مواضيع

الملحمة الخالدة

كما برز «أبو قسّام» كأحد أفضل الممثلين على مستوى البحرين؛ حيث شارك في فرقة مسرحية قدمت العديد من الأعمال المميّزة، هذا التميّز دفع جمعية التوعية الإسلامية لإنتاج عمل ضخم شاركت فيه فرقة أبي قسّام إضافة إلى فرقة أخرى تحت عنوان «الملحمة الخالدة»، وذلك في سنة 2003م، وهنالك رأيت «أبا قسّام» للمرة الأولى.

وما أدراك كيف رأيته، كان الشهيد يمثل دور الشّمر في المسرحية التي أُقيمت على مسرح «النادي الأهلي»، الصالة كانت كبيرة، لكنها كانت تعج بالجمهور الذي كان منقسماً بين الرجال الذين كانوا يجلسون في جانب من القاعة، وبين النساء اللاتي كن يجلسن في الجانب الآخر. الجمهور كان يبكي متأثراً ببعض المشاهد، ولكن حينما جاء دور الشهيد ضجّت الصالة بأكملها بالبكاء والعويل لما أدى من دور متقن جداً، وحينها كنت أعتقد أن التفاعل كان في ذروته… ولكنني كنت مخطئاً…؛ فعندما وصلت المسرحية لمشهد انقضاض «الشمر» على «الإمام الحسين (ع)» تحولّت الصالة إلى بحر متلاطم من البكاء والنحيب، وارتفعت أصوات الرجال والنساء من شدّة التأثر ومن هول المشهد. من يشاهد المسرحية بتمعن ويدقق في تمثيل الأدوار سيرى بوضوح أن الشهيد لم يكن متمالكاً نفسه وهو يؤدي دور «الشمر»؛ بل كان يجهش بالبكاء.

من الناحية الفنية، فإن بكاء «الشمر» خارج عن النص، لكن قلب الشهيد كان مرهفاً، يغمره عشق «الإمام الحسين (ع)»، لم يكن يتحمل أداء هذا الدور فكان يرفع يده شاهراً السيف وهو يبكي، وإذا هوى به على جسد «الإمام الحسين (ع)» يتوقف قليلاً ويبكي مجدداً، بكاء «الشمر» كان في حد ذاته يدفع بالجمهور إلى البكاء.

بعد خروجنا من المسرحية، أصرّت عائلتي على الحضور مجدداً لمشاهدة عرض آخر من المسرحية، وهذا الإصرار على الحضور مجدداً لم يكن يقتصر على عائلتي فقط؛ بل كان شعوراً عاماً لكل من حضر المسرحية.

المصدر
كتاب أبو قسام – الشهيد محمد سهوان | الأستاذ علي معراج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى