مواضيع

إفادة سماحة الشيخ المجاهد محمد حبيب المقداد

المحكمة اليوم الموافق 19/6/2012 تحت إجراءات أمنيّة مشدّدة.

باسمه تعالى

ملخّص (التعذيب الجسديّ والنفسيّ والتحرّش الجنسيّ)

لقد قمتُ بتدوين ما يصل إلى خمسين حالة من حالات التعذيب التي تعرّضت لها خلال فترة الاعتقال، ومراعاة للاختصار سأذكر نماذج منها، والبقيّة مدوّنة في هذه الصفحات التي أقدّمها بين أيديكم.

  1. الحرمان من النوم ليلاً ونهاراً، لمدّة 7 أيام متواصلة، ويصل الأمر إلى السقوط على الأرض بعد أن يُغشى عليّ.
  2. التعليقة المعروفة (الفيلقة)، وهي أن يتمّ تعليق السجين بحيث يكون رأسه إلى الأسفل، ورجلاه إلى الأعلى، كما تعلّق الشاة المسلوخة، وفي أثناء ذلك يقومون بالضرب بالأسلاك البلاستيكيّة والعصي، وقد جرى تعذيبي بهذه الطريقة مراتٍ عديدة ولفتراتٍ طويلة.
  3. استخدام الصاعق الكهربائيّ على الأعضاء الحساسة من الجسم، وقد ترك آثاراً جسديّة ونفسيّة كثيرة لم تزل آثارها موجودة، رغم مرور أكثر من خمسة عشر شهراً.
  4. الضرب بالهراوات، والأسلاك البلاستيكيّة الخشنة على الرأس والظهر والبطن والفخذين، وسائر أعضاء الجسم، ولم تزل بعض آثارها موجودة أيضاً.
  5. البصق في الوجه إمعاناً في الإذلال والتحقير، ومنعنا من مسح البصقة من على وجوهنا، وكذلك البصق داخل أفواهنا، وإلزامنا بابتلاع ذلك قبل وجبة الأكل، جرى ذلك مرّات عدّة.
  6. السبّ والشتم وإلقاء الكلمات البذيئة التي يخجل اللسان من ذكرها والتي تنال من العرض والشرف والناموس، ومثال ذلك (أنا ابن الفاعلة)، وبعد التعذيب نُجبر على إسماع السجناء ذلك السبّ. وكذلك سبّ الدين والمذهب والازدراء بالمعتقدات الدينيّة، والتعرّض لأئمّة المسلمين (ع).
  7. إجبارنا على تقبيل أحذيتهم وتقبيل رموز صور النظام.
  8. تعريتي من جميع ملابسي لفترة طويلة، في مواضع عدّة.

المقدمة

قال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ).

السادة الأفاضل، القضاة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إنّ القضيّة التي بين أيديكم ليست جنحة من الجنح، ولا جناية من الجنايات، وإنّما هي قضيّة سياسيّة بحتة، هي قضيّة شعب ناضل ويناضل وكافح ويكافح لسنوات طويلة من أجل الحريّة والديمقراطيّة وتطبيق العدالة الاجتماعيّة والعيش بعزّة وكرامة. نعم، هي هذه قضيّتنا التي نحاكم عليها اليوم، وما التهم الزائفة والأكاذيب الرخيصة من دعوى العنف والإرهاب والتآمر والتخابر وقلب نظام الحكم، كلّها إلّا مسرحيّات هابطة ومؤامرات سياسيّة فاشلة، وضجّة إعلاميّة مفتعلة اختلقها النظام من أجل التشويش على مطالبنا العادلة وأهدافنا المشروعة، وإنّنا نناشد اليوم من خلال القضاء تطبيق العدالة وإنصاف المظلومين ووضع الأمور في نصابها والنظر في القضيّة المرفوعة بعين العدالة والنزاهة والحياديّة التامة. ولكي يتسنّى لكم الوقوف على الحقيقة بأبعادها وحيثياتها وإتماماً للحجّة، ودحضاً للباطل، أضع بين أيديكم هذه الصفحات المتضمنة للوقائع والذكريات المشبعة بالمأساة والمعاناة، لتكون شاهداً حياًّ على عمق الجراح، وسيكون حديثنا عبر المحاور التالية:

  1. إلقاء القبض والاعتقال التعسّفي.
  2. الدوافع الحقيقية للاعتقال.
  3. كيديّة التهم الباطلة.
  4. التعذيب الجسديّ والنفسيّ والتحرّش الجنسيّ.
  5. المحاكمة غير العادلة.
  6. من هم المعذّبون والجلّادون.
  7. الأدلّة والشهود على التجاوزات والانتهاكات في ممارسة التعذيب.
  8. المبعوث الخاصّ من الملك مُعذِب وجلاّد.
  9. الخاتمة.

