الكلمة التي ألقاها الشيخ محمد حبيب المقداد في قاعة محكمة الاستئناف العليا
المحتويات
بتاريخ 22 مايو 2012م غرّة رجب الموجب 1433 هـ
المحكمة اليوم الموافق 19/6/2012 وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة.
باسمه تعالى
السادة القضاة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في مقام الدفاع عن نفسي ودفع التهم الكيديّة المنسوبة إليّ كذباً وزوراً، فإنّي أضع هذه المذكّرة المختصرة التي تحتوي على جوانب متعلّقة بالدعوى المرفوعة في حقيقتها القانونيّة وأبعادها السياسيّة، أملاً أن تكون ضمن مذكّرة الدفاع التي قدّمها السادة المحامون. أيّها السادة القضاة، إنّ التهمة الموجّهة إليّ والتي على ضوئها تمّ إصدار الأحكام القاسية، هي تهمة التحريض على الخطف والاعتداء على أفراد الشرطة والآسيويين الأجانب العاملين في مملكة البحرين، وأنا أقول لكم إنّ هذه دعوى، والدعوى تفتقر إلى دليل وبرهان، فأين دليلكم وبرهانكم على أنّي قمتُ بالتحريض على هذا الفعل؟ وبصياغةٍ قرآنية أقول لكم <قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ> وأنا واثق كلّ الثقة ومطمئن كلّ الاطمئنان أنّه لا يوجد قول أو فعل أو عمل يدل على قيامي بالتحريض على الخطف والاعتداء على أفراد الشرطة والآسيويين كان صدر من على منصّة الإلقاء في دوّار اللؤلؤة كما يزعمون.
وهنا أقول إنّ الخطابات التي يتم إلقاؤها من على المنصّة مسجّلة وموثّقة، ولا يوجد خطاب واحد يدعو إلى الاعتداء على أفراد الشرطة أو العمّال الآسيويين، بل يوجد العكس من ذلك: الدعوة إلى السلميّة وممارسة السلوك الحضاريّ الملتزم، ويكفي شاهدٌ على ذلك كلّ المسيرات التي انطلقت والحشود التي اعتصمت في دوار اللؤلؤة، لم يسجل بها دعوة إلى عنف، وثالثاً: إنّ دوّار اللؤلؤة يوجد فيه آلاف من أبناء هذا الشعب، فهل يستطيع من يزعم ويدّعي أنني حرّضت على العنف والاختطاف والاعتداء على الآسيويين أن يأتي لي بشاهد واحد سمع منّي ذلك؟ الجواب واضح: لا يوجد؛ لأنّ المسألة مفبركة ومحاكة من قبل النظام الذي يختلق الأكاذيب والتلفيقات، ويعمل الدسائس والمسرحيّات لينال من كل المناضلين الشرفاء من أبناء هذا الوطن الحبيب.
ويبقى هنا أن نناقش مسألتين، الأولى اعترافات المتّهمين، والثانية شهود الإثبات.
إنّ استهداف أجهزة السلطة للمعارضين السياسيّين، من سمات الأنظمة المستبدّة، فالمستبدّ لا يتحمّل الصوت المعارض، ولا يتعايش مع الأنظمة المرتبطة بالإصلاح، وبالرغم من إدراكي لتلك الحقيقة فقد حملني الواجب الإنسانيّ والواجب الدينيّ على قول الحقّ والمساهمة في رفع الظلم والاضطهاد، ومواجهة أجهزة الفساد، وإن أدّى ذلك للمخاطرة بسلامتي وحريتي، ذلك أنّ اتخاذي طريق دراسة العلوم الشرعيّة والإرشاد الدينيّ، جعلني ملزماً أن أقول كلمة الحق لجمهور الناس المسلوبة حقوقهم، والمغلوب على أمرهم عملاً بالخط السياسيّ العام الذي رسمه للأمة عملاق الفكر والسياسة وثاني رجل في الأمّة بعد رسول الله (ص) خليفة المسلمين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) حينما قال في وصيّته للأمّة جمعاء: «قولا بالحق واعملا للأجر وكونا للمظلوم عوناً وللظالم خصماً»، ومن هذا المنطلق الحكيم والفكر القويم انطلقت مسيرتي في الحياة لقول الحق والدفاع عن المظلومين والتصدّي للظلم والظالمين، وقد دفعتُ ثمن الإجهار برأيي المعارض للسلطة، وانتقادي للفساد ومطالبتي بالحريات، فصرتُ مستهدفاً من قبل الأجهزة الأمنيّة استهدافاً سياسيّاً من خلال أساليبها المختلفة ومؤامراتها الخبيثة، فحاكت خيوط المؤامرات والأكاذيب والافتراءات للانتقام منّي شخصيّاً ومن بقيّة الشرفاء من أبناء المعارضة الشريفة، ولقد تعرّضت للسجن مرات عديدة، وتعرضتُ خلالها لشتى صنوف التعذيب وأنواع التنكيل.
التآمر على جمعيّة الزهراء لرعاية الأيتام
لم تكتفِ السلطة بالتآمر عليّ كشخص سياسيّ معارض لها، بل بلغ من تآمرها وانحطاطها والتجنّي على أعمال الخير والبرّ والإحسان، فطالت أيدي أجهزة السلطة الجمعيّة الخيريّة المعروفة بجمعيّة الزهراء لرعاية الأيتام، وداهمتها وعبثت بمحتوياتها وقامت بتفتيش المكاتب، فتعرّضت للتحقيق والتعذيب والتنكيل والإساءة لنشاطي وعملي في الجمعيّة الخيريّة، واتهام الجمعيّة بدعم الإرهاب، فهل مساعدة الأيتام ُتعدّ إرهاباً؟ وهل الأيتام في نظر السلطة إرهابيّون؟ ومن الغريب أنّ المحقّقين يقولون إنّ جمعيّة الزهراء تدعم الأيتام، مقابل القيام بأعمال التخريب، فتُعطي لكلّ يتيم عشرة دنانير، مقابل قيامه بالمظاهرات وحرق الإطارات، وكنتُ قد تعرّضت ُ للتعذيب من أجل أن أقرّ واعترف لهم بذلك.
جلسات التحقيق في دهاليز السجون وأروقة التعذيب
إنّ لدى النظام سجناً تحت الأرض في مبنى القلعة، قسم الأمن الوطنيّ، يحتوي على مجموعة من الزنزانات الانفراديّة الضيّقة، ومكاتب وغرف التحقيق، وقد تمّ تصميم هذا السجن من أجل إجراء التحقيق مع السجناء وانتزاع الاعترافات منهم بالعنف والقوّة واستخدام الأساليب الوحشيّة البربريّة، ومختلف وسائل الضغط والإكراه، وتتناوب على العمل في هذا السجن عناصر من المعذّبين والجلّادين التابعين لجهاز الأمن الوطنيّ برئاسة مجموعة من الضبّاط المتخصّصين في جلسات التحقيق وانتزاع الاعترافات من المتهمين، ويخضع هذا الجهاز لرئاسة خليفة بن عبد الله آل خليفة، وهو المسؤول الأوّل عن كلّ الانتهاكات والتجاوزات وحالات التعذيب التي حصلت من قبل جهاز الأمن الوطنيّ، وقد وثّقت لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني) المخالفات القانونيّة والانتهاكات الحقوقيّة والممارسات اللامشروعة لهذا الجهاز المتورّط في جرائم القتل والتعذيب والاعتداء. إّنني وبصفتي واحداً من ضحايا أجهزة هذا النظام الذين تمّ تعريضهم للتعذيب والتنكيل على يد جهاز الأمن الوطنيّ في السجن المشار إليه أعلاه، وقد جرى معي التحقيق في الأمور التالية:
النشاط السياسيّ
والذي يتمثّل في مشاركتي في المسيرات والاعتصامات السلميّة، والخطب والكلمات التي ألقيها في المحافل العامة والخالية من أيّ تحريض على العنف. فكنتُ أتعرض للتعذيب القاسي انتقاماً لمواقفي السياسيّة، وتعبيري عن آرائي السياسيّة، وخير شاهد ودليل على ذلك ما جرى لي على يد ابن الملك (ناصر بن حمد آل خليفة) والذي كان يمارس التعذيب معي انتقاماً مني لشعار (يسقط حمد) الذي كان يطلق في المسيرات.
تهمة السلاح
فلقد تعرّضتُ للتعذيب الشديد لدرجة الإغماء وفقدان الوعي، وكانوا كلّما فقدتُ وعيي يصبّون عليّ الماء، فأفيق مرعوباً مرتعشاً وأنا محاط بمجموعة من الجلّادين والمعذّبين، الذين انتُزعت الرحمة من قلوبهم، وفيما أنا على تلك الحالة كانوا يواصلون تعذيبهم لي بقسوة ووحشيّة، حتّى أصل لحالة الإغماء، فأفيق وهم من حولي والسياط على جسدي، ثم يأتي دور الصاعق الكهربائيّ؛ فيقولون: “جيبوا له الكهرباء”، وأنا على الأرض أتقلّب يميناً وشمالاً حيثما توجّهني ضرباتهم، وفي الأثناء أسمع صوت جهاز كهربائيّ، ولكنّني لا أعلم من أين سيأتيني الصاعق الكهربائي، أعن يميني أو عن شمالي من أمامي أم من ورائي؟ لأنّني معصوب العينين ومقيّد اليدين، وفي الأثناء أشعر بهزّةٍ تمرّ بكلّ بدني تكاد ترفعني عن الأرض، فأصرخ بصوت عالٍ بلا شعور ثمّ يُغمى علي، ولا أشعر إلّا والماء يغمر رأسي وجسدي، وهكذا يستمر الوضع وأنا كالطير المكسرة أجنحته، المهيض الجناح المثخن بالجراح، وهم من حولي يغرسون أنيابهم ومخالبهم في جسدي المضرّج بالدماء.
وللعلم أيّها السادة القضاة، فإنّ إثارة موضوع السلاح لم يكن للمرّة الأولى؛ ففي الاعتقال السابق كذلك تعرّضتُ للتعذيب الوحشيّ البربريّ بالصاعق الكهربائيّ، واتهموني بالسلاح وذكرتُ ذلك على المنصّة في دوار اللؤلؤة.
إنّ سلاحي هو إيماني بعدالة قضيّتي. إنّ سلاحي هو ديني ووطنيّتي وصمودي وثباتي، فكفى تعذيباً وتنكيلاً وانتهاكات ومحاكمات للرأي والضمير والخنق للحريات في بلد يتشدّق بالحرية وهو الغارق في بحر الديكتاتوريّة، وفي بلد يتحدّث عن حقوق الإنسان وهو من يسحق الإنسان تحت قدميه، ويعامل الإنسان معاملة أدنى من معاملة الحيوان. هذه شهادتي بصفتي سجين معذّب أقدّمها لمحكمة التاريخ وأصحاب الضمائر الحرّة.
تهمة التخابر مع الخارج
لقد مارس جهاز الأمن الوطنيّ معي أبشع أنواع التعذيب ومختلف الأساليب الوحشيّة، من أجل إلصاق تهمة التخابر والارتباط بدولة أجنبيّة، ولأنّه لا يوجد ما يدلّ على ذلك لجأ إلى اختلاق أكذوبة لا تُصدّق ولا يقبلها العقل وهي أكذوبة الأسطول الحربيّ؛ حيثُ زعموا أنّ اتصالاً هاتفيّاً جرى بيني وبين شخص من إيران، وتمّ تعريضي للتعذيب الشديد من أجل انتزاع اعتراف منّي بهذه الأكذوبة المصطنعة والمسرحيّة المزيّفة. وكذلك تعرّضت للتعذيب القاسي من أجل أن ينتزعوا منّي اعترافاً بأنّني مرتبط بحزب الله وبالأمين العام للحزب، وزعموا أنّ هناك علاقة خاصّة بيني وبين السيّد حسن نصر الله، ولأنّه لا يوجد أيّ مدرك يمكن توظيفه في إلصاق التهمة، بل لا حقيقة لها أصلاً، اختلقوا مسألة الاتصال هاتفيّاً كدليل على الارتباط بالجهة الخارجيّة.
الاستناد إلى شهادة الجلّادين والمعذّبين
إنّ من أدلّ الأدلّة على إفلاس النظام قانونيّاً لجوؤه إلى الاستعانة بشهادة المعذّبين والجلّادين الذين كانوا يمارسون التعذيب والتنكيل بنا أثناء التحقيق معنا، هم أنفسهم استعان بهم النظام ليكونوا شهود إثبات على ضحاياهم، وهذا ممّا يدلّ بوضوح على الكيديّة في التهم الباطلة التي اختلقها النظام لتمرير مؤامرته. ولا يخفى على هيئة القضاة الكرام أن المصداقيّة شرط في صحّة شهادة الشاهد، وأنّ فقدان المصداقيّة يعني عدم أهليّة الشاهد ليكون شاهداً أمام القضاء النزيه العادل. ومن المعلوم أنّ الذين تمّت الاستعانة بهم من قبل النيابة العسكريّة للإدلاء بشهادتهم كشهود إثبات، هم الجلّادون والمعذّبون أنفسهم الذين كانوا يعذبوننا. فأيّ مصداقيّة للمعذّب والجلّاد؟؟ لذا فإنّنا نطالب بعدم تكرار الأخطاء السابقة في جلسات القضاء ومخالفة المبادئ العامة لشرائط القضاء.
استهداف الطائفة الشيعيّة
وبعد أن عجز النظام عن مواجهة اتساع رقعة المعارضة الشعبيّة المطالبة بالحقوق السياسيّة المشروعة، وعدم تنفيذ مطالب الشعب، لجأت عندها إلى سلاح آخر من أسلحتها ألا وهو خنجر الطائفيّة، وحاولت الدولة بهذا أن تحاصر التحرّك في زاوية الطائفيّة، ولتوهم الرأي العام بأنّها المحرّك للنهضة الشعبيّة، ويتجلّى هذا الأمر من خلال الصور التالية:
1- هدم المساجد وتدمير دور العبادة للطائفة الشيعيّة، وقد أشار تقرير تقصّي الحقائق (بسيوني) إلى أنّه بلغ مجموع المساجد التي تمّ هدمها أكثر من 33 مسجداً. (راجع فقرة رقم 1315-1334 من التقرير وكذلك التوصية رقم 1336.2).
2- استهداف العلماء وأئمّة المساجد الشيعيّة والشخصيّات البارزة في الوسط الشيعيّ؛ حيثُ شنّت السلطة عليهم حملة اعتقالات واسعة تضمّنت العشرات منهم وزجّت بهم في غياهب السجون، ولم تتورّع السلطة عن تعذيبهم وهتك حرماتهم، والمساس بمقاماتهم الدينيّة.
3- حملات الاعتقال الواسعة التي شملت الآلاف من النشطاء والمحتجّين السلميّةين والمطالبين بالحقوق المشروعة، وقامت السلطات بتلفيق التهم الباطلة لهم لتجعل من القضاء جسراً لتمرير هذه المؤامرة، لضرب أبناء الطائفة الشيعيّة. وها هي السجون اليوم تضجّ وتعجّ من كثرة السجناء السياسيّين من أبناء هذه الطائفة.
