عيد الشهداء 2009م
كان الشهيد دائم الحضور في عيد الشهداء رغم القمع الأمني المتواصل في إحياء هذا اليوم، الذي يشهد على ظلامة شعب البحرين، وفي العام 2009م، حدثت مواجهات شرسة في السنابس؛ حيث كان الشهيد يخوض المواجهات مرتدياً اللثام لتفادي تعرّف الأجهزة الأمنية عليه.
فقامت المرتزقة بتنفيذ كمين، انسحب على إثره أغلب الشباب في الشارع، فيما رفض الشهيد المغادرة -وهو ذات المنطق الذي تبناه الشهيد خلال التسعينات -، وعوضاً عن الانسحاب قرر الشهيد الصعود على إحدى غرف الكهرباء؛ حيث قام بتغطية نفسه بحيث لا يتم رصده، وبعد عدة دقائق كانت قوات المرتزقة تطارد طفلاً في الخامسة عشرة من عمره، وحينما وصل الطفل إلى المحطة أراد الصعود، فمدّ أبو قسّام يده لكي يساعده.
لكن قوات المرتزقة رأتهما، وسارعت لتسحب الطفل قبل أن يتمكن أبو قسّام من رفعه للأعلى، بعدها صرخ أحد المرتزقة بـأبي قسّام كي ينزل، لكنه رفض ذلك وقال لهم: «إذا كنتم رجالاً فتعالوا!».
المرتزقة، وعلى الرغم من كثرة عددهم، إلا أنهم لم يكونوا ليواجهوا رجلاً أعزلاً، وعوضاً عن ذلك قاموا بإطلاق الرصاص المطاطي عليه بشكل مباشر ليفقد الشهيد الوعي، ثم قام المرتزقة بإنزاله وتقييده بقيد بلاستيكي – سيركليب – حيث يوجد تسجيل مصوّر يوثّق الحادثة برمتها لغاية إنزال الشهيد، وبعد ذلك تم وضعه في «جِيب الشرطة»، وأخذه إلى مدخل السنابس، وهنالك عند المدخل استعاد أبو قسّام وعيه ليرى نفسه مقيداً، وكان قميصه مرفوعاً على رأسه لمنعه عن الرؤية، لكن الشهيد تمكن من معرفة أنه لازال في السنابس، وحينها قرر الفرار؛ فخرج من سيارة الجيب وأسرع هارباً، إلا أن المرتزقة عاجلوه بطلقة مطاطية أخرى ليغمى عليه مجدداً.
بعدها تجمع المرتزقة على الشهيد، وأبرحوه ضرباً بلا رحمة في كل مكان من جسده حتى أن ملابسه تمزقت من شدّة الضرب.
وفي اليوم التالي، تم عرض الشهيد على وكيل النيابة، ومن المهم الالتفات إلى مرارة أن يكون زميلك في العمل، والذي تربطك به علاقة شخصية، هو ذاته وكيل النيابة الذي يحاول إثبات التهمة ضدك.
فأبو قسّام كان يعمل في المحكمة، ومن الطبيعي أن يعرف وكلاء النيابة ولو بشكل سطحي، هذا على أقل تقدير، وأبو قسّام وقف أمام وكيل النيابة وثيابه ممزقة وبحالة يرثى لها!، فالمرارة التي كان يشعر بها كانت مضاعفة، وعلى الرغم من كل هذا، فمعنويات الشهيد كانت عالية جداً حينما خرج من عند وكيل النيابة؛ فقد أبرحته الشرطة ضرباً أمام ناظري عائلته، فرفع لهم علامة النصر وهو يقول: «لا تحاتون… أمورنا طيبة».
وفي هذا الاعتقال، تم احتجاز أبي قسّام في سجن التوقيف لمدة ثلاثة أشهر قبل الإفراج عنه، كما تم فصله من العمل في المحكمة. خسارة الوظيفة هو أمر بالغ المرارة وثمن باهض، ولكن لا مجال للندم في سبيل الله.