المحور الأوّل: إلقاء القبض والاعتقال التعسّفيّ

قامت قوّات جهاز الأمن الوطنيّ بتاريخ 17/3/2011م بمداهمة منزلي وتحطيم أبوابه في وقت متأخر من الليل، وذلك بغرض اعتقالي، وحيثُ إنّي لم أكن موجوداً في المنزل لم تتمكّن من اعتقالي، لكنّها قامت بتفتيش المنزل والعبث بمحتوياته، ومصادرة بعض الممتلكات الخاصة وسرقتها. وبعد علمي بما حدث في تلك الليلة لم أعد إلى منزلي، وبقيت ضيفاً عند أحد الأصدقاء في منزله. وفي تاريخ 1/4/2011م وعند منتصف الليل طوّقت قوّات جهاز الأمن الوطنيّ، بما يقارب 50 سيارة أمن مدججة بالعتاد والسلاح منزل صديقي الذي استضافني والبيوت المجاورة، وبشكل مرعب ومفزع تمّ كسر أبواب المنزل الذي كنتُ فيه، واقتحمه عدد هائل من الملثّمين، كما أنّهم قاموا بتحطيم أبواب الغرف وبث الخوف والرعب في نفوس أهل المنزل، وترويع الصغار والكبار والنساء. وبعد القبض عليّ وبطريقة وحشية قاسية، جرّدوني من جميع ملابسي، وانهالوا عليّ بالضرب واللكم والصفع بالأيدي والركل بالأرجل، والضرب بالعصي والهراوات التي يحملونها بأيديهم. وتمّ نقلي إلى السيّارة. لقد كنتُ أنزف دماً وكان الأمر مهولاً. وتمّ نقلي إلى السيّارة بعد تعصيب عيني وشّد يدي إلى الخلف بالقيود الحديديّة المؤلمة، واتجهوا بنا إلى مبنى الداخليّة (القلعة) قسم جهاز الأمن الوطنيّ، ووضعوني في سجن تحت الأرض.
ولديّ بعض الملاحظات المتعلّقة بهذا الشأن:

  1. عدم وجود مذكرة اعتقال صادرة من النيابة.
  2. استعمال العنف المفرط وممارسة التعذيب والضرب أثناء الاعتقال.
  3. الهجوم في وقتٍ متأخر من الليل والناس نيام حيث تمت مداهمتنا عند الساعة 2.
  4. الهجوم الإرهابيّ على المنزل وتحطيم الأبواب وإرعاب النساء والأطفال والآمنين.
  5. النقل من المنزل إلى السجن كان بحالة من الرعب والإرهاب والضرب والسبّ والشتم؛ فكانوا يقولون: “ألم نقل لك لو اختبأت في كذا لأخرجناك منه؟”.

المحور الثاني: الدوافع الحقيقيّة للاعتقال

كان لي بعد عودتي إلى البحرين من المنفى الذي استمر لأكثر من 12 سنة عام 2001، مشاركاتي الاجتماعيّة، والسياسيّة مع أبناء وطننا الغالي. ومن أبرز هذه الأنشطة الاجتماعيّة تأسيس جمعيّة خيريّة تعنى بشؤون اليتامى والفقراء باسم (جمعّية الزهراء)، وكنتُ رئيساً لمجلس الإدارة فيها، هذا على مستوى العمل الاجتماعيّ. وعلى المستوى السياسيّ كان لي الإسهام في النشاط السياسيّ العام ومنها المشاركة في إلقاء الخطب وإقامة الندوات، والتي قد تتناول الشأن السياسيّ والذي ينطلق من منطلق حرية التعبير. وكذلك بعض الأعمال والأنشطة السياسيّة والتي منها:

  1. التوقيع على عريضة تطالب بإعادة كتابة دستور ديمقراطيّ من خلال هيئة منتخبة، وقد وُجهّت هذه الرسالة إلى الأمم المتحدة عام 2005م، وقّع عليها أكثر من 83 ألف مواطن.
  2. التوقيع على عريضة جماهيريّة، تطالب بتنحية رئيس الوزراء عام 2006، وتطالب أيضاً بتداول السلطة من قبل الشعب، وقد وقّع عليها أكثر من 55 ألف من أبناء الشعب.
  3. إلقاء الخطب والمحاضرات الدينيّة والسياسيّة، وتوعية الناس وتعريفهم بحقوقهم السياسيّة.
  4. المشاركة في المسيرات والاعتصامات السلميّة المطالبة بالإصلاحات السياسيّة.
  5. المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيّين، وفتح المجال للتعبير عن الرأي وممارسة الحريّة السياسيّة.
  6. الكشف عن فساد أجهزة الدولة وسرقة المال العام، وسرقة الأراضي، من قبل ذوي النفوذ المدعومين من السلطة.
  7. المطالبة بتطبيق العدالة الاجتماعيّة، والمساواة بين المواطنين، دون فئويّة أو تمييز طائفيّ أو عرقيّ.
  8. الدعوة إلى فسح المجال للحريّة السياسيّة وتطبيق الديمقراطية، والمشاركة في صنع القرار، ورفض الديكتاتوريّة والاستبداد، وسياسة القهر والاضطهاد.
  9. قيامي برفع دعوى وتقديم شكوى لدى النيابة العامة، ضدّ وزير الداخليّة احتجاجاً على استخدام سلاح الشوزن من قبل قوّات الداخليّة، لقمع المحتجين والمتظاهرين من أبناء الشعب.
  10. حضوري ومشاركتي في المسيرات السلميّة لحركة الشعب في 14 فبراير، وإلقاء الخطب في دوار اللؤلؤة.