4- ممارسة أبشع أنواع التعذيب وشتّى صنوف التنكيل بالآلاف من معتقلي الرأي، والمحتجّين السلميّةين من أبناء الشيعة، ولم تدّخر السلطة نوعاً من أنواع التعذيب إلّا وارتكبته، وقد تمّ تدوين ما يزيد على الخمسين نوعاً من أصناف التعذيب التي مورست بحقّنا، هذا وقد ذكر السيد بسيوني أنّ هذا التعذيب كان ممنهجاً وكانت السلطة تدّرب أفرادها على هذه الأنماط. (راجع الفقرات (1238و 1179و 1180).
5- محاربة الشيعة في أرزاقهم، وقوت عيالهم، وقد تجلّت هذه الجريمة النكراء، فيما جرى من الفصل التعسّفي للآلاف من أبناء الطائفة الشيعيّة من أعمالهم ووظائفهم التي كانوا فيها، ولقد سجّل تقرير السيّد البسيوني هذه الحقيقة، والتي أحصى فيها مجموع المفصولين عن العمل؛ حيثُ بلغ عدد مفصولي القطاع العام 2075 ومن القطاع الخاص 2464 فالمجموع 4539 مفصولاً. (راجع فقرة رقم 1446 و1453).
6- تقديم المئات من الأبرياء والضحايا لأبناء الطائفة الشيعيّة إلى محاكم عسكريّة فاقدة لكلّ شرائط القضاء النزيه العادل مع حرمانهم من كلّ حقوقهم القانونيّة، قبل محاكمتهم وبعدها والتي نتج عنها صدور أحكام جائرة ومجحفة، ويكفي لإثبات بطلان هذه المحاكمات الصوريّة المفبركة ما ورد في تقرير السيّد بسيوني في الفقرة رقم 1701 و1702.7.
7- شنّ الحملات الإعلاميّة على الطائفة: شنّ النظام حملات إعلاميّة واسعة عبر وسائله الإعلاميّة المرئيّة، والمقروءة والمسموعة، وعمل على تجنيد أقلام مأجورة، وأبواق مسحورة تستهدف الطائفة الشيعيّة في معتقداتها ووطنيّتها، فلا يكاد يمرّ يوم إلّا والإعلام يبثّ سمومه قدحاً وتشنيعاً وطعناً في الهوية الوطنيّة؛ فتارةً نوصف بأنّنا عملاء للخارج، وأتباع وأنصار لولاية الفقيه، وبأنّنا متآمرون على الوطن، وتارةً أخرى نوصف بالإرهاب وأعمال التخريب، وكلّها تصبّ في مصبّ الحرب الإعلاميّة على الطائفة الشيعيّة.
التهمة
انضموا وآخرون إلى جماعة مؤسّسة على خلاف أحكام القانون تولّى المتهمون من الأوّل حتّى الثاني عشر والرابع عشر قيادات فيها. الغرض منها الدعوة إلى قلب دستور الدولة وتغيير نظامها السياسيّ، وتعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسّسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحريات الشخصيّة للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنيّة بانضمامهم إلى الجماعة موضوع التهمة الأولى مع علمهم بأغراضها ووسائلها.
الردّ على التهمة
الجواب على تهمة الانضمام، ولتفنيد الادعاء فيها نحتاج لبيان الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى:
أنّ القضيّة بشأن التنظيم المزعوم سالبة بانتفاء الموضوع، فلا يوجد تنظيم مؤسّس بالمعنى المتحدّث عنه في التهمة المزعومة، ولم نسمع باسم التنظيم بالشكل المذكور إلّا من خلال لائحة الاتهام التي تمّ تقديمنا للمحكمة العسكريّة استناداً إليها ونحنُ لا علم لنا بالأمر، بل إنّ البعض منّا لا يعرف البعض الآخر قبل وضعنا في سجن واحد، ولم نلتقِ من قبل السجن، فكيف تمّ تأسيس هذه الجماعة المزعومة؟!
الحقيقة الثانية:
أنّ مجموع المتهمين بهذه التهمة والبالغ عددهم واحد وعشرون متهماً هم من أصحاب توجّهات سياسيّة مختلفة، بل وقيادات لتنظيمات سياسيّة معروفة ومعلن عنها، وليسوا من تنظيم واحد؛ فمثلاً الأستاذ عبد الوهّاب حسين الأمين العام لحركة الوفاء، والأستاذ حسن مشيمع الأمين العام لحركة حق، والأستاذ إبراهيم شريف الأمين العام لحركة وعد، والدكتور سعيد الشهابي رئيس حركة أحرار البحرين، والأستاذ عبد الهادي الخواجة ناشط حقوقي ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان سابقاً، ومنهم المستقل كمحمد حبيب المقداد والشيخ عبد الله المحروس، فعملت السلطة على اختلاق تنظيم وهميّ لا حقيقة له لكل هذه المجموعة ذات التوجّهات المختلفة.
