مواضيع

الحادثة الخالدة في التاريخ

عامٌ مضى، في مثل صبيحة هذا اليوم، في مثل فجر هذا اليوم من كانون ‏الثاني سنة 2020، كانت هذه الحادثة الكبيرة والمُفجعة والتي سُجّلت في التّاريخ وستبقى خالدة في ‏التّاريخ؛ بحجمها، وبعظمتها، وبمظلوميّتها، بالدّماء التي سُفكت فيها، وأيضاً بتداعياتها وآثارها ونتائجها ‏على كل المنطقة.‏

أنا أودّ اليوم أن أتحدّث في عناوين عدّة ذات صِلة بالمناسبة منذ وقوع الحادث إلى اليوم؛ الذكرى ‏السنويّة الأولى.‏

الوفاء للقادة الشهداء

العنوان الأوّل: عنوان الوفاء للقادة الشهداء وللشهداء معهم، طبعاً؛ هنا عندما نتحدّث عن ‏الشهداء يجب في البداية أيضاً أن نُعيد التذكير، نحنُ في شهادة العظماء نُبارك، نُبارك ونُعزّي بفقد ‏الأعزّاء، أتقدّم مجدّداً من عائلة الشّهيد القائد قاسم سليماني، ومن الإخوة الإيرانيّين ومن عائلات ‏الشهداء الإيرانيين الذين استشهدوا معه:‏

– الشهيد حسين جعفري نيا، والذي كان لنا طوال 20 سنة من الإخوة صديقاً وأخاً وحبيباً وظلّاً للحاج قاسم وملاصقاً ‏له.

– الأخ الشهيد شهرود مظفّري نيا.

– الأخ الشهيد هادي طارمي.

– الأخ الشهيد وحيد زمانيان.

أيضاً؛ أتقدّم بالعزاء والتبريك من عائلة الشهيد القائد الحاج أبو مهدي المهندس، الحاج جمال جعفر ‏والشهداء العراقيين الذين كانوا معه: ‏

– الشهيد محمد رضا الجابري. ‏

– الشهيد محمد الشيباني. ‏

– الشهيد حسن عبد الهادي. ‏

– الشهيد علي حيدر.

رضوان اللَّه تعالى عليهم أجمعين.‏

الوفاء كما نَعرف جميعاً هو قيمة إنسانيّة وفطريّة؛ لأنّ الإنسان ‏بطبيعته مفطور على هذا، وقيمة أخلاقيّة لا تحتاج إلى استدلال، وقيمة دينيّة مُجمع عليها، هذا دينُ ‏اللَّه.‏

الوفيّ عندما يمارس الوفاء يعود النفع عليه، على الوفيّ في الدنيا والآخرة، من تُعبّر عن وَفائك له ‏قد لا يكون بحاجة إلى وفائك، قد يكون هو في غنىً عن هذا الوفاء، الشهداء هم في عالمهم العظيم ‏الذي انتقلوا إليه في جوار اللَّه سبحانه وتعالى، في غنى عن وفائنا، ولكن عندما نكون أوفياء ‏لعظمائنا، لشُهدائنا، للمضحّين في أمّتنا، للمدافعين عنّا، للمخلصين في تحمّل مسؤوليّتنا وقضايانا، إنّما يعود هذا الوفاء بالنّفع علينا، على شعوبنا، على أولادنا وأحفادنا، علينا في الدنيا وعلينا في ‏الآخرة.‏

اليوم؛ هناك واجب وفاء تجاه هذين القائدين الكبيرين، وبالخصوص تجاه القائد الحاج قاسم سليماني؛ ‏لامتداده في العديد من السّاحات، ولمن يمثّلون وما يمثّلون، كيف نُترجم هذا الوفاء؟ ‏

أوّلاً: ألّا نُنكر فضلهم ومعروفهم.

ثانياً: أن نَعترف بفضلهم ومعروفهم؛ أي عدم السكوت؛ لأنّه من الممكن أنّ أحدهم لا يُنكر ولكنه لا ‏يقرّ، ويسكُت! الوفاء أن نعترف بفضلهم ومعروفهم.‏

ثالثاً: أن نذكرهم، أن نذكرهم للنّاس، للعالم، لشعوبنا، ولأجيالنا، وللتاريخ، أن نُعرّف بهم وبتضحياتهم، ‏وبإنجازاتهم. من عناوين الوفاء ومن سلوكّيات الوفاء تكريم هؤلاء الشهداء، وتقديم الاحترام لهؤلاء ‏الشهداء، بالأشكال المختلفة للتكريم وللاحترام. من سلوكيات الوفاء، أن نشكرهم على ما قدّموا، وعلى ما ضحّوا، وعلى ما بذلوا، علناً، وأن نقول لهم ‏شكراً لكم، شكراً للحاج قاسم سليماني القائد الشهيد، شكراً للحاج أبو مهدي المهندس القائد الشهيد، ‏شكراً للشهداء، شكراً لكلّ من يُمثّلهم هؤلاء القادة الشهداء لما قدّموا لشعوبنا وبلداننا ومنطقتنا ‏وقضايانا من تضحيات، هذا الشكر واجب. انظروا؛ اللَّه تعالى الغنيّ عنّا وعن عبادتنا وعن شكرنا يُطالبنا ‏بأن نشكره، ويقول لنا >لإن شكرتم لأزيدنّكم ولإن كفرتم< الموضوع مختلف.‏

الشكر؛ شكر النعمة وشكر الفضل وشكر المعروف له آثار عظيمة جدّاً حتّى في الدنيا، من يقف إلى ‏جانبك صحيح هو يقوم بواجبه، ولكن حينما تشكره وعندما يجدك وفيّاً له، صادقاً معه، مُعترفاً بفضله، سوف ‏تكون حماسته وإقدامه وجدّيته واندفاعه لمساعدتك ودعمك والدفاع عنك والوقوف إلى جانبك ‏أكبر، هذه طبيعة البشر.‏

إذاً؛ عندنا هذا النوع من الوفاء. طبعاً؛ هناك لوازم أخرى من الوفاء لن أتحدّث عنها الآن؛ لأنّ هناك أناسا ‏لا يمكنهم أن يتحمّلوها.

من الساعة الأولى للاستشهاد ولهذه الحادثة العظيمة التاريخيّة، وإلى اليوم ‏الذكرى السنويّة الأولى، وهذا اليوم الذي استشهد فيه هؤلاء الكبار، نحن شَهدنا مظاهر كبيرة ‏وعظيمة ومهمّة من الوفاء، مثلاً على سبيل المثال؛ في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، منذ ‏الساعات الأولى مستوى التّفاعل الشعبي الهائل والكبير مع الحادثة والتأثّر بها، والاندفاع إلى ‏الساحات في الكثير من المحافظات والمدن، مراكز المحافظات خصوصاً، وفي استقبال جثامين ‏الشهداء، وفي تشييع الشهداء، والذي كان تشييعاً تاريخيّاً، ويُمكن للإنسان أن يقول هو أعظم تشييع ‏في تاريخ البشريّة، أعظم تشييع لجنازة في تاريخ البشريّة، وإذا أراد أن يحتاط يقول لعلّه الأعظم – والذي يريد أن يدقق يمكنه ذلك – لكن هذا تعبير عن الوفاء، منذ اليوم الأوّل والحاج قاسم على لسان ‏الإيرانيّين، الكبير والصغير، في كلّ المناطق وفي كلّ المحافظات، الدولة، النظام،  المسؤولين، وطبعاً ‏سماحة السّيد القائد (حفظه اللّه)، الشّعب الإيراني، العلماء، المراجع، أشكال مختلفة من التكريم ‏والاحترام والتقدير ومتنوّعة جدّاً، منذ تلك السّاعة إلى هذه السّاعة، إعلان الجمهوريّة الإسلاميّة ‏وعلى لسان سماحة الإمام الخامنئي (دام ظلّه)، إعلان الحاج قاسم سليماني بطلاً قوميّاً لإيران، هذا ‏إعلان رسميّ، وبالنسبة إلى إيران الدولة ذات الحضارة القديمة والمتمادية، يعني كثيراً عنوان البطل ‏القوميّ، بعض البلدان العربيّة قد تعتبره  شعارا، لكن في إيران لا، له معنى مختلف.‏

على كلّ؛ حتّى الآن ما شهدناه هو تعبير عالٍ عن الوفاء، الحبّ، العاطفة، الشكر، الذكر، الاعتراف ‏بالفضل، وفي كل المقابلات التي سُئل فيها الإيرانّيون، كانوا يقولون نحن نفعل ذلك لنعرف ماذا قدّم ‏الحاج قاسم سليماني للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، يكفي هذا.

طبعاً؛ هذا درس لنا جميعاً؛ كيف يجب أن نتعاطى مع شهدائنا ومع قادتنا الشهداء، كيف يجب أن ‏نُكرّمهم، كيف يجب أن نحترمهم، كيف يجب أن نُعلي أسماءهم، كيف يجب أن نُمجّدهم، كيف يجب أن ‏نعترف بفضلهم، لا أن نَنقسم حولهم ونتشظّى عنهم.

هذا الأمر أيضاً شهدناه منذ الساعات الأولى ‏في العراق في البلد الذي سقطت فيه هذه الدماء الزكّية وارتكبت فيه هذه الجريمة الشنعاء، في ‏اليمن، سوريا، فلسطين، لبنان، البحرين، باكستان، الهند، تركيا، في العديد من الدول الإسلاميّة، في ‏العديد من الدول غير الإسلاميّة، في فنزويلا، في عواصم أخرى من العالم.‏..

في لبنان؛ وهو موضوع حديثي؛ يعني المقطع الأساسي لهذا العنوان، نحن معنيّون بأن نَذكر وأن نَعترف ‏وأن نَشكر وأن نُقدّر من وَقف معنا منذ اليوم الأوّل للاجتياح الإسرائيليّ للبنان عام 1982 ميلادي؛ لأنّني سوف أُجيب هنا على بعض الأجواء والمناخات العادية في لبنان، ولَكم من المفيد أن نُذكر بها. كُلنا يتذكّر في تلك المرحلة عندما اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي الأراضي اللبنانيّة، وكان يوجد تهديد أن يُكمل باتجاه كلّ الأراضي اللبنانيّة، وأن يستهدف أيضاً دمشق، وكانت إيران مشغولة بالحرب المفروضة عليها من قبل نظام صدّام حسين ