرة.
ومنها أنّهم يقومون بضربي وتجريدي من الملابس بشكل كامل، ويقوم بالاعتداء عليّ جنسيّاً ومن خلال وضع الهوز الأسود في الدبر، وبعض الأمور الأخرى التي أخجل من ذكرها.
ويقومون أيضاً بسحق وجهي بأقدامهم وأحذيتهم، ثم يجبروني على تقبيل أقدامهم وأحذيتهم، ثم يقومون بضربي ورفسي، ثم يجعلونني على هيئة السجود وأنا عارٍ من كل الملابس ويقول بعضهم: “من يريد أن يفعل فيه؟”. ويجرى عليّ هذا النوع من التعذيب مدّة ساعة في كل يوم، والمراد منه الإذلال والاحتقار، وإنّني في غاية الاستغراب والتعجّب من دولة تدّعي الإسلام كيف تفعل ذلك بعلماء دين محترمين وسط المجتمع.
هذه الأفعال والانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانيّة، إنّما أذكرها لكشف الحقيقة وبيان واقع النظام الإجراميّ وأعماله الوحشيّة المخلّة بالأعراف والتقاليد، والمنتهكة لحقوق الأنسان.
إنّ ما جرى بحقّي من أفعال شنيعة مخلّة بالدين والحياء، فوالله والله والله كنت أتمنى الموت ولا يصنع بي ذلك.
تذكرت سجن أبو غريب في العراق، وسجن غوانتنامو من أصناف التعذيب والأساليب الوحشيّة، فوالله لقد رأيت ما يعجز الأنسان عن وصفه.
في النيابة العسكريّة
وبعد مدّة في السجن، جاؤوا وقالوا لي: «سوف نرسلك إلى النيابة العسكريّة»، وقالوا لي: «إذا تحدّثت عمّا جرى عليك من تعذيب سوف نعذّبك تعذيباً أكثر ممّا وقع عليك». وبالفعل أخذوني إلى النيابة العسكريّة، وهناك وجدت المحقق واسمه محمود رياض، وهو الذي يحقق معي، واعتمد في التحقيق على الإفادة التي كتبها جهاز الأمن الوطنيّ وأجبروني على التوقيع عليها، وكان في التحقيق دائماً يصرخ في وجهي ويهددني بأنّك محكوم بالإعدام، ووجّه إليّ تهماً عدّة، فأنكرتها فصرخ قائلاً: «أنكرت أو اعترفت فأنت محكوم بالإعدام لا محال»، وألصق بي التهم الكيديّة التي اختلقها جهاز الأمن الوطنيّ.
وقد جرى عليّ ذلك من دون وجود المحامي وأنا مقطوع عن الاتصال بالعالم الخارجيّ، وأيضاً أجبرني المحقق على التوقيع على الإفادة التي كتبها، فلمّا رفضت قام بتهديدي، فوقعت عليها مجبراً، ولما أن رجعت من جلسة التحقيق قاموا بتعذيبي علماً بأنّي لم أذكر للنيابة عن تعذّيبي الذي جرى عليّ، وقد استمر التعذيب لمدة ثلاثة أشهر تقريباً على الحالة نفسها، ولم يقف التعذيب إلّا عند مجيء لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني).
وقد انتكست حالتي الصحية من شدة التعذيب وقسوته، وقد نجم عن ذلك حدوث أمراض مزمنة وأنا أعاني منها كثيراً وأتألم، ومن هذه الأمراض النزيف الداخليّ نتيجة تعذيبهم لي بالرفس والوطأ بأحذيتهم على بطني، وأيضاً الرفس في الأماكن الحساسة والضرب على الساقين ومنها تسبب بألم أعاني منه حتّى الآن، وقد أخبروا الدكتور المختصّ في المستشفى العسكريّ ليرى حالتي المرضيّة هذه مزمنة، والدواء كان مسكن للألم فقط.
ومن الأمراض التي حصلت من التعذيب شدة الألم في الظهر والفخدين وذلك لكثرة الوقوف، وحصل لي أيضأ من أثر التعذيب كثرة دوار في الرأس وفقدان التوازن مما يسبب سقوطي على الأرض وعدم القدرة على الوقوف المتزن، وذلك بسبب كثرة الضرب على الرأس أثناء التعذيب، وكذلك فقدان الشعور والإحساس باليد وحدوث التنمل بها، ومنها أيضاً ضعف النظر في العين وحدوث (الزغللة) فيها، وذلك بسبب الضرب الذي حصل لي على عيني، وأيضاً الضرب على الأنف ما تسبب بنزيف دموي.
ولست أدري ماذا يحدث لي مستقبلاً من آثار وعاهات بسبب التعذيب، وإنني أحمّل النظام ورموزه كامل المسؤوليّة عن كل ما جرى عليّ أو أيّ شي يحصل لي مستقبلاً.
واقعة يوم النطق بالحكم في المحكمة العسكريّة بتاريخ 22-6-2011
لقد أدخلنا في قفص الاتهام ونحن نستمع إلى القاضي ليقول حكمه فينا، فلما نطق بالحكم الجائر والقاسي ردّدنا شعار «سلميّة سلميّة الشعب يريد الحريّة»، وبمجرّد أن قلنا ذلك الشعار هجم علينا الجنود وأخرجونا من قفص الاتهام بالدفع والقوة وكانوا يهددوننا بالضرب والتعذيب.
ثم بدؤوا بوضعنا مقابل الجدار، وقيّدوا أيدينا إلى الخلف، وأخذوا يضربوننا بلا رحمة، وكان بجانبي الأستاذ عبدالهادي الخواجة وسمعته يصرخ ويقول: «عندي عملية في فكّي لا تضربني على وجهي»، لأنّهم ضربوه على الموضع نفسه ما تسبّب بإصابته بشكل مباشر، وسالت الدماء على وجهه، ثم أتوا نحوي، وضربوني بقوة على عيني ما تسبب باحمرارها وتورّمها وبالألم الشديد، وقد كنت أسمع أصوات الضرب والرفس وأصوات البكاء والصريخ، ثمّ قاموا برفسي وأسقطوني على الأرض، ولم أستطع القيام فسحبوني كما يسحب الكبش إلى غرفة الانتظار، وهناك أيضاً ضربوني على مختلف أنحاء جسمي، ثمّ نقلونا إلى السيارات، ورجعنا إلى السجن، وعند أبوابه قاموا بضربي وإسقاطي على الأرض مرة أخرى، ثم جاء الممرض وحملوني إلى داخل السجن؛ لأنّي لم أكن قادراً بعد على القيام لشدة ما حصل لي، كما كنت لا أقوى على النظر بسبب الضرب على عيني، وهناك عولجت بالكمادات، ولم أنقل إلى المستشفى؛ لأن حالتي كان يرثى لها، ولأجل أن لا يسجل عليهم مخالفة في التقرير الطبيّ، فالآثار واضحة في العين وبقية الجسم، لذلك اكتفوا بالممرّض فقط. والشهود على هذه الحادثة، وإصابة عيني، وضربي وتعذيبي، هم كل مجموعة الـ 14 سجيناً الذين كانوا معي في القضيّة نفسها، وهم على استعداد للإدلاء بشهادتهم.
وفي اليوم الثاني من الواقعة جلبوني إلى المحكمة العسكريّة، ومعي الشيخ محمّد حبيب المقداد، وحينما رأتني المحامية ريم خلف سألتني عن الإصابة في عيني، فأخبرتها بالأمر، فتقدمنا بشكوى إلى المحكمة العسكريّة لما أصابني من ضرب وتعذيب، وكان قد وقع علي ذلك في محكمة القضاء، وأيضاً من الذين رأوا آثار التعذيب هو القاضي نفسه، وهو المقدّم منصور المنصور، وكذلك النيابة العسكريّة منهم النقيب محمود رياض والرائد مازن وأبو سلمان، وقال لي أبو سلمان حينما رأى إصابتي في العين: “ماكنا نتمنى أن يحصل لكم ذلك”، ولما عاتبته على ما فعلوه بنا وفي المحكمة وتحت رعايتهم، قال: «هذا الأمر ليس بيدي ولا أدري كيف حدث ومن أمر بذلك»، وكنا قد تقدّمنا بشكوى لدى النيابة العسكريّة على ما جرى علينا من الضرب والتعذيب داخل مبنى القضاء، إلّا أنّه جاءنا الردّ بعدم قبول الشكوى لعدم كفاية الأدلّة، وحينما تكلّمت مع محقّق النيابة عن الأمر ابتسم ولم يقل شيئاً. وكانت تلك الحادثة بتاريخ 2011/6/22.
الانتهاكات والتجاوزات وحالات التعذيب
أذكر حالات من الانتهاكات والتجاوزات التي جرت عليّ في السجن وهي تمثل جرائم كبرى بحقّ الإنسانيّة، يتحمّل مسؤوليّتها رموز النظام والجلّادون المعذبون في النظام:
- سبّ الدين والمذهب والازدراء بالطائفة الشيعيّة الكريمة، وسبّ أئمّة الدين والمذهب والإهانة والاستهزاء بالطائفة وأئمّتها.