الحقيقة الثالثة:
أنّني لا أنتمي إلى أيّ كيان أو تنظيم سياسيّ، وإن كنتُ لا أرى في الانتماء للكيان أو التنظيم السياسيّ جريمة أو مخالفة للشرع أو للقانون، ولكنّني لستُ ضمن أيّ تنظيم سياسيّ، ولي تصريحاتي بهذا الشأن في العديد من الخطابات السياسيّة في المحافل العامة، مضافاً إلى أنّ أصحاب التنظيم والجمعيّات السياسيّة يشهدون بأنّي لستُ منتمياً إلى أيّ فصيل منهم في التنظيم، ولو كنتُ واحداً منظّماً في إحدى الجمعيّات السياسيّة تنظيماً لكنتُ صرّحتُ بذلك؛ لأنّني أمتلك الشجاعة الكافية في الإفصاح عن أفكاري وقناعاتي.
الحقيقة الرابعة:
أنّ المصدر الوحيد الذي اعتمدته المحكمة العسكريّة في إلصاق تهمة التنظيم المزعوم، هو المصادر السرّيّة التابعة لجهاز الأمن الوطنيّ، ولا يوجد دليل آخر على إثبات التهمة المزعومة سواها. ولا يَخفى على القاضي النبيه الحاذق، أنّ الدليل المذكور مهلهل وضعيف، بل لا يصُحُ الاستناد إليه بحسب الموازين الشرعيّة والمعايير القانونيّة؛ فهو من جهةٍ يكتنفه الغموض وعدم الوضوح؛ لأنّك لا تعرف من هم المصادر السريّة، ولا تعلم حالهم ولا صدقهم ولا مصداقيّتهم ليكونوا مؤهّلين في صحّة اعتبار الشهادة، فكيف يتمّ الاطمئنان بمجهول الحال هذا من جهة. ومن جهة ثانية، إنّ الدليل على إثبات التهمة على المتهمين قاصر عن إثبات المدعى؛ فهو لا يتضمّن ما يبعث على الوثوق والاطمئنان، بل لا يخرج عن كونه مدعي لإثبات المدعى، وهذا يكفي في عدم الركون إليه والأخذ به كدليل.
الخاتمة:
يكفي في عدم ثبوت تهمة التنظيم أنّ المحكمة العسكريّة لم تطمئن لتهمة التنظيم المزعوم؛ لذا نرى بأنّ المحكمة العسكريّة هي التي اتهمت بعض المتّهمين بهذه التهمة كالمتّهم إبراهيم شريف، والمتّهم صلاح الخواجة، والمتّهم الحرّ يوسف الصميخ، وهم من ضمن جماعة التنظيم المزعوم، وهنا أقول من الأولى أن تتم تبرئتي من تهمة التنظيم؛ لأنّني كنتُ معتقلاً في السجن، وكوني في السجن معتقلاً يعني عدم مشاركتي في التنظيم.
التهمة الثالثة:
«التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبيّة، للقيام بأعمال عدائيّة ضدّ مملكة البحرين، بأن تخابروا مع عناصر إيرانيّة، ومسؤولي حزب الله الذي يعمل لمصلحة جمهوريّة إيران الإسلاميّة، وأمدّوهم بمعلومات وبيانات تتعلّق بالأوضاع الداخليّة بمملكة البحرين، وتلقّوا منهم تعليماتهم وتوجيهاتهم لارتكاب أعمال عدائيّة بالبلاد بغرض إحداث الاضطرابات والقلاقل وإشاعة الفوضى توطئة لقلب نظام الحكم القائم وإقصاء رموزه».
وللردّ على هذه التهمة نورد النقاط التالية:
إنّ هذه التهمة دعوى، والدعوى تفتقر إلى دليل وبرهان لإثباتها، وإلّا فالأصل البراءة بالمقتضيات الشرعيّة والقانونيّة التي تؤكّد أنّ المتّهم بريء حتّى تثبت إدانته في المحاكم القانونيّة.
إنّ لائحة الاتهام التي تقدّمت بها النيابة العسكريّة في اتهامي بهذه التهم والتي من بينها تهمة التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبيّة، للقيام بأعمال عدائيّة ضد مملكة البحرين، وقد ذكرت النيابة العامة أنّ الفترة الزمنيّة لهذه التهمة هي من سبتمبر 2010 وحتّى 17 مارس 2011، وأنا أقول إنّني ومن تاريخ 25/8/2010م ولغاية 23 فبراير كنتُ معتقلاً في السجن، ولم يتمّ الإفراج عنّي إلّا بتاريخ 23 فبراير، ولم تَطل فترة بقائي إلّا أياماً قليلة، وعادت السلطة واعتقلني مرّة ثانية بتاريخ 1/4/2011 م علماً أنّي لم أسافر خارج البحرين في الأيام القليلة المفرج عنّي فيها، فكيف تمّ التخابر مع مَن يعملون لمصلحة دولة أجنبيّة؟!
وبقي أن تتمسك النيابة بتفسير معنى التخابر من خلال المكالمات الهاتفيّة، كما ادعى ذلك المعذّبون والجلّادون دون من جهاز الأمن الوطنيّ في جلسات التحقيق، وهنا أقول إنّ جلسات التحقيق التي جرت معي هي جلسات تعذيب، وتنكيل وفرض التهم بالقوّة والإكراه، فهل يصحّ شرعاً وقانوناً الوثوق والاطمئنان بما يتمّ انتزاعه تحت وطأة التعذيب والضغط والإكراه؟ فلقد أفرغ عناصر جهاز الأمن الوطنيّ كلّ أحقادهم وضغائنهم، وكشّروا عن أنيابهم ومخالبهم، وغرسوها في جسدي. وعرّضوني لتعذيب وحشيّ بربريّ أشرفت خلاله على الموت مرّتين، وتشهّدتُ الشهادتين وصرتُ على مشارف الموت من التعذيب وفظاعته، أكرهوني وأجبروني على التوقيع قسراً وجبراً على تلك الإفادة التي لا أعلم ما فيها وما مضمونها. إنّ ممّا يُستحسن الاستشهاد به كدليل على عدم وجود التخابر مع دولة أجنبيّة، هو تقرير لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني)، وهي لجنة محايدة ومستقلّة وقد ذكر التقرير ما يلي:
بند رقم 1712: «إنّ الأدلّة المقدّمة إلى اللجنة بشأن دور الجمهوريّة الإسلاميّة في الأحداث الداخليّة، في البحرين في فبراير ومارس 2011 ، ونتيجة لأنّ معظم الادعاءات من جانب حكومة البحرين تنحصر في معلومات وعمليّات استخباراتيّة قام بها عملاء إيرانيّون، فإنّ مصادر المعلومات غير معلومة لطبيعتها الحسّاسة. ومن ثمّ فإنّ اللجنة لم تتمكّن من التحقيق في الادعاءات القائلة بوجود دور لإيران في أحداث فبراير ومارس 2011، ومن ناحية أخرى لم تعثُر اللجنة على أيّ أدلّة تشير إلى ارتكاب وحدات درع الجزيرة التي انتشرت في البحرين بداية من 14 مارس 2011 أيّ انتهاكات لحقوق الإنسان» انتهى الاقتباس من تقرير بسيوني.
التهمة الرابعة:
«حاولوا بالقوّة قلب وتغيير دستور الدولة ونظامها الملكي، بأن ألّفوا بينهم وآخرين جماعة حركيّة تحت مسمّى «التحالف من أجل الجمهوريّة » تهدف إلى تغيير الدستور وقلب نظام الحكم بالقوّة، وتزوّدوا لهذا الغرض بالأموال اللازمة ونفّذوا خططهم لبلوغ مآربهم، وذلك بإحداث القلاقل والاضطرابات وإثارة الفتن في البلاد وتعطيل العمل بمؤسسات الدولة، والاستيلاء عليها وإيقاف نشاط القطاعات الاستثماريّة الخاصّة والحضّ على ارتكاب جرائم القتل والخطف والإيذاء والتجمهر، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين توصّلاً إلى إشاعة الفوضى في المملكة وإفقاد السلطة سيطرتها وإفلاتها زمام الأمور متهيئين بذلك لتحقيق غرضهم، بقلب نظام الحكم القائم وإقصاء رموزه وإقامة النظام الجمهوريّ في البلاد، وكان ذلك نتيجة التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبيّة على النحو المبيّن في التحقيقات».
وللردّ على هذه التهمة أقول باختصار:
إنّ مسمّى التحالف من أجل الجمهوريّة، كيان يتكوّن من ثلاثة تنظيمات سياسيّة، معلن عنها بشكل واضح وهي لا تعمل في الخفاء، بل بكّل شفافية ووضوح أعلنت الفصائل الثلاثة المتحالفة عن رؤيتها السياسيّة، وهذه الفصائل الثلاثة هي تيّار الوفاء وحركة حقّ وحركة أحرار البحرين، وأنا شخصيّاً لستُ واحداً من هذه الفصائل الثلاثة حتّى أتولّى الردّ والجواب، وبالتالي فالتهمة ليست موجّهة إليّ، وأنا لستُ معنيّاً بها.
التهمة الخامسة:
“جمعوا وأعطوا أموالاً للجماعة موضوع التهمتين أوّلاً وثانياً مع علمها بممارستها نشاطاً إرهابيّاً”.
للردّ على هذه التهمة الباطلة والادعاء الزائف أقول:
إنّ التهمة ذات شقين: الشقّ الأوّل مسألة جمع المال (جمعوا)، والشق الثاني إعطاء المال (أعطوا)، وفي كلتا الحالتين حالة الجمع وحالة الإعطاء لا يتحقق الفعل إلّا مع وجود طرف ثانٍ، ولا يتقوّم وجوده إلّا به، فعندما تقول التهمة بأنّني جمعت المال ، فلابدّ من طرف جمعت منه المال، فأين هو هذا الطرف؟ وعندما تقول التهمة بأنّني أعطيتُ المال للجماعة، فأين هذه الجماعة؟ مَن منهم أعطيته؟ ومتى؟ وكيف؟ وأين؟ ومَن يشهد بذلك؟ إنّني أقول إنّ هذه التهمة الباطلة والادعاء المزيف ليس لأوّل مرّة يتمّ اتهامي بها، فلي مع هذا النظام في الأكاذيب والافتراء سجل حافل.
