مواضيع

دستور الولايات المتحدة الأمريكية

كتب دستور الولايات المتحدة الأمريكية جيمس ماديسون[1] (الذي أصبح فيما بعد الرئيس الرابع للولايات المتحدة) [2]، وتم التصويت والموافقة عليه في 17 سبتمبر 1787 (أي منذ أكثر من 230 عاماً) من قِبل 37 شخصاً[3] من مالكي العبيد وملّاك الأرضي والقادة العسكريين في الولايات المتحدة. فالدستور الأمريكي لم يُكتب من قِبل نواب الشعب آنذاك، وجلسات صياغته كانت مغلقة وسريّة للغاية، ولم يتم طرحه للاستفتاء الشعبي أيضاً![4] [i] على أيّ حال؛ على الرغم من أنّ تلك الاجتماعات عُقدت خلال الصيف والطقس الحار لولاية فيلادلفيا؛ لكنها كانت خلف الأبواب والنوافذ المغلقة. وملاحظات جيمس ماديسون حول ما قيل في تلك الاجتماعات نُشرت بعد 53 عاماً؛ أي بعد أن مات جميع أعضاء تلك الاجتماعات[5]![ii]

الجدول رقم 1- اسماء الموقعين على دستور الولايات المتحدة الأمريكية
التسلسلاسم الولايةاسم النائب
1كونيتيكت ConnecticutWilliam Samuel Johnson Roger Sherman
2ديلاوير DelawareGeorge Read Gunning Bedford Jr. John Dickinson Richard Bassett Jacob Broom
3جورجیا GeorgiaWilliam Few Abraham Baldwin
4ماریلاند MarylandJames McHenry Daniel of St. Thomas Jenifer Daniel Carroll
5ماساتشوستس MassachusettsNathaniel Gorham Rufus King
6نیوهامبشایر New HampshireJohn Langdon Nicholas Gilman
7نیوجيرسي New JerseyWilliam Livingston David Brearley William Paterson Jonathan Dayton
8نیویورک New YorkAlexander Hamilton  
9کارولینا الشمالیة North CarolinaWilliam Blount Richard Dobbs Spaight Hugh Williamson
10بنسلفانيا PennsylvaniaBenjamin Franklin Thomas Mifflin Robert Morris George Clymer Thomas FitzSimons Jared Ingersoll James Wilson Gouverneur Morris
11کارولینا الجنوبیة South CarolinaJohn Rutledge Charles Cotesworth Pinckney Pierce Butler
12فرجینیا VirginiaGeorge Washington John Blair James Madison Jr

على هامش ما ذكرناه، يجب الإشارة إلى نقطةٍ مهمة وهي: أنّ في جلسات صياغة الدستور والتصويت عليه، لم يكن هناك على الإطلاق أشخاصٌ معارضون، ولا نساء، ولا من يمثّل الطبقات العاملة والمضطهَدة، ولا أشخاص من الديانات الأخرى!

فعلى سبيل المثال؛ إضافة إلى أنّ النساء لم يشاركن في صياغة الدستور؛ بل حسب الدستور الأمريكي لم يكن لهنّ حق التصويت أيضاً! وقد سُمح لهنّ بالمشاركة في الانتخابات والإدلاء بأصواتهن في صناديق الاقتراع بعد 133 عاماً من صياغة دستور الولايات المتحدة.

كذلك؛ لم يُسمح للمسلمين ولا للكاثوليك ولا لليهود (غير الصهاينة) بالمشاركة في جلسات صياغة الدستور الأمريكي، ولم يكن لهم حتى حق التصويت عليه! لكن في جمهورية إيران الإسلامية الوضع على خلاف ذلك تماماً! فكان هناک أشخاص من أهل السنّة حاضرين في صياغة الدستور الإيراني وعبّروا عن آرائهم وصوتوا عليه [6]. بالإضافة إلى ذلك، كان في اجتماعات صياغة دستور جمهورية إيران الإسلامية أشخاص من المعارضين[7]، وممثلون عن الأقليات الدينية أبدوا آراءهم وصوتوا؛ كان من بينهم السيد عزيز دانش راد، ممثل الأقلية الكليميه، وسرجين بيت أوشانا كوج تبه، ممثل الآشوريين والكلدانيين، وهراير خالاتيان، ممثل الأرامنه، ورستم شهزادي، ممثل الزرادشتيين. ومن بين النساء، كانت السيدة منيرة گرجي فرد واحدة من أعضاء ذلك المجلس التي کان لها دور في صياغة الدستور. وکذلك السيد علي محمد عرب ـ وهو عاملٌ مثقف ـ  أحد الممثلين في تلك الاجتماعات.

الصورة رقم 4 – الجزء السفلي من الصفحة الأخيرة من دستور الولايات المتحدة، الذي يحمل توقيعات 39 شخصاً.

بصرف النظر عما ذكرنا؛ تشارلز بيرد[8] ـ أحد المؤرخين الأمريكيين ـ في كتابه المنشور عام 1913، وفي خطابه الشهير، يقول بالدليل؛ كان لاهتمامات وميول ومصالح الطبقة الثرية والمترفة لصائغي الدستور الأمريكي أثرٌ كبير في عملهم هذا[iii]:

قد قال واضعو دستور الولايات المتحدة مراراً وتكراراً إن هدفهم هو إقامة حكومةٍ قوية بما يكفي لحماية الأغنياء والدفاع عنها ضد الفقراء[9].[iv]

فكان على صائغي الدستور الأمريكي، تقليل الضوابط وعمليات التفتيش والمراقبة التي يرغب الشعب بها، ومواجهة جميع الاتجاهات والآراء التي تريد المساواة الطبقية (التي كانت تسمى “التكافؤ” آنذاك) [10].[v]

والنقطة الأخرى هي أنه: ليس فقط بعض الموقعين على دستور الولايات المتحدة، بل 75٪ من رؤساء الولايات المتحدة، كانوا من الجيش الأمريكي، والجنرال جورج واشنطن أولهم.

هؤلاء الـ 37 الذين وقّعوا على الدستور الأمريكي، كانوا ضمن مجموعةٍ متكونة من 55 شخصاً أطلقوا على أنفسهم ممثلي 11 ولاية مستعمرة من قِبل البريطانيين[11]؛ بينما أولاً: لم يتم انتخاب هؤلاء من قِبل الشعب، وكان عدد سكان تلك الولايات، حوالي أربعة ملايين شخص آنذاك. ثانياً: هذه الولايات الـ 11 أو 12 تُشكل 20٪ من الولايات الأمريكية الحالية والتي عددها الآن 50 ولاية، فقد تمّ تجاهل الـ 80٪ المتبقية! كذلك احتلت أمريكا أكثر من 3000 جزيرة (من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي)، تحت عناوين مختلفة، والسكان الأصليون لتلك الجزر يعيشون تحت استعمار واستغلال أمريكا، وقد تمّ تجاهلهم أيضاً.

الصورة رقم 5 – الصفحة الأخيرة من دستور الولايات المتحدة  الأمريكية؛ تُظهر صورةً أوضح للجزء السفلي؛ أي الجزء الذي توجد فيه توقيعات 39 شخصاً، في الصورة السابقة.