- التهديد بالاعتداء على الأهل والعرض وهتك حرماتنا من خلال قولهم سوف نفعل في زوجتك وبناتك ونقوم باغتصابك.
- إجبارنا على تقبيل صور رموز النظام البحرينيّ والملك السعوديّ، ويومياً يجبروننا على ذلك.
- إجبارنا على تقبيل أحذيتهم، ويقومون بسحق وجوهنا ورؤوسنا بأحذيتهم.
- إجبارنا على السبّ والشتم لأنفسنا وأهلنا، ومذهبنا ويقولون لنا أنتم أبناء المتعة.
- يهددوننا دائماً بالقتل وأنه سوف ينفذ حكم الإعدام عليكم لا محال لأنكم خنتم الوطن ولا يوجد عندكم ولاء للنظام ولا رموزه.
- يبصقون علينا في وجوهنا، ويجبروننا على فتح فمنا وإدخال النخامة داخل الفم، ويلزموننا بابتلاعها، وقد فعلوا بنا ذلك مرات عدة لمدة ثلاثة أشهر.
- الإزعاج الليلي بحيث يحرموننا من النوم بالضرب على الزنزانة بشدة لكي يرعبونا ويسلبوا النوم عنا.
- التضييق علينا في الذهاب لقضاء الحاجة في دورة المياه بحيث لا يسمح لنا إلّا في وقت قليل وبشكل سريع جداً.
- إجبارنا على الوقوف على القدمين بشكل متواصل ورفع اليدين من دون الاتكاء على الجدار ما يسبب لنا الإغماء أحياناً والسقوط على الأرض.
- تعليقة الفيلقة، وهي تعليق السجين ليصبح رأسه إلى الأسفل ورجلاه إلى الأعلى، ويقومون بضربنا بالهوز والعصي، وقد جرى لي ذلك مرات عدّة
- سكب الماء البارد على الجسم وفراش النوم والبطانية، وكان الجو بارداً مع فتح مكيف الهواء ما يتسبب في مرضنا.
- تكبيل اليدين إلى الخلف وتعصيب العينين وتغطية الرأس، وهذا يحدث لنا بشكل متكرر كلما أردنا الخروج إلى المحكمة أو النيابة.
- تعريتي من جميع ملابسي وجعلي عارياً والجنود ينظرون إلي باستهزاء وسخرية، والمراد بذلك إذلالي، ثم يقومون برفسي وضربي والتحرش الجنسيّ باستخدام الهوز الأسود والرفس في الأماكن الحساسة، وهذا حدث معي مرات عدّة في سجن القرين.
- حينما نذهب إلى الحمام يجبروننا على تغطية سائر جسمنا حتّى لا نرى أحداً ولا يرانا أحد.
- عدم السماح لنا باستخدام الحمام للاستحمام ولا تبديل الملابس وذلك لفترة طويلة من احتجازنا.
- وضعنا في السجن الانفراديّ في زنزانة صغيرة، ومنعنا من الكلام أو التحدّث مع أيّ أحد، وقد استمر ذلك أشهراً عدة.
- إجبارنا على التوقيع على إفادة التحقيق في جهاز الأمن الوطنيّ والنيابة العسكريّة من غير أن نعلم ما يوجد فيها.
- حرماننا من الاتصال بالمحامي أثناء التحقيق.
- حرماننا من الرعاية الطبيّة وعدم تقديم العلاج الكافي لنا.
- حرماننا من الاتصال بالأهل والأقارب وبالعالم الخارجيّ.
- عدم توفير الغذاء الكافي وحرماننا من التغذية الصحيّة.
- حرماننا من ممارسة الطقوس الدينيّة، ومنعنا أحياناً من الصلاة، ولم يأتوا لنا بما نحتاجه لإقامة الصلاة من قبيل سجادة الصلاة والسجدة، ولا يوجد مكان نظيف وطاهر لإقامة العبادة.
- حرماني من المصحف الشريف وكتب الأدعية والكتب الدينيّة، وذلك من أبسط الحقوق للسجين.
- إجبارنا وإكراهنا على سبّ أنفسنا شتمها والتفوّه بعبارات بذيئة يخجل الإنسان من ذكرها؛ مثال ذلك (أنا ابن الفاعلة وأنا كلب وأنا حيوان )
- الضرب بالهراوات والأسلاك الخشنة على الرأس والظهر والبطن والفخذين وسائر أعضاء الجسم بقوة والرفس بالأرجل، وهذا يحدث لنا باستمرار لمدة ثلاثة شهور تقريباً.
- حرماننا من النوم 7 أيام متواصلة في سجن القلعة ما أدّى إلى سقوطي مرات عدّة مغشيّاً عليّ وهم يضربونني ويرفسونني ليوقظوني ثانية بلا رحمة ولا رأفة.
- وهذا شيء مختصر ومقتضب من الانتهاكات الجسيمة التي وقعت عليّ في سجنَي القلعة والقرين، وتوجد أشياء كثيرة لم أذكرها رعاية للاختصار.
مطالبتي بالاعتذار وإرغامي على التصوير
في أحد الأيام حيث كنت في الحبس الانفرادي في سجن القرين في شهر أبريل 2011، طُلب منّي أن أتهيّأ بشكل جيد، ولم أكن أعلم السبب، ثمّ نقلت إلى مكان آخر بعد تقييدي بالقيد الحديدي وتعصيب عيني ووضع كيس على رأسي ووجهي، واتجهت بي السيارة إلى مكان يبعد نصف ساعة تقريباً، وقالوا لي: «سوف تقابل الآن الشيخ، ونريد منك أن تتعاون معه، وإذا لم تستجب لما يريد منك فسوف نعذبك عذاباً شديداً»، وبعد أن رآني الشيخ قال: “غيّروا ملابسه”. والملثّمون بدورهم أحضروا ثياباً لألبسها، وكانت معاملتهم قاسية مقرونةً بالسبّ والشتم، وبعد أن لبست الثوب جلست أمام هذا الشخص الذي يدعى بالشيخ، وكانت طريقة تجهيز الجلسة تدلّ على أنّ الغرض هو التصوير، وقال الشيخ: «عليك أن تعتذر إلى الملك والعائلة الحاكمة لأنّك طالبت بإسقاط النظام»، وكانوا يركزون على ضرورة الاعتذار، وأنا بدوري رفضت الاعتذار وقلت لهم: «أنا لم أخطئ، وكل الذي طالبت به هو الإصلاحات، وبسبب تعنت النظام وتراجعه عن الإصلاحات قامت الناس بنهضة 14 فبراير» وقلت له: «إنّ سبب الأزمة هو عدم ثقة السلطة بالشعب ما أدّى إلى تدهور الأوضاع في البلاد، فانعدام الثقة يؤدّي إلى كلّ شي، ولا يمكن أن يستمر النظام في حكمه وهو لا يثق في شعبه».
فقال الشيخ: «أنتم لا ولاء لكم للوطن وولاؤكم لغير الوطن»، فأجبته: «نحن ولاؤنا للوطن، ولكن الولاء للوطن لا يعني الولاء لأشخاص محدّدين في الوطن، بل الولاء يكون لتراب الوطن ولمصلحة شعبنا»، إلّا أنّ هذا الشخص كرّر قوله بضرورة أن يكون ولاؤنا لرموز الوطن والعائلة الحاكمة، فلم أقبل كلامه، وكان الردّ هو الضرب القاسي والشتم من قبل بعض الملثّمين المحيطين به، وكان الضرب شديداً، وزاد على ذلك بأن قاموا بتهديدي بالاغتصاب، وقالوا: «سنفعل بك الفاحشة» والعياذ بالله، وبعد المشادة الكلاميّة وبعد الضرب الشديد، تم إرجاعي إلى سجن القرين، وتناولوني هناك بوجبة أخرى من التعذيب والضرب والسبّ والإهانات الفظيعة.
الهجوم على منزلي
بتاريخ 17/3/2011 قامت قوات جهاز الأمن الوطنيّ مع قوّات من وزارة الداخليّة بمحاصرة منزلي والهجوم عليه وتحطيم جميع الأبواب الداخليّة مع البوّابة الخارجيّة، وقد شمل تحطيم الأبواب كل الأبواب الداخليّة للغرف وبالخصوص غرفة النوم؛ حيث جرى تفتيشها بشكل مهين ومذل والعبث بمحتويات المنزل، وقد قاموا بإخراج ملابسنا من الخزانات حتّى الملابس النسائيّة وتمزيقها ورميها في الغرفة، وقاموا بأخذ الصور الخاصة بالعائلة، ورموا الكتب ومزّقوها، وعبثوا في كلّ محتويات المنزل.