المحور الثالث: التعذيب الجسديّ والنفسيّ والتحرّش الجنسيّ

نبدأ بعرض نماذج وصور من الممارسات الوحشيّة اللاإنسانيّة والتي جرت في سجن (القلعة) التابع لجهاز الأمن الوطنيّ، وسجن (القرين) التابع لقوّة دفاع البحرين (وجميع هذه الصور عاينتها بنفسي وتجرّعت غصصها):

  1. الحرمان من النوم ليلاً ونهاراً، لمدة 7 أيام متواصلة، ويصل الأمر إلى السقوط على الأرض بعد أن يُغشى عليّ.
  2. الوقوف المتواصل على القدمين، بحيث يؤدّي إلى الإعياء والإغماء أحياناً، والسقوط على الأرض، وبعدها ينهالون عليّ ضرباً بالهراوات والركل بالأرجل لإعادة إيقافي ثانية.
  3. التعليقة المعروفة باسم (الفيلقة)، وهي أن يتم تعليق السجين بحيث يكون رأسه إلى الأسفل، ورجلاه إلى الأعلى، كما تعلّق الشاة المسلوخة، وفي أثناء ذلك يقومون بالضرب بالأسلاك البلاستيكيّة والعصي، وقد جرى تعذيبي بهذه الطريقة مراتٍ عديدة ولفتراتٍ طويلة.
  4. استخدام الصاعق الكهربائيّ على الأعضاء الحسّاسة من الجسم، وقد ترك آثاراً جسديّة ونفسيّة كثيرة لم تزل آثارها موجودة، رغم مرور أكثر من عام.
  5. الضرب بالهراوات، والأسلاك البلاستيكيّة الخشنة على الرأس والظهر والبطن والفخذين، وسائر أعضاء الجسم، ولم تزل بعض آثارها موجودة أيضاً.
  6. الركل والرفس بالأرجل، ووضع الحذاء فوق الرأس والوجه والرقبة، بل وضعه أيضاً داخل الفم أحياناً.
  7. الضرب على أسفل القدمين بالهراوات بعد إلقائنا على الأرض وشّد وتكبيل اليدين والرجلين، ويكون الضرب بقوّة مفرطة. ويصل أحياناً للإدماء الكثير.
  8. تكبيل اليدين وشدّهما إلى الخلف، وتعصيب العينين، وشدهما بعصابة تغطي نصف الوجه، ويكون ذلك في مرات عديدة متكرّرة.
  9. إجبارنا على الوقوف على أقدامنا لفترات طويلة، وأيدينا مرفوعة إلى الأعلى دون أن تلامس جدران الزنزانة.
  10. سكب الماء البارد المؤذي على الجسم والفراش وفي داخل الزنزانة.
  11. البصق في الوجه إمعاناً في الإذلال والتحقير، ومنعنا من مسح التفلة من على وجوهنا.
  12. بعد إجبارنا على فتح أفواهنا، يتم البصق بالنخامة في داخل فضاء الفم، ويلزموننا بابتلاع ذلك قبل وجبة الأكل، جرى ذلك لمرات عديدة.
  13. السبّ والشتم ولفظ الكلمات البذيئة التي يخجل اللسان من ذكرها والتي تنال من العرض والشرف والناموس ومثال ذلك (أنا ابن الفاعلة)، وبعد التعذيب نُجبر على إسماع السجناء الموجودين في الزنزانات الأخرى، وهم يشهدون بأنّهم سمعوا منّي ذلك، ومنهم الشيخ عبد الجليل المقداد، والشيخ المحروس.
  14. إجبارنا على السبّ والشتم لأنفسنا، واستخدام عبارات بذيئة مثل (أنا حيوان، أنا كلب).
  15. سبّ الدين والمذهب والازدراء بالمعتقدات الدينيّة، والتعرّض لأئمّة المسلمين(ع) بالسبّ والشتم والإهانة.
  16. الطعن والتجريح لمعتقداتنا الدينية كقولهم لنا: “يا ابن المتعة، لماذا تسجدون على التربة؟ أيّها الكفار! أيّها المشركون! أيّها الخونة…” وغيرها.
  17. إجباري على تقبيل أحذيتهم، وفي حال امتناعي عن ذلك، يتمّ إرغامي على ذلك بالضرب ووضع الحذاء على الرأس وفي داخل الفم.
  18. التهديد بالقتل وتنفيذ حكم الإعدام، وكانوا يقولون ويكرّرون أن هذه المرة تختلف عن المرات السابقة، وكانوا يقولون: “سوف تُعدم في شهر يونيو القادم”.
  19. تعريتي من جميع ملابسي لفترة طويلة، وجرى ذلك في مواضع عدّة منها في حادثة الاعتقال؛ حيثُ تمّت تعريتي بمجرّد الإمساك بي، ممّا جعلني أتستّر باليدين، وكذلك جرى ذلك في سجن القرين أيضاً مرات عدّة؛ حيثُ إنه أحد الأساليب المهينة في التعذيب لدى النظام.
  20. التهديد بالاعتداء على الأهل وانتهاك العرض وهتك حرمتهم.
  21. الإزعاج الليليّ من خلال الضرب بالهراوات على القضبان الحديديّة للزنزانات.
  22. إجبارنا على تقبيل صور رموز النظام البحرينيّ والسعوديّ، الملصقة أمامنا على جدران الزنزانة، ويحدث ذلك مرات عديدة في اليوم الواحد.
  23. التضييق في الذهاب لدورة المياه (الحمام)، بحيث لا يُسمح لنا بالذهاب وقت الحاجة، وفي حال السماح لنا لا نمنح الوقت الكافي لقضاء الحاجة.