  • [1]. James Madison.
  • [2]. اعتبر البعض أنّ لتوماس جيفرسون (Thomas Jefferson) ـ الرئيس الثالث للولايات المتحدة ـ  يدٌ في كتابة نص الدستور الأمريكي، إلا أنّ توماس جيفرسون – الذي كتب إعلان الاستقلال الأمريكي – كان سفير أمريكا في فرنسا  آنذاك.
  • [3] . لماذا 37 شخصاً؟ فأولاً: عدد الممثلين الذين كان لهم حق المشاركة في تلك الاجتماعات لم يتجاوز الـ  55 شخصاً في المجموع. ثانيا: لن يتجاوز عدد المشاركين في الاجتماعات الـ 46 شخصاً في أي وقت من الأوقات. وفي الجلسة التي تمّ فيها التوقيع على دستور الولايات المتحدة، يمكن رؤية ما مجموعه 39 توقيعا فقط.
  • ورد في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكي: أنه في 17 سبتمبر 1787 من الميلاد، كان جون ديكنسون (John Dickinson) من ولاية ديلاوير مريضاً ولم يكن حاضراً في ذلك الاجتماع؛ إلا أنّ جورج ريد (George Read) من ذات الولاية وقّع بدلاً عنه. النقطة الأخرى؛ هي أنّ ويليام جاكسون William Jackson ـ أحد الموقعين ـ لم يكن مبعوثًا من الولايات الاثنتي عشرة؛ بل كان مجرد سكرتير في تلك الاجتماعات (secretary of the convention)؛ لذلك يرى المشاهد بدلاً من 37 توقيعا للممثلين (أو المبعوثين)، توقيعات 39  شخصا. ففي الواقع، يمكن القول إنّ 37 شخصاً (من إحدى عشرة ولاية وليس ثلاث عشرة ولاية أمريكية وليس خمسين ولاية) وقعوا على دستور الولايات المتحدة.
  • [4]. The Constitution never was submitted to a popular vote.
  • [5]. … the delegates nevertheless bound themselves to the strictest secrecy. Proceedings were conducted behind locked doors and shuttered windows (despite the sweltering Philadelphia summer). Madison’s notes, which recorded most of the actual deliberations, were published, at his insistence, only after all participants were dead, fifty-three years later…
  • [6] . كالسيد عبدالعزیز ملازاده أحد كبار اهل السنّة في محافظة سیستان وبلوچستان آنذاك.
  • [7]. الكلام بخصوص الأشخاص المعارضين الذين كانوا حاضرين في مجلس الخبراء واجتماعات صياغة الدستور كأحد أعضاء تلك الجمعية، ووصف أنشطتهم ضد جمهورية إيران الإسلامية، موضوع منفصل خارج الموضوع الرئيسي لهذه المقالة.
  • [8]. Charles Beard.
  • [9]. They repeatedly stated their intention to erect a government strong enough to protect the haves from the have-nots.
  • [10]. Their concern was to diminish popular control and resist all tendencies toward class equalization (or “leveling,” as it was called).
  • [11]. لماذا إحدى عشرة ولاية وليس ثلاث عشرة؟! لأنه أولاً: لم ترسل ولاية رود آيلاند (Rhode Island) ممثلاً إلى تلك الإجتماعات. ثانياً: اثنان من ثلاثة ممثلين عن ولاية نيويورك لم يوقعا ـ أي: ( 66٪ منهم لم يوقعوا، و 33٪ فقط وافقوا؛ فكان ينبغي أن يوقّعها اثنان على الأقل من بين ثلاثة مندوبين عن ولاية نيويورك، إلا أنهم لم يفعلوا!)؛ لذلك، كما يقول الجنرال جورج واشنطن: وقّع عليها عدد من ممثلي إحدى عشرة ولاية (37 شخصاً)، والعقيد ألكسندر هاملتون (من ولاية نيويورك)؛ والحال إذا كان من المقرر أن يتم إجراء تغييرات في دستور الولايات المتحدة، يجب أن يوافق عليها ثلثا نواب مجلس النواب وثلثا نواب مجلس الشيوخ الأمريكي! وإن تم التصويت في المجلسين؛ يجب إرسال تلك التغييرات إلى خمسين ولاية أمريكية، وأن يصوت لها ثلاثة أرباع تلك الولايات! أي: إذا صوتت ثلاثة عشرة ولاية من أصل خمسين ولاية أمريكية ضدها، لن تتم الموافقة على هذا التغيير أو التعديل لهذا الجزء من دستور الولايات المتحدة!

  • [i]. Parenti, Michael, Democracy for the Few, Wadsworth, Boston, 9th edition, 2011, P. 14.
  • [ii]. Parenti, Michael, Ibid, P. 13.
  • [iii]. Parenti, Michael, Ibid, P. 12.
  • [iv]. Parenti, Michael, Ibid, P. 13.
  • [v]. Parenti, Michael, Ibid.
المصدر
كتاب أمريكا مهد الديمقراطية والحرية | السيد هاشم ميرلوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