ولتقديم شواهد على ذلك أذكّر السادة القضاة بسجل أكاذيب السلطة؛ ففي عام 2007م تمّ اعتقالي فيما يسمّى بخلية الحجّيرة، وتمّ توجيه تهمة جمع الأموال في هذه التهمة ودعم الإرهاب في العراق، ثمّ ذهبت الدعوى أدراج الرياح، وفي عام 2010 م تمّ اعتقالي كذلك، وتمّ توجيه تهمة جمع الأموال، وهكذا لا تنقطع افتراءات النظام وأكاذيبه، فليس غريباً إذا اتهمتُ في هذه المرة بهذه التهمة.
التهمة السادسة:
حرّضوا غيرهم علانيّة على عدم الانقياد للقوانين، وحسّنوا أموراً تعدّ جرائم بأن حرّضوا على إعاقة العمل للمؤسّسات العامّة والخاصّة، وأيّدوا ما وقع منها ممّا يشكل جرائم بمقتضى القانون، وكان ذلك قولاً وكتابةً على النحو المبيّن في التحقيقات.
وللردّ على هذه التهمة نقول:
النهج السلميّة نهجنا وأسلوبنا في العمل؛ إنّني وبصفتي معارضاً سياسيّاً مؤمن بالنهج السلميّة والعمل بالأساليب السلميّة، التي تتفق مع الرؤية الفكريّة والجوانب الإنسانيّة، وتنسجم مع التعاليم الإسلاميّة للشريعة السمحاء، أقول وبصوتٍ عال ومن موقع المسؤوليّة والدفاع عن نفسي وعن المسيرة السلميّة التي أنتمي إليها، فإنّي أتحدّى السلطة أن تأتي بدليل واحد أنّني دعوت إلى عنف أو حرّضتُ عليه، فلا يوجد قطعاً ما يدلّل على ذلك، وأنا أستطيع في المقابل آن آتي بعشرات الخطب والكلمات والمقالات التي أدعو فيها إلى السلميّة، ونبذ العنف والالتزام بالعمل السلميّة.
وللردّ على تهمة التحريض على كراهية النظام أقول:
لا أنكر أنّني قمتُ بالتحريض، ولكن ينبغي أن يفهم الجميع علامَ حرّضت؟ فكلّ خطاباتي وكلماتي ومقالاتي ومحاضراتي تشتمل على التحريض على كراهية الديكتاتوريّة، والاستبداد وسياسة القمع والاضطهاد، وجعل السلطة حكراً على رجل واحد لأكثر من أربعين عاماً خلافاً لحريّة الشعب وإرادته، نعم حرّضتُ على كراهية سياسة الاستئثار بخيرات البلد لإقطاعيّين متنفّذين وبرجوازيّين متسلّطين، نعم حرّضتُ على كراهية ممارسة التعذيب الممنهج في السجون، والحطّ من كرامة السجناء، والاعتداء عليهم، وتعذيبهم تعذيباً جسدياًّ ونفسيّاً والتحرّش بهم جنسيّاً. نعم، حرّضتُ على كراهية سلب مرجعيّة الشعب في كونه مصدر السلطات الثلاث التشريعيّة والقضائيّة والتنفيذيّة، وجعلها في شخص واحد خلافاً لإرادة الشعب ومصادرة لحريته. نعم، حرّضتُ على كراهية التمييز الطائفيّ، والتفاضل القبليّ والامتياز العرقيّ الفئويّ على حساب مبدأ المواطنة المتساوي. نعم، حرّضتُ على سياسة التجنيس السياسيّ الطائفيّ، وحرمان المواطن من العيش الكريم وحقه في العمل. نعم، حرّضتُ على كراهية الشرّ والرذيلة، ودعوتُ إلى الخير والفضيلة.
وأمّا دعوى أنّني قمتُ ببثّ دعايات بوجود تمييز طائفيّ في البلاد، فإنّني أقول إنّ وجود التمييز الطائفيّ في البلاد ليس إشاعات كاذبة ودعاية مغرضة، بل هو واقع حقيقيّ، يقرّ بوجوده في هذا البلد كلّ منصف، صاحب ضمير ووجدان، ولكي يكون كلامي مشفوعاً بالدليل والبرهان، فإنّي أضع بين أيديكم إحصائيّة موثّقة بالأرقام تتضمّن الكشف عن المناصب الكبيرة والوظائف العليا في الدولة وأجهزتها، وكيف أنّ سياسة التمييز الطائفيّ هي السياسة المهيمنة والمتبعة بكلّ جلاء ووضوح.
وأمّا تهمة فقدان سلطات الدولة سيطرتها على الأمور، فأكتفي في الجواب على هذه التهمة بما ورد في تقرير لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني) حينما قالت اللجنة في وصف الحالة في فترة الأزمة (651): “وقد أدّت هذه الحوادث وغيرها إلى الشعور، بأنّ الحكومة لم تعد قادرة على توفير الحماية، وأنّه يتعيّن على البحرينيّين أن يدافعوا عن أنفسهم من خلال تشكيل لجان شعبيّة، ونقاط تفتيش على كلّ حال”.
وأمّا تهمة (انتهاجها ممارسات غير مشروعة) أيّ انتهاج الدولة ممارسات غير مشروعة وهذا من أوضح الواضحات، فهل استخدام القمع وأسلوب العنف المفرط الذي انتهجته الدولة في مواجهة المسيرات الاحتجاجات السلميّة كان ممارسات مشروعة؟ ولتسليط الضوء بشكل أكبر ننقل هذا النصّ من تقرير بسيوني بند 1112: “بيّن فحص الأدلّة التي قدّمت للجنة أنّ وحدات من قوّات الأمن العام التي شاركت في أحداث فبراير ومارس 2011 وما تلاها من أحداث، قد انتهكت في مرّات كثيرة قاعدتي الضرورة والتناسب واجبتي التطبيق بشكل عام في الأمور المتصلة باستخدام القوّة من جانب المسؤولين المكلفين بإنفاذ القانون”. وفي فقرة رقم 1114 ورد ما يلي: “وفي كثير من الحالات لم تحترم وحدات من قوّات الأمن العام خلال أدائها لواجبات الالتزام المتضمّن في القانون البحريني والدولي باستخدام الأسلحة الناريّة، على نحو يتناسب مع درجة الخطر المحدق”.
وأمّا تهمة (حرّضوا غيرهم علانية على عدم الانقياد للقوانين، وحسّنوا أموراً تُعدّ جرائم) فللردّ على هذه التهمة أقول: إنّ الخطب والكلمات التي ألقيتها في دوّار اللؤلؤة مسجّلة وموثّقة، وليس فيها الدعوة إلى عدم الانقياد للقانون وتحسين أمور تُعدّ جرائم أو بقيّة التهم الملفّقة، ويمكن العودة إلى خطبي وكلماتي المسجّلة، فهي تندرج ضمن حرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريّاً، وتتضمن كذلك النقد السياسيّ لسياسة الدولة الخاطئة، مضافاً إلى أن خطبي وكلماتي تمثّل آرائي السياسيّة وقد تحدّثت عنها بأسلوب سلميّ متحضّر، وهو حقّ مكفول دستوريّاً وقانونيّاً، فقد جاء في دستور مملكة البحرين ما يضمن هذا الحقّ.
التهمة السابعة:
(دعوا ونظّموا واشتركوا في مسيرات دون إخطار الجهة المختصّة) وللجواب على هذه التهمة نقول:
إنّ هذه التهمة ذات شقّين: الشقّ الأوّل يتمثّل في تهمة «دعوا ونظموا»، والشقّ الثاني يتمثّل في تهمة «اشتركوا في مسيرات دون إخطار الجهة المختصّة». فأمّا التهمة الأولى وهي الدعوة والتنظيم للمسيرات دون إخطار الجهة المختصة، فإنّي أقول: لم يصدر منّي هذا الأمر فلم أدعُ ولم أُنظّم المسيرات التي هي دون إخطار الجهة المختصة؛ ذلك لأنّني لم أكن موجوداً حينما انطلقت المسيرات، فمن الواضح والمعلوم لدى الجميع أنّ المسيرات التي كانت دون إخطار الجهة المختصة، قد بدأت بتاريخ 14 فبراير وانطلقت بشكل يوميّ، وأنا في هذه الفترة كنتُ معتقلاً في السجن، ولم أخرج من السجن إلّا بتاريخ 23 فبراير، فكانت المسيرات قائمة ومنظّمة من قبل المنظّمين مع عدم وجودي. وهذا دليل على أنّني لستُ الداعي أو المنظم لها، مضافاً إلى أنّه لا يوجد أيّ دعوة أو تنظيم قد صدر منّي بهذا الشأن. وأمّا التهمة الثانية وهي تهمة المشاركة في المسيرات دون إخطار الجهة المختصّة، فإنّي أقول بأنّني نعم اشتركت في هذه المسيرات، وأنا واحد من أبناء هذا الشعب الذي انطلق بهذه المسيرات بعشرات الآلاف وهو يطالب بحقوقه المشروعة وبأساليبه السلميّة المتحضّرة، فإذا كان ينبغي محاكمتي لمشاركتي في المسيرات فنصف شعب البحرين يتعيّن على النيابة أن تقدّمه للمحاكمة؛ لأنّ نصف شعب البحرين قد شارك في المسيرات.
روّجوا إلى قلب وتغيير النظام السياسي للدولة، بالقوّة وبوسائل غير مشروعة، وكان ذلك قولاً وكتابة بإلقاء الخطب في المحافل العامّة والخاصّة، وبإصدار البيانات ونشرها من خلال شبكة المعلومات الدوليّة.
حرّضوا علانيّة على كراهيّة نظام الحكم والازدراء به، وكان ذلك قولاً وكتابة على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات.
أذاعوا عمداً أخباراً وشائعات كاذبة ومغرضة، وبثّوا دعايات مثيرة خلال شبكة المعلومات الدوليّة والوسائل الهاتفيّة النصيّة، وإلقاء الخطب في المحافل العامة وشائعات كاذبة ومغرضة ودعايات بوجود تمييز طائفيّ في البلاد، وبفقدان سلطات الدولة سيطرتها على الأمور وبانتهاجها ممارسات غير مشروعة.