  24. إرغامنا على تغطية سائر الجسد، بما في ذلك الوجه بالأغطية والبرانس، أثناء ذهابنا للحمام، وذلك من أجل أن لا يرانا أحد ولا نرى أحداً.
  25. عدم السماح لنا بالاستحمام والتنظيف، وتبديل الملابس لفترة تصل إلى أسبوعين.
  26. إيقافنا تحت أشعة الشمس عند الظهيرة، وأثناء عودتنا من المحكمة كانوا يجرّوننا بحبال من رقابنا وبشدّة ممّا أدّى إلى مشاكل في التنفس، حتّى أن بعضنا يتقيّأ جرّاء تلك الحالة، وأيدينا مقيّدة خلف ظهورنا بالقيود الحديديّة.
  27. المعاملة بقسوة وخشونة أثناء الذهاب إلى المحكمة والعودة منها إلى السجن؛ حيثُ إنّنا كنّا حين ننقُل من السجن إلى القضاء العسكريّ، أو النيابة العسكريّة في حالة يُرثى لها بحيثُ تكون أعيننا معصوبة، ووجوهنا ورؤوسنا مغطّاة بأكياس من قماش شُدت حبالها على رقابنا، وأيدينا مُقيّدة بقيود حديديّة، ويستمر هذا المشهد أثناء الرجوع أيضاً.
  28. الاستهزاء بنا والسخرية منّا، والانتقاص منّا أثناء وجودنا في غرفة الانتظار في غرفة القضاء العسكريّ.
  29. الحرمان من الاتصال بالأهل والأقارب وبالعالم الخارجيّ أثناء الفترة الأولى من الاعتقال.
  30. وضعنا في السجن الانفراديّ في زنزانة صغيرة، واستمر ذلك لفترة تصل إلى ثلاثة أشهر، وكان بعض تلك السجون تحت الأرض في «القلعة».
  31. الحرمان من الاتصال بالمحامي والالتقاء به أثناء التحقيق في جهاز الأمن الوطنيّ، وفي النيابة العسكريّة.
  32. إجبارنا على التوقيع على إفادة التحقيق في جهاز الأمن الوطنيّ دون أن نقرأ ما فيها أو نعلم مضمونها.
  33. الحرمان من الرعاية الطبيّة، وتقديم العلاج.
  34. التهديد بالاعتداء الجنسيّ، بل قد وقع التحرّش الجنسيّ لبعض الإخوة السجناء ومنهم الشيخ ميرزا المحروس، وقد رأيت كيف يصرخ من شدة الألم لهول العذاب.
  35. تعذيبنا نفسيّاً من خلال الأجواء المرعبة والمؤلمة لأصوات السجناء المعذّبين، وصراخهم وبكائهم لشدّة ما يجري عليهم من التعذيب.
  36. الحرمان من الغذاء الكافي ممّا تسبّب بإلحاق الضرر الجسديّ بنا في تلك الفترة.
  37. كان الضبّاط والعساكر يوهموننا بأنّنا لسنا في البحرين، وكانوا يقولون لنا: “أنتم في سجون المملكة العربيّة السعوديّة، وستحكمون بأحكامها القاسية، سوف تقطع رؤوسكم بحّد السيف”.
  38. الحرمان من الملابس في الفترة الأولى؛ حيثُ لم يكن لديّ سوى الملابس التي أرتديها.
  39. إرعابنا وإرهابنا من خلال إدخال الكلاب المتوحّشة علينا داخل عنبر السجن مع إطفاء الأنوار، وكانت الكلاب تنبح وتهاجم الزنزانات بشراسة ووحشيّة.
  40. مداهمة المنزل أثناء الاعتقال وتحطيم الأبواب والعبث بمحتوياته.
  41. سرقة بعض الممتلكات ومصادرتها؛ مثل بعض أجهزة الكمبيوتر، والمبالغ الماليّة والهواتف النقّالة وغيرها من الممتلكات.
  42. إشهار السلاح في وجهي أثناء الاعتقال، وترويع من في المنزل من النساء والأطفال وبثّ الرعب في قلوبهم.
  43. تعرّضنا للضرب بالأيدي والهروات في مبنى القضاء العسكريّ، يوم النطق بالحكم حينما رددنا شعار “سلميّة سلميّة شعب يطلب حريّة”. وكان الضرب شديداً موجعاً ولم يستثنوا منّا أحداً، وكان ذلك في 22/6/2011.
  44. ضربي وتعذيبي في مستشفى القلعة وأنا في حالة تلقي العلاج وعلى فراش المرض، فلم يمنعهم ذلك من ضربي وتعذيبي.
  45. مداهمتنا ليلاونحنُ نيام، وقيامهم بضربنا وتعذيبنا ونحنُ على فراش النوم، وقد حدث لي شخصياًّ ذلك بينما كنتُ نائماً وإذا بمجموعة من الملثّمين أزاحت اللحاف عن وجهي، وبدأت بترويعي وضربي.
  46. هتك حرمتنا والمبالغة في إذلالنا وتحقيرنا، كوننا أئمّة مساجد ولنا مكانتنا الاجتماعيّة، فكانوا يقولون بتهكّم واستهزاء: “أنت رمز؟؟ أنت تافه لا تسوى واللي يصلّون وراك حيوانات حمير مثلك”.
  47. عدم السماح لنا بممارسة الشعائر الدينيّة، كالتضييق علينا في أداء الصلاة، ومنع إدخال المصحف الشريف في الفترة الأولى من الاعتقال.
  48. إجباري على الغرغرة بالبول في مستشفى القلعة عند طلب فحص عيّنة من البول.
  49. استخدام الهوز الأسود من الخلف بعد تعريتنا من ملابسنا.
  50. إجباري على فعل أمور مقرفة ومقزّزة يخجل الإنسان من ذكرها.

المحور الرابع: الدليل على كيديّة التهم الباطلة

لا أراني في مقام إثبات براءتي من التهم الباطلة ودحض الادعاءات الزائفة والمسرحيّات الهابطة، بحاجة إلى الكثير من الجهد والعناء، ذلك لأنّ الأصل الثابت شرعاً وقانوناً وفي دستور القضاء أنّ المتهم بريء حتّى تثبت إدانته. فنحنُ أبرياء ونُحاكم بدوافع سياسيّة ويتمّ الانتقام منّا لمواقفنا الوطنيّة، والتهم الملفّقة بحقّنا، هي تهم كيديّة بحتة. وأقدّم لكم ما يدلّل على ذلك من خلال النقاط التالية:

1. الاستهداف السياسيّ

إنّ اعتقالي هذا ليس هو الاعتقال الأوّل من نوعه، وإنّ هذه التهم الكيديّة ليست المرة الأولى التي يتحدّث عنها النظام؛ فلقد تمّ اعتقالي مرات عديدة بدوافع سياسيّة بحتة: ففي عام 1989م تمّ اعتقالي بسبب إلقاء الخطب وتهمة التحريض، وفي عام 1991م كذلك اعتقلت للسبب نفسه، وأُبعدت عن الوطن لأكثر من 10 سنوات في المنفى. ولما رجعت كان السجن ينتظرني عام 2007 إذ اعتقلت بتهمة قلب نظام الحكم فيما عرف بقضيّة (خلية الحجّيرة)، ثمّ تمّ الإفراج عنّا لعجز النظام عن تمرير مؤامراته. وفي تاريخ 15/8/2010م تم اعتقالي بتهمة قلب نظام الحكم كذلك وعرفت هذه «بالشبكة الإرهابيّة». وعجز النظام كذلك عن تمرير مؤامراته وتمّ الإفراج عنّا بتاريخ 23/2/2011م، على أنّنا نمثل سجناء رأي كما أشارت إلى ذلك الصحف الرسميّة. ثمّ لم يمض على الإفراج عنّي سوى أيّام قليلة وإذا بالمؤامرة تنتظرني والسجن يفتح أبوابه لي والتهم هي ذاتها؛ لأنّ الفاعل لها واحد والدوافع واضحة وجليّة.

2. خلف التهم الباطلة والمسرحيّات المفبركة

التي ينسج خيوطها جهاز الأمن الوطنيّ المعروف بتجاوزاته وانتهاكاته وكذبه وافتراءاته، وقد بلغ مجموع القضايا والتهم التي رفعها ضدّي إلى 11 قضيّة، فكلّما انتهينا من واحدة خرجوا علينا بقضيّة أخرى، وهذا شاهد على الكيديّة.

3. إنّ ممارسة أبشع أنواع التعذيب الجسديّ، والنفسيّ والتحرّش الجنسيّ

والمبالغة في الأذى والتنكيل لدليل كاشف عن أحقاد النظام ونواياه السيّئة وتهمه الكيديّة.

4. عدم مناسبة الحكم للموضوع

إنّ التهم التي اختلقها النظام لا تتناسب ولا تنسجم مع وضعي الشخصي؛ فمثلاً: كيف ينسجم ويتناسب اتهامي بأنّي أمرتُ بقطع لسان مؤذّن كما يزعمون وأنا إمام مسجد وخطيب منبر، وأدعو الناس إلى ذكر الله، والالتزام بقاعدة أنّ المسلم من سلم الناس من لسانه ويده؟ وعلى ذلك فقس مع بقيّة التهم.

5. صدور الأحكام الجائرة والقاسية والمبالغ في قسوتها

والتي بلغت رقماً قياسيّاً في جور القضاء وبطشه وظلمه واستخفافه، فلقد بلغ مجموع الأحكام الصادرة بحقّي 96 سنة، فما هو جرمي؟ وما هي جنايتي حتّى أُحكم بهذه الأحكام الجائرة؟

6. إنّ طبيعة التحقيق الذي جرى معي

أثناء الاعتقال يكشف عن روحيّة حبّ الانتقام لدى النظام، ويفيض بالحقد والكراهية على أبناء المعارضة السياسيّة، ومحاسبتهم ومعاقبتهم لمواقفهم السياسيّة.

7. إن من بين الضحايا في سجون النظام

أكثر من 50 معتقلاً قد تمّ التنكيل بهم والإساءة إليهم، وتعريضهم للتعذيب الوحشيّ الهمجيّ البربريّ. كل ذلك من أجل أن يُنتزع منهم إقرار واعتراف بأنّ المحرض لهم هو الشيخ محمد حبيب المقداد وهم على استعداد للإدلاء بشهادتهم أمام القضاء النزيه العادل.

8. إنّ التهم الكبيرة التي اختلقها النظام واتهمني بها

لا تتناسب والفترة الزمنية القصيرة التي عشتها خارج السجن، فمن المعلوم أنّني كنتُ في السجن بعيداً عن الأحداث ومجرياتها، ولم أخرج من السجن إلا بتاريخ 23/2/2011م فكيف يمكن في هذه الفترة القصيرة أن تصدر منّي كلّ التهم المنسوبة إليّ؟ فهذا ما لا يقبله العقل ولا يتحمّله العاقل.

المحور الخامس: المحاكمة غير العادلة

إنّ من نافلة القول أن نقول بأنّ المحاكمة التي تمّ تقديمنا إليها ليتم محاكمتنا من خلالها بدوافع سياسيّة بحتة، استهدف فيها النظام الشرفاء من أبناء هذا الوطن ليجعل من القضاء جسراً لتمرير المؤامرة وإضفاء الصبغة القانونيّة عليها، وهي بعيدة كلّ البعد عن الحياديّة والاستقلال والعدالة والنزاهة. فالمحكمة ليست مستوفية لقواعد القضاء العادل، وهذا ما شهدت به لجنة تقصي الحقائق «لجنة بسيوني» في الفقرتين رقم 1701و 1702 (يرجى مراجعة الفقرتين المذكورتين)، ومن أجل تسليط الأضواء على هذا الموضوع نقدّم الملاحظات الآتية:

  1. إنّ الأصل الثابت في الشرع والقانون لكلّ إنسان هو البراءة، ومن يدّعي خلافها عليه أن يثبت مدعاه، وهذا ما لم يتحقق منه شيء على الإطلاق، بل العكس قُدّمنا كإرهابيّين وعاملونا معاملة المجرمين.
  2. الخلل في الإجراءات لتطبيق المحاكمة العادلة، ومنها كون القاضي قمعياًّ لا يسمح للمتهم بالكلام، من حين مثوله بين يدي القضاء إلى حين صدور الحكم بحقّه، وهذا ما حصل لي شخصيّاً؛ فقد حكمني في قضيّة من القضايا بعشرين سنة دون أن يُسمح لي بالحديث ولو مرّةً واحدةً رغم طلبي المتكرّر للحديث.
  3. الاستناد إلى شهادة المعذِّبين والجلّادين من عناصر جهاز الأمن الوطنيّ، الذين قاموا بتعذيبنا وإجبارنا على التوقيع على إفادات تمّ انتزاعها بالضغط والإكراه.
  4. التعدّي علينا بالضرب وممارسة القمع والتعذيب، في مبنى القضاء العسكريّ وقد جرى ذلك مرات عديدة، وقدمنا شكوى بهذا الشأن، ولكن لا حياة لمن تنادي.
  5. تعرّضنا للتعذيب قبل جلسة المحاكمة، ويتم تهديدنا بأن لا نذكر ذلك في المحكمة، وفي ذات مرة تكلم أحدنا وهو عبد الهادي الخواجة، عن تعرّضه لمحاولة الاعتداء عليه جنسياًّ، أمام القاضي، فطرده القاضي من قاعة المحكمة.
  6. قبول القاضي بالإفادات التي تمّ انتزاعها من المتهمين بالضغط والإكراه وتحت الوحشيّة.
  7. استصدار الأحكام الجائرة التي لا تستند إلى الدليل والبرهان، وإنّما تحقّق رغبات النظام وتطبّق مؤامراته.
  8. عدم الاختصاص؛ فالمحكمة عسكريّة والقاضي عسكريّ، ونحنُ مدنيون.
  9. عدم السماح لنا بالالتقاء بالمحامين قبل جلسات المحكمة، حتّى أنّنا كنّا نُحضر للجلسة «جلسة المحاكمة» دون أن نلتقي بالمحامي للتشاور معه فيما يختصّ بشؤون الدفاع.
  10. إن من الأدلة على عدم استيفاء المحكمة لشرائط الحكم العادل هو نقض أحكامها من قبل محكمة التمييز وعدم القبول بها في أحكامها الصادرة بحقنا.

المحور السادس: من هم المعذِّبون والجلّادون

إليكم أيّها السادة، قائمة بأسماء المعذّبين والجلّادين الذين تمّ التعرف عليهم أثناء تعذيبهم لنا في سجن القلعة والقرين. ونظراً إلى أّن المعذّبين كانوا ملثّمين ووجوههم غير مكشوفة، فمن الصعب التعرف عليهم جميعاً، ولكن تمّ التعرّف على البعض منهم وهم:

  1. الأمير ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة، وهو ابن ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة: وهو أحد الجلّادين والمعذّبين الذين قاموا بتعذيبي وضربي في السجن. وقصّته معي على النحو التالي: في اليوم الثاني من اعتقالي وبالتحديد بتاريخ 2/4/2011م في سجن القلعة لدى جهاز الأمن الوطنيّ، الذي يقع تحت الأرض، وفي أثناء التحقيق معي وأنا معصوب العينين، ومكبّل اليدين جاءني (ناصر بن حمد) وسألني: “هل تعرفني؟” فقلتُ: “لا”؛ لأنّي كنت معصوب العينين، فقال لي: “أنا الذي لم يفصل بيني وبينك إلا الجدار يوم مسيرة الصافرية”، وكرر السؤال: “هل عرفتني؟” فقلتُ: “لا”؛ لأنّي لم أكن أتوقّع أن يكون «ناصر» من ضمن المعذّبين، فقال لي بلسانه: “معك الأمير ناصر”. وأخذ يحقّق معي ويسألني عن الشعارات التي كان الناس يرددونها يوم مسيرة الصافرية، فقلتُ له بعضها، فقال: “بعدَ.. أكمل”… حتّى قال لي: “أريد شعار «يسقط …»”، فلمّا قلت: “إنّ الناس كانت تردد كذلك شعار «يسقط …»”، فإذا به ينهال عليّ ضرباً بعنف على الجانب الأيمن من رأسي وأسقطني على الأرض، فرفعني الذين من حولي، ثمّ ضربني مرة أخرى، وأسقطني وهكذا انهال عليّ ضرباً وهم معه، وكلّما سقطت على الأرض تمّ رفعي وضربي، إلى أن سالت الدماء من كلّ أنحاء جسمي. هذا وقد انكشف جزء من الغطاء الذي على عيني فرأيتُ «ناصر بن حمد» بعيني أثناء التعذيب في سجن القلعة.
  2. بدر إبراهيم غيث: وهو نقيب في جهاز الأمن الوطنيّ، قام بتعذيبي أثناء القبض عليّ في ليلة الاعتقال.
  3. يوسف المناعي: ملازم في جهاز الأمن الوطنيّ، قام بتعذيبي أثناء القبض عليّ في ليلة الاعتقال، وهو الذي كان يقول لي «ألم نقل لك لو تنخش في …».
  4. محمد عويّد: ملازم في جهاز الأمن الوطنيّ، وهو أردنيّ الأصل، قام بتهديدي وتعذيبي، وقد رأيتُ وجهه أثناء التعذيب، وكنتُ أعرفه مسبقاً إثر تحقيق معي في اعتقالات سابقة، وهو الذي قال لي في هذه المرة في القلعة: «أنا لا أخاف من أحد، سوف أفرغ الرصاص في رأس من يقترب من بيتي».
  5. عبد الله السوري: ملازم في جهاز الأمن الوطنيّ، قام بالتحقيق معي وبتعذيبي، وقد رأيتُ وجهه أثناء التعذيب، حينما انكشف جزء من الغطاء عن وجهي في نفس الليلة التي عذّبني فيها ناصر. هذا وأنا أتقدّم بطلب إحضارهم ومثولهم بين يدي القضاء ليقول القضاء فيهم كلمته.
  6. الرائد باسل سيادي: وهو الضابط المسؤول عن سجن القرين وهو يعرف الملثّمين المعذّبين جميعاً، ولذلك فنحنُ نطلب استدعاءه بين يدي القضاء للكشف عن أسماء المعذّبين ومن ورائهم.

المحور السابع: الأدلّة والشهود على التجاوزات والانتهاكات في ممارسة التعذيب

  1. أنا أوثّق الأدلّة والبراهين على ممارسة التعذيب والتنكيل بنا في السجن بشتى أصناف الانتهاكات والتجاوزات، والتي تتنافى مع أبسط الحقوق الإنسانيّة، بالتقرير الطبيّ الذي كتبه الطبيب الشرعيّ المكلّف من قبل المحكمة العسكريّة، وذلك أثناء محاكمتنا في تلك الفترة؛ حيث إنه وثّق آثار التعذيب في تقريره وبشكل لا يقبل التأويل وهو موجود بين أيديكم.
  2. الدليل الآخر من الأدلّة التي تُثبت التجاوزات والانتهاكات هو ما جاء في تقرير لجنة بسيوني من شهادة الطبيب الشرعيّ المختصّ الذي كشف عليّ وقام بتصوير آثار التعذيب في جسدي، فبلغ عددها الخمسين أثراً، وكلها موثّقة بالصور ويمكنكم العودة إلى تقرير اللجنة الموقرة، وللأمانة فإن السيّد بسيوني نفسه لما نظر إلى آثار التعذيب في جسدي أثناء زيارته لنا في سجن القرين تألم، وقال بحزن وألم بعد أن كادت أن تجري الدموع من عينيه: «ينهار أسود».
  3. إنّ من بين الذين شهدوا حالات التعذيب والانتهاكات التي جرت عليّ في السجن هم إخواني السجناء الذين كانوا معي في السجن، وهم على استعداد للإدلاء بشهادتهم أملاً أن يُفسح المجال في ذلك إحقاقاً للحق، وإظهارا للمظلوميّة. والشهود هم الأسماء التالية (وكلهم من الثقاة المطمئن بشهادتهم): الشيخ عبد الجليل رضي المقداد، الشيخ عبد الله عيسى المحروس، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبد الوهاب حسين، الأستاذ عبد الهادي الخواجة، الحاج محمد حسن جواد، جاسم الحايكي، الشيخ عبد الهادي عبد الله المخوضر.
  4. مضافاً إلى ما ذُكر من الأدلّة والشهود، فإنّ جسمي ما يزال يحمل آثار التعذيب، وبصمات المعذّبين والجلّادين، وجدران زنزانة سجن القرين تشهد، فعليها آثار بقع الدم الحمراء وقد ذكرتُ ذلك سلفاً.
  5. إنّ ما جاء في تقرير «لجنة بسيوني» في الفقرتين 1180 و1179 يكشف عن تورّط مسؤولي النظام ورموزه والقيادات العليا في الانتهاكات والتجاوزات.

المحور الثامن: المبعوث الخاصّ من الملك مُعذِب وجلاد

حينما كنتُ في سجن القرين كانت المجموعات الملثّمة تتردّد علينا، ليلاً ونهاراً، وتمارس معنا أبشع أنواع التعذيب ومختلف الإهانات بكلّ قسوة وضراوة. وفي ليلةٍ من الليالي الصعبة، جاءت مجموعة من الملثّمين إلى زنزانتي وكالعادة قيّدوا يدي وعصبوا عيني، ونقلوني بسيّارة إلى خارج السجن، وقاموا بضربي وتهديدي داخلها، والتعامل معي بعنف، حتّى إنّهم أخذوني إلى مبنى أعتقد أنّه تابع لجهاز الأمن الوطنيّ، وقالوا: “الآن سيأتي الشيخ، وإذا لم تتعاون معه سنعتدي عليك جنسيّاً، ونعذبك عذاباً حتّى الموت”. ثمّ بعدها أتى ذلك الشيخ وتوقّفوا عن ضربي وتعذيبي وهم يقولون: “جاء الشيخ.. جاء الشيخ”. هذا وأنا لا أزال مُعصّب العينين مُقيّد اليدين، ولكنّي كنتُ أسمع حديثهم، حيثُ أمرهم أن يفتحوا العصابة عن عيني، ففتحوها وجلس معي أمام طاولة مستديرة، وأخذ يتحدّث معي عن أحداث الدوّار، وهو يكتب بعض الملاحظات، قال لي: “أنا مبعوث من قبل جلالة الملك، ويشرّفني أن أمثّله، وأنا اسمي الشيخ صقر آل خليفة، وأوصاني جلالة الملك أن أسألك عن الأحداث التي جرت في الدوّار، فهو يريد أن يسمع شخصيّاً منك حقيقة الأحداث لا من خلال ملفّات التحقيق”. وهكذا كان يسألني، وأنا أجيب. واستمرت الجلسة لأكثر من ساعات تقريباً، هذا وقد طلب مني في أثناء الجلسة أن أقدّم اعتذاراً للملك ثمّ الصفح والعفو، فرفضت ذلك، فانفعل وغضب وجاء دور الملثّمين لينتقموا منّي على عدم استجابتي لطلبه، ثمّ أرجعوني إلى السجن بعد وجبة التعذيب.
وبعد يومين تقريباً كذلك أخذوني من السجن إلى المبنى السابق نفسه الذي يحضر فيه الشيخ صقر ممثّل الملك بحسب مدعاه، وفي تلك الليلة ضغطوا عليّ ضغطاً شديداً، وقاموا بتعذيبي وضربي وتهديدي بالتحرّش الجنسيّ قبل ذلك من أجل أن ينتزعوا منّي اعتذاراً إلى الملك، وقد أخبرت الحامي محسن الشويخ بما جرى لي في تلك الفترة. ولم يرجعوني إلى السجن إلّا قرب طلوع الشمس. والحاصل فقد تبيّن لي أنّ المدعو الشيخ صقر آل خليفة والذي ادّعى تمثيل الملك هو أحد المعذّبين والجلّادين وتحوط به مجموعة من الجلّادين.

المحور التاسع: خاتمة

وفي نهاية المطاف أشير إلى بعض المطالب الأساسيّة المهمّة، والتي أرى من الضروري رفعها إليكم وهي:

  1. محاسبة المعذّبين والجلّادين ومحاكمتهم محاكمة عادلة وفق الشرع والقانون وإن كانوا من رموز النظام، فلا أحد فوق القانون الذي يجب أن يتساوى فيه جميع المواطنين، وعلى القضاء أن يبرهن لنا استقلاليّته وحياديته.
  2. إنّني أطالب بالإفراج الفوريّ عنّي وعن جميع سجناء الرأي ومعتقلي الحريّة من أبناء شعبنا الكريم، وخصوصاً الحرائر من النساء اللاتي زَجّ بهنّ النظام في السجون، وإسقاط جميع التهم الزائفة.
  3. الاعتذار لأبناء الطائفة الشيعيّة الذين تمّ الاعتداء عليهم وجرح مشاعرهم والازدراء بعقائدهم الدينيّة والسبّ والشتم لأئمتهم وعلمائهم، والتشنيع والتشهير بهم، وهذا ما أثبتته لجنة تقصّي الحقائق (بسيوني) في فقرة رقم 1234.
  4. الاعتذار ورد الاعتبار لكلّ السجناء المظلومين الأبرياء، الذين وقع عليهم التعذيب وتلفيق التهم الباطلة بحقّهم، وتعويضهم لما لحق بهم من ضرر، وهذا ما ينسجم مع توصيات السيّد شريف بسيوني في تقريره الشهير، راجع فقرة رقم 1129 و1180.

هذا والحمد لله ربّ العالمين.

المصدر
كتاب شهادة وطن – إفادات قادة ثورة 14 فبراير والمعارضة البحرانية أمام المحاكم الخليفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