وكذلك قاموا بتمزيق الكتب ورميها في المجلس، وقد سرقوا في ذلك اليوم من المنزل خمسة أجهزة كمبيوتر وأربعة أجهزة رسيفر وصوراً خاصة، وقاموا بسرقة أموال نقديّة وحقائب تحتوي على مستندات شخصيّة خاصّة بالعائلة، وهواتف نقّالة وكتب من المكتبة، وصار المنزل كالخرابة.
إنّ هذه جريمة قامت بها قوات جهاز الأمن الوطنيّ والداخليّة، وينبغي تقديمهم للعدالة حتّى لا تقع جرائم مماثلة في المستقبل، وأرجو من المحكمة إقامة العدالة وإنصاف المظلومين والذين انتهكت حقوقهم والذين لحق بهم الضرر الماديّ والمعنويّ وضحايا التعذيب، وإذا أقيمت العدالة بحدودها قمعت الجرائم في بلدنا العزيز، وهذا ما يرجوه كل منصف وغيور على مصلحة المجتمع، ونرجو الخير لكل الأمة وتقديم مصلحتها، وإنصاف المظلومين من أبناء هذا الشعب الكريم.
التهم الكيديّة التي نسبت إليّ من قبل النظام
عمل النظام على اختلاق مؤامرة خبيثة من أجل ضرب المعارضة السياسيّة، وتلفيق التهم الكيديّة لها وتغييبها عن الساحة السياسيّة في غيابات السجون، ومن هذه التهم الباطلة:
- التخطيط لإسقاط النظام بالقوة.
- تأسيس جماعة خلاف القانون.
- التخابر مع دولة أجنبيّة.
- التحريض على كراهية النظام.
- الازدراء بمكتسبي الجنسيّة البحرينية.
- الإخلال بالنظام العام.
- العمل على تغيير الدستور بالقوة.
وكل هذه التهم واهية كيديّة، بل هي أوهن من بيت العنكبوت، ولا يوجد دليل واحد يقينيّ ضدّنا في كلّ التهم المذكورة. وبذلك دبّر النظام مؤامرة على كل شرفاء الوطن الذين كانت لهم مواقف شريفة ونبيلة معارضة وأرادوا إصلاح النظام، بهدف إسقاطهم.
وبدلاً من أن تقوم الدولة بإصلاح الأمور الفاسدة، أصرت على الاستمرار في ظلم الشعب، وفي هذا السياق كان الحكم علينا بأحكام قاسية، وتشويه صورتنا في الإعلام، والعمل على التشهير بنا من خلال الإعلام المضلل (إعلام السلطة)، وأضيف هنا بأن هذه المجموعة معروفة بإخلاصها للوطن منذ الثمانينات، وبعضهم كانوا من رفقاء الشيخ الجمري المعروفين بإخلاصهم للوطن ومطالبتهم بالإصلاحات في أجهزة الدولة.
ومن ضمن مسرحيّات النظام وتلفيق التهم الكيديّة الزائفة كان تلفيق التهمة المعروفة (بالخلية الإرهابيّة) عام 2010م؛ حيث جرى اعتقالي في شهر أغسطس 2010 مع مجموعة من معتقلي الرأي الذين كان أغلب هذه المجموعة من ضمنهم، حيث جرى تعذيبي بشكل وحشي في القلعة التابعة لجهاز الأمن الوطنيّ، وذلك بأصناف التعذيب الوحشيّ ولمدّة شهر كامل، ثم نقلت إلى الحوض الجاف ليستمر التعذيب القاسي لمدّة تقارب ستة أشهر، ثم أطلق سراحنا بتاريخ 23/2/2011م، وذكرت الصحف ومنظمات حقوق الإنسان حينها أنّنا معتقلو رأي.
وبعد 20 يوماً من الإفراج عنّا، كررت السلطة اعتقالنا، ولفقت التهم نفسها التي دبرت من قبل أجهزة النظام نفسه حيث من المستحيل القيام بكل هذه التهم في الفترة القصيرة، ما يدل على أنها كذب واضح ومؤامرة جليّة واستهداف بيّن، فنحن الآن ضحية مؤامرة أجهزة النظام، وهذه من أكبر صور الفساد في البلاد؛ فكل من يطالب بالإصلاحات تحاك له المؤامرات ويشهّر به في الجرائد الرسميّة والتلفاز.
