مواضيع

فطرة الإنسان الاجتماعية

الإنسان مخلوق مدني بالطبع وميله للمجتمع أدّى إلى أن يبحث عن آليات اجتماعية من أجل تنظيم حياته الاجتماعية، وقاده هذا البحث إلى الأنشطة الاجتماعية حتى يحصل على إجابات نافعة لأنواع احتياجاته المتفاوتة. والملاحظة التي يجب الالتفات إليها هي أنّ تلك الآليات يجب أن تؤدي إلى تحويل القدرات الكامنة في المجتمع – المتكون من الأفراد – إلى إمكانيات ملموسة. وإنّ التيار المجتمعي في الإسلام تمّ رسم معالمه بطريقة تجعله ملتفتاً إلى الجانب الفردي والجانب الاجتماعي للإنسان ممّا يؤدي إلى ارتقاء الجانبين بصورة منسجمة؛ ففي مجال المجتمعية يصدر الإسلام أحكاماً متعدّدة ويقود أتباعه إلى مسار يكون الفرد فيه مسؤولاً في المجتمع ويعمل من أجل تعزيز البنية الاجتماعية، وبهذه الطريقة يتمّ تحديد مسؤولية اجتماعية ونشاط جماعي لجميع أفراد المجتمع وفقاً للتعاليم الإسلامية.

الملاحظة المهمّة في هذا المجال هي ضرورة اكتشاف هذه الآلية الإسلامية وفهم جوانبها المختلفة من أجل أن تقود إلى الفهم، ومعرفة ضرورة فهم العلّة والكيفية والطريقة للمنظومة والعمل التنظيمي. يمكن القول إنّ الفهم العلمي للموضوع يشير إلى أنّ المنظومة هي أداة تهدي الإنسان في مساره – وهو العبوديّة في المجالات الفردية والاجتماعية – وتحميه من أجل الوصول إلى الهدف.

إذا امتلك الإنسان أدوات المنظومة وأجواءها وعلم كيفية استغلال ذلك، فيمكنه أن يقوم بواجبه كمسلم مسؤول ومؤثر – يهدف إلى إطلاق نهضة إنسانية- بأحسن وجه ممكن بغض النظر عن الظروف التي يكون فيها.

تمَّ تنظيم التيار الشيعي في عصر الأئمة المعصومين؟عهم؟ في ظل ظروف الضغوط التي كانت تحيط بالشيعة خلال عصر الأئمة، عن طريق تحديد نظام وآلية وهيكلية سرية من أجل أن يقوم التيار الشيعي بواجبه بأفضل شكل ممكن. يصف سماحة السيد الخامنئي دام ظلّه هذا النظام بصورة جميلة فعبّر عنه بـ«التنظيم السرّي»[1]. إنّ الحركة التنظيمية للأئمة المعصومين؟عهم؟ بعد قبول صلح الإمام الحسن المجتبى؟ع؟ كانت تُقاد ضمن إطار هذه المنظومة السرّية. وتوجد أدلة تاريخية تشير إلى أنّ الحركة التنظيمية لمولانا الإمام كانت تظهر خلال حياته بصورة واضحة وخفية وفقاً لظروف التقية وعدم التقية، وبالتعمّق في الوثائق والأدلة التاريخية يكون هذا الجانب من حياة الأئمة؟عهم؟ واضحاً ولا يمكن غضّ النظر عنه أو إنكاره.

إنّ تيار الثورة الإسلامية في إيران هو أيضاً نتيجة وحصيلة لفعل وطريقة تنظيمية نشأت من التعاليم الدينية الأصيلة، وهو يسير لأجل رفع راية الإسلام. ولا بدّ من الاعتماد على الطاقات المختلفة من أجل يتحقّق هذا التيار عمليّاً بصورة كاملة، ومن أجل الاعتماد على تلك القدرات ينبغي أن تسخّر الجهود لجذبها والاستفادة منها. ومن البديهي أنّ تعبئة القدرات المتنوعة من أجل تحقيق هدف واحد أمرٌ يحتاج إلى العمل التنظيمي والرؤية التنظيمية.


  • [1] الإمام الصادق، السيد علي الحسيني الخامنئي، ص57.
المصدر
فطرة الإنسان الاجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