مواضيع

شبكة مفاهيم التنظيمات

إذا أردنا ذكر شبكة من المفاهيم التي ترتبط بماهية وكيفية عمل التنظيمات وفهم ذلك، يمكننا أن نشير إلى المفاهيم أدناه ونشرحها:

الشاكلة: من أجل أن توصل التشكيلات «التنظيمات» إلى القوة فإنّها تحتاج إلى شاكلة تلعب دور العمود الأساس. قائد التشكيلات هو الشاكلة التي تقوم عليها التشكيلات في مرحلة البناء.

الشكل: الصورة التي نريد أن تولد التشكيلات على أساسها، أو الصورة التي تولد التشكيلات عليها. وهي الشكل الظاهري للتشكيلات. وهذا الأمر يعتمد بصورة كبيرة على الأشخاص الذين يؤسّسون التشكيل، وهي العلاقة بين الأفراد فيما بينهم والنظم الذي يُبنى ظاهر التشكيل عليه.

التشكيل: هو منح الشكل واتخاذ الشكل. ومن أجل تأسيس التشكيلات يجب أن يتمّ تأسيسها على أساس شكل مطلوب. وعليه فإنّ الأمر يحتاج إلى تصميم ظاهري للقيام بعملٍ تنظيمي مؤثّر. ومن ناحية أخرى يدلُّ التشكيل على إمكانية اتخاذ الشكل، ولا يمكن أن يظهر شكل التشكيلات ما لم تكن عناصر التنظيم على استعداد نفسي لقبول الشكل الجديد، أو يملكون الرغبة من أجل الظهور بالشكل الجماعي.

إشكال ومشكلة: في جميع التنظيمات والتشكيلات تظهر الفتن والمشاكل. ويقول أمير المؤمنين  (ع): «إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تبع وأحكام تبتدع يُخالف فيها كتاب الله»[1]. وهذا يعني أنّ كلَّ شخصٍ يعمل في التنظيم من أجل رغبته الخاصّة. وعندما يريد قائد التنظيم أو التشكيل أن يوحّد كلّ هؤلاء الأشخاص على أساس شكل واحد، يجب أن يعلم أنّ وجود التوجّهات المختلفة بين الأعضاء والرؤى المختلفة ستؤدي إلى ظهور مشاكل كثيرة يجب أن يسعى إلى حلّها.

التنظيمات هي مكان إنتاج الإشكال والمشكلة، وبناءً على ذلك فإنّ الإنسان التنظيمي لا يخاف الفتن، بل هو مستعد لبناء منزله على حافّة البركان، ويواجه المشاكل والأحداث من دون أن يتعرّض لصدمة. وفي هذه الحالة لا تؤدي المشاكل إلى اليأس والقنوط في التنظيمات، بل تتحول إلى فرصة وسبب لتطور الأفراد. يمكن القول أنّ العمل التنظيمي هو مواجهة للمشاكل.

الولاية: الترافق واتحاد البعض مع البعض ممّا يؤدي إلى الانسجام والوحدة. للمؤمنين ولاية بينهم، وهذا يعني وجود نوع من الاتحاد والتواصل الوثيق بينهم، والتنظيمات هي أفضل ساحة لبروز هذه الولاية واتحاد الأفراد.

الانتفاضة: التنظيمات هي ساحة للانتفاض والتحرك واتخاذ خطوات. أجواء التنظيمات هي أجواء الحركة ودفع الإنسان للتحرك. يستنبط القيام ومن ثمّ الحركة من هذا المفهوم.

المقاومة: هي الروح المعنوية الشاملة والحاكمة للمنظّمين، والمقاومة مقابل الإشكالات والمشاكل وهو ما تمت الإشارة إليه فيما سبق. وعن طريق وضع برنامج صحيح، يمكن تعزيز هذه الروح بين الأفراد في المسار وجعلهم أقوى.

الاستقامة: التنظيمات الإسلامية والعمل في التنظيمات هو مصداق من مصاديق الصراط المستقيم، ومن الضروري امتلاك الاستقامة من أجل الاستمرار بالحركة على الصراط المستقيم. المحافظة على انسجام الأشخاص وجمع الأذواق المختلفة ودفعها من أجل الاتحاد في الهدف لتحقيق هدف التنظيم أمر يؤدّي في الكثير من المواقع إلى استنزاف قدراتنا العادية، ولا بدّ من صرف جهود مضاعفة وطلب المزيد من المقاومة لتحقيق ذلك، وهو أمر يتحقّق عن طريق التواصي بالحقّ والصبر في التنظيمات.

الانسجام: الارتباطات البشرية الوثيقة، وإذا استطاع التنظيم أن يقيم الانسجام في داخله، فإنّه سيكون أقل عرضةً للأذى بسبب المؤثّرات الخارجية.

السبق: التنظيمات هي ساحة السباق بين الأشخاص، وتدفع الأفراد نحو التسابق الشريف نحو هدف واحد ومهمّة مشتركة، فيبذل كل منهم جهده للقيام بواجبه عن طريق مقارنة جهده وسعيه بما يبذله الآخرون. مقارنة الجهود والمساعي تُعد أرضيةً جيدة من أجل معرفة الطاقات والقدرات والاستحقاقات. إنّ اختيار الأنسب يتمّ بصورة ذاتية في هذه المسابقة.

الأمر: الأوامر والتكاليف هي المحرّكات التي تطلق الأنشطة في التنظيمات. إنّ العلاقة الولائية في التنظيمات ترتقي وتنضج إلى درجة تجعل الأشخاص لا يتضايقون من تلقّي الأوامر من الآخرين، ومن جهة أخرى تمنع الأشخاص من تفريغ عقدهم النفسية عن طريق توجيه الأوامر للآخرين. المنطق الاستراتيجي للأمور في التنظيمات هو الأوامر والتكاليف، وهي التي تنظّم العلاقة بين الأفراد كما ينظم المقود حركة السيارة. ومن هذا المنطلق تُعدُّ التنظيمات ساحة من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

التولي: قبول ولاية الآخرين والتخلّي عن الرغبات والأهواء الشخصية والتراجع مقابل رغبات الآخرين، وهي روح سائدة في التنظيمات الإسلامية. إذا لم ينمُ في الإنسان التولّي وقبول ولاية الآخرين، لن يستطيع الأشخاص التفاعل فيما بينهم وتنظيم حركتهم معاً.

الربط: التنظيم هو نوع من هندسة العلاقة بين بني البشر الذين يجب أن تتم رؤيتهم بصورة جيدة بعضهم إلى جانب البعض بالإضافة إلى إيجاد نوع من التعاضد والترتيب المعقول بينهم. ويعد الربط من أسس ماهية التنظيم ومن دون هندسة ذلك لا تتحقق التنظيمات. الكثير من الارتباطات الصحيحة هو نتيجة للعمل التنظيمي، وجملة من الارتباطات غير الصحيحة يتمّ تصحيحها عن طريق العمل التنظيمي. الارتباطات أمر أوسع من التنظيمات، وهي أمر يتعلق بالمجتمع البشري، وإذا تم إنتاج نموذج جيد لهذه الارتباطات في العمل التنظيمي سيكون من الممكن إصلاح الآليات الاجتماعية أيضاً.

الارتقاء: ثمرة التنظيمات هي ارتقاء الإنسان في المجالات التي ينشط فيها. والتنظيمات – كما أشرنا سابقاً – هي مصنع من أجل الارتقاء وتحوّل المواهب إلى قدرات. كلُّ شخصٍ في التنظيم يجب أن ترتقي طاقاته الداخلية بمرور الزمان أو تُحدّد وتُعزّز.

العمليات: هي الأثر الذي تخلّفه التنظيمات في الأجواء المحيطة بها، وهي مجموعة من الخطوات التي يقوم بها أفراد التنظيم من أجل تقريبهم من الأهداف المرسومة للتنظيم. والعمليات هي الخطوات التنفيذية التي يقوم بها الأفراد من أجل تحقيق الخطط والأهداف التنظيمية، وهي الفاصل المشترك بين التنظيمات وبين المفاهيم والهيكليات الأخرى، مثل المؤسّسات والمعاهد وغيرها.


  • [1]نهج البلاغة، الخطبة 50.
المصدر
كتاب العمل التنظيمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