وأضيف هنا بشأن تعرّضنا للتعذيب الوحشيّ بأنّ من الأدلّة الواضحة على تعرّضنا للتعذيب ما ذكر في تقرير بسيوني من الإفادات المتكثرة، وكذلك ما وقع وباعتراف السلطة باستشهاد مجموعة من المعتقلين تحت وطأة التعذيب في السجون فيما تلا أحداث فبراير ومارس، والسلطة كانت وما تزال تمارس العنف والقتل في الشوارع للأبرياء وبمرأى من العالم، فهي لا تعبأ باستنكار المنظّمات الحقوقيّة والجهات الدوليّة مهما كثرت؛ لأنّها تمتهن عنف الجلّادين وتمارس قتل المحتجين بدم بارد. وأشير هنا إلى ضرورة مراجعة إفادتي الموثّقة في تقرير بسيوني في الملحق / الحالة رقم 5 التي احتوت عرضاً مختصراً لبعض ما جرى عليّ من أنواع العذاب والتنكيل.
أسباب الاعتقال التعسّفيّ
- من الأمور التي أدّت إلى اعتقالي قيامي برفع شكوى ضد وزير الداخليّة، وذلك بسبب الاعتداء عليّ أثناء اعتصامنا السلميّ أمام المحكمة سنة 2010م؛ حيث قامت قوات الشغب بضربي وإسقاطي إلى الأرض، وتسقيط عمامتي بشكل مهين، وقاموا بشتمي وإيذائي، فقدّمت الشكوى في مركز الحورة، والذي أراه أن اعتقالي والتنكيل بي كان انتقاماً مني بسبب هذا الموقف وأشباهه.
- وأيضاً قدّمت شكوى ضد وزير الداخليّة للاستخدام المفرط للقوة واستخدام سلاح الشوزن ضد الاحتجاجات السلميّة لأبناء الشعب ومواجهتها بعنف شديد.
- مشاركتي في المطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيّين (سجناء الرأي)، وإصدار الأحكام القضائيّة الجائرة بحقهم واتهامهم بتهم باطلة، فكان لي موقف الاحتجاج على السلطة لتلك الممارسات غير المبررة قانونياً وإنسانياً، ومن أولئك الضحايا معتقلي المعامير ومعتقلي كرزكان؛ حيث دبرت السلطة لهم تهماً كيديّة بالقتل والتخريب، ومن المعلوم أنّهم كانوا من المحتجين على تعسّف النظام ومن النشطاء.
- كما أنّ لي مواقف سياسية من خلال إلقاء الخطب وتثقيف الشعب بحقوقه السياسيّة ونقد السلطة في سياستها الخاطئة، وحيث كنت ناشطا سياسيّاً واجتماعيّاً لذلك تم استهدافي وزجّي في السجن واتهامي بتهم باطلة.
- وكنت أطالب بإطلاق الحريات والحقوق العامة للمجتمع؛ مثل حرية التعبير والرأي وعدم الاستئثار بالثروة ونهب الأموال العامة وعدم اللعب بالقوانين، كما طالبت بمحاسبة المفسدين في كل أجهزة الدولة، حيث لا يوجد أحد فوق القانون، وطالبت بتقسيم الثروة بالعدالة وإصلاح كل أجهزة الدولة الفاسدة، وفي ذلك صلاح المجتمع والأمة وهذا ثمرة بعثة الأنبياء في الأمة وهو إقامة العدل. فكنت أسمع صرخات وأنيين بعض الموجودين في الزنزانات الانفرادية، ومنهم الأستاذ حسن المشيمع والشيخ عبدالجليل المقداد والأستاذ صلاح الخواجة والأستاذ عبدالوهاب حسين، وكان الشيخ محمد حبيب المقداد مجاوراً لي في زنزانته في السجن، وكنت أسمع أنينه وصراخه من شدة العذاب في كل وجبات التعذيب صباحاً وعصراً ومساءً.
- وقد رأيت مجموعة الـ 14 بأكملها وهي تضرب وتشتم وتسب في جلسة النطق بالحكم بتاريخ 22-6-2011م، كما كانت الإهانات وأنواع السخرية تكال للمجموعة في كل جلسة من جلسات المحكمة وبعد الجلسة، وذلك من قبل الشرطة العسكريّة حيث كانت المعاملة قاسية جدا.
بيان بأسماء الأشخاص الذين وقع عليهم التعذيب
فيما يلي أبين للسادة القضاة بعض أسماء الأشخاص الذين شاهدتهم بعيني وسمعتهم يعذبون في سجنَي القلعة والقرين:
1- الشيخ محمد حبيب المقداد: حيث رأيته في القلعة في القسم التابع لجهاز الأمن الوطنيّ خلال الأيام الأولى من الاعتقال، وكان فريق التعذيب يتناول الشيخ محمد حبيب ويتناولني في آن واحد وبشكل متواصل لمدة سبعة أيام ليلاً ونهاراً، وكلما انتهى فريق من جولة التعذيب التي كُلف بها جاء فريق آخر ليحلّ محلهّ ويواصل مهمّة التعذيب، واستمر هذا العناء حتّى شارفنا على الموت؛ فلقد وجدت الشيخ محمد حبيب المقداد وهو يشرف على الهلاك حتى يئسنا من الحياة وسلّمنا أمرنا إلى الله، وتشهدنا معاً وكان ذلك في سجن القلعة.
وبعد أن نقلنا إلى سجن القرين العسكريّ، بدأت المرحلة الثانية من العذاب؛ حيث وضعنا في عنبر وكان الشيخ محمد حبيب المقداد في أول العنبر وكنت في آخره، لكنني كنت أسمع صراخه وأنينه من شدة التعذيب وقسوته، وكان هو كذلك يسمع مني ذلك، وكانوا يأتون للتعذيب صباحاً وعصراً وليلاً، وكنت أسمعهم وهم يأمرون الشيخ المقداد ويجبرونه على سبّ نفسه وعائلته وكانوا يفعلون بي الفعل نفسه، ولولا رحمة الله -عز وجل- بنا لزهقت أرواحنا من شدّة التعذيب.
2- وقد شاهدت محمد حسن جواد يعذب في سجن القلعة، وسمعت صراخه المميز وهو يقول: “يا الله يا الله” من شدة الضرب والتعذيب، وقد تم تعليقه بالفيلقة.
3- وقد شاهدت كذلك جاسم الحايكي، وكنت أسمع صراخه وشدة تعذيبه وقد تم تعلقيه بالفيلقة، وقد استخدموا معه الصاعق الكهربائيّ، وكنت كذلك أسمع في الوقت ذاته أشخاصاً يصرخون لشدة التعذيب الذي لم يكن يتوقف، ولكني لم أعرف أحداً منهم سوى الشيخ محمد حبيب المقداد ومحمد حسن جواد وجاسم الحايكي، وهم من بين المئات الذين يتجرعون التعذيب وذلك في سجن القلعة.
4- وكنت أسمع في سجن القرين العسكريّ فترة التعذيب صرخات بعض الموجودين في الزنزانات الانفراديّة وأنينهم؛ ومنهم الأستاذ حسن مشيمع والشيخ عبد الجليل المقداد وصلاح الخواجة وعبد الوهّاب حسين، وكان الشيخ محمد حبيب مجاوراً لي في زنزانة السجن، وكنت أسمع تعذيبه وأنينه في كل الجولات.
5- وقد رأيت المجموعة 14 بأكملها وهي تضرب وتشتم وتسب في جلسة النطق بالحكم بتاريخ 22/6/2011م، كما كانت الإهانات وأنواع السخرية تكال للمجموعة في كل جلسة من جلسات المحكمة أثناء النقل والانتظار قبل الجلسة وبعد الجلسة، وذلك من قبل الشرطة العسكريّة حيث كانت المعاملة قاسية جداً.
المطالب الرئيسة
أتوجّه إلى مجلس القضاء ليحقق العدالة المنشودة من خلال تحقيق المطالب العادلة التي أذكرها لكم:
1- أطالب بمحاكمة المعذبّين والجلّادين والمتورّطين بإصدار الأوامر بممارسة التعذيب الذي جرى علينا بوصفنا سجناء في سجون النظام، وأذكر لكم قائمة بأسماء المعذّبين الذين تعرفت عليهم في السجن:
- رئيس جهاز الأمن الوطنيّ خليفة بن عبد الله آل خليفة هو ومجموعة من عصابته مارسوا التعذيب بحقّي، وقد رأيته بعيني في مبنى جهاز الأمن الوطنيّ أثناء التعذيب مرات عدّة.
- ناصر بن حمد آل خليفة، وقد قام بممارسة التعذيب والضرب لي في مبنى جهاز الأمن الوطنيّ أثناء اعتقالي، وقد رأيته بعيني وهو يضربني على وجهي بيده وكذلك بالهوز الأسود وهو يصرخ في وجهي ويقول: «من أنتم الذين تريدون إسقاط النظام سوف ندفنكم في الأرض ولن يكون لكم ذكر بعدها أبداً أنتم ومن اتبعكم».
- بدر إبراهيم غيث، وهو نقيب في جهاز الأمن الوطنيّ، وقد مارس التعذيب معي مرات عديدة ورأيته بعيني.
- محمد عواد، وهو ضابط في جهاز الأمن الوطنيّ، وقد قام بتعذيبي وعلقني تعليقة الفيلقة مرات عدّة، وهو الذي يكتب الإفادة إلى السجناء، وهو أردنيّ الأصل.
- أبو أحمد، وهو ملازم في جهاز الأمن الوطنيّ قام بتعذيبي وضربي مرات عديدة.
- المشير وعصابته؛ فإنهم المسؤولون عن التعذيب الذي جرى عليّ في سجن القرين باعتباره هو المسؤول الأوّل عن السجن العسكريّ.
2- الإفراج الفوري وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيّين بلا قيود ولا شرط.
3- أطالب أيضاً بجبران جميع الأضرار والانتهاكات التي وقعت على شعبنا الكريم سواء كانت ماديّة أو معنويّة.
4- أطالب بإعطاء الشعب جميع حقوقه السياسيّة والاقتصاديّة والمدنيّة حتّى تسود العدالة في المجتمع ولا يوجد أحد فوق القانون، وعدم الاستئثار بالثروة، وعدم إهدار المال العام.
5- أطالب بتنفيذ توصيات اللجنة المستقلّة لتقصّي الحقائق (لجنة بسيوني)، وأيضا أطالب بتنفيذ التوصية الخاصة التي أوصي بها لجنة بسيوني ألا وهي تشكيل لجنة دوليّة محايدة تحقق في قضايا التعذيب والانتهاكات التي وقعت منذ أحداث 14 فبراير2011م.
6- وأطالب بكتابة دستور عقدي يكون ميزاناً بين الشعب والسلطة، وذلك من خلال تشكيل لجنة منتخبة من الشعب وتكون هذه اللجنة أمينة على مصالحه تكتب الدستور، ويكون الدستور هو المرجع للكل عند الاختلاف.
7- أطالب بإنزال العقوبة المتعددة بمن قام بتعذيبنا في وجبات متكررة، وذلك لتعدد الجرائم الصادرة منهم حيث لا تعدّ جريمة واحدة فحسب، بل هي جرائم متعددة.
8- وإنّي أعلم علم اليقين أنّ جهاز القضاء وكلّ مؤسسات الدولة لا يوجد لها استقلاليّة، بل كلها تابعة لرموز النظام السياسيّ في البحرين.
9- أطلب إلغاء التمييز الطائفيّ المقيت في جميع أجهزة الدولة، وبالخصوص ضد الطائفة الشيعيّة الكريمة.
10- توقيف التجنيس، وإصلاح كلّ ما نتج عنه من فساد وخصوصاً في وزارتي الدفاع والداخليّة مع بقيّة الوزارات.
11- أطلب إصلاحات حقيقيّة وليست وهميّة، فما هو في بلدنا ليس بإصلاحات حقيقيّة وإنّما صوريّة محضة، ولو وقعت إصلاحات حقيقيّة – كما تدّعي السلطة – لرأينا أنّه لا يوجد معتقلون سياسيّون ولا توجد احتجاجات، ونحن نرى الاحتجاجات الواسعة المتواصلة، والسبب هو سياسة الحكومة التي لا تريد أن تسمع كلمة شعبها في تجاهل واضح لحقوق الشعب ومطالبه المشروعة، وهذا واضح لكل العالم.
12- أطلب إيقاف بلطجية النظام عن اعتداءاتهم المتكررة، واقتحاماتهم المحلات التجاريّة، والاعتداء على الناس بالسلاح الأبيض وغيرها من التجاوزات، وإيقاف هجوم قوات الشغب وعناصر جهاز الأمن الوطنيّ على المنازل والقرى الآمنة، فلقد انتهكت حرمات كثيرة بسبب الهجوم على المنازل والتي منها هتك حرمة النساء في غرف النوم مع أزواجهم، حيث يقتحم عليهم المنزل بشكل مهين ويفتش المنزل ويضرب الزوج أمام زوجته وأولاده.
13- أنصح الحكومة بالتعجيل في الاستجابة للمطالب الشعبيّة قبل فوات الأوان.
وفيما يتعلّق باستكمال ملف قضيّتي أطلب ضم التقرير الطبّيّ من لجنة بسيوني إلى ملف قضيتي، وكذلك ملف التعذيب الذي جاء في تقرير بسيوني تحت ملحق رقم (5).
وفي الختام، تحية إكبار وإجلال لكل المخلصين من شعبنا العظيم الغيور.
وعاش الحق وزهق الباطل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الشيخ عبد الله عيسى المحروس
وشهرته الشيخ ميرزا المحروس.