القلب الحسيني
من الأمور التي اكتشفتها في السجن – وذلك خلال استضافة الشهيد في مبنى 4- أن «أبا قسّام» كان يتقطع قلبه ألماً حين أدائه لدور «الشمر»، وذلك لما كان لديه من مشاعر مرهفة وحب شديد وعميق «للإمام حسين (ع)»، وهنا ينبغي لفت نظر القارئ إلى أن بعض الممثلين يرفضون أداء دور «الشمر» حتى لا تتم معايرتهم من الآخرين، لكن موقف الشهيد كان مختلفاً، فلم يكن هنالك من يعايره على أداء هذا الدور؛ بل كان هذا الدور محل ثناء الناس وشكرهم له على أدائه لهذا العمل المميز الذي كان يجسد ملحمة «الحسين (ع)» في أبهى صورة.
ولكن بالنسبة لـ«أبي قسّام»، فإنه يصعب على المحب العاشق أن يرفع السيف على جسد المحبوب حتى لو كان الأمر مجرد تمثيل، فخلال الندوة كان الشهيد يقول – وأحسب أنه كان يتكلم عن الفترة ما بين الملحمة الخالدة 1 والملحمة الخالدة 2- بأنه ذهب إلى الشيخ «محمد الصنقور» يشكو له إصرار الإخوة على مشاركته بتمثيل دور «الشمر»، وبأنه لا يستطيع تحمل أداء هذا الدور، وأن يجسد عملية قتل «الحسين (ع)» في كل ليلة.
فما كان من الشيخ «محمد الصنقور» إلا أن أثنى على أداء «أبي قسّام»، وألح عليه لإيصال الرسالة الحسينية، وأصرّ عليه أن يواصل تقديم ملحمة كربلاء بمختلف الطرق، كما شدد على أهمية المسرح في ربط الناس بـ«الإمام الحسين (ع)». أما من ناحية الآلام النفسية التي يعانيها خلال التمثيل، فطلب الشيخ منه أن يتصبر عليها. خلال سرد الشهيد تفاصيل لقائه مع الشيخ محمد الصنقور، كان يكرر عبارات كـ«ما أقدر» و«أصيح» و«قلبي ما يستحمل»، وكان يقولها بحرقة قلب واضحة، وحيث إني رأيت الشهيد يبكي عند أدائه لدور «الشمر»، فأعلم أنه كان يتجرع السم في كل ليلة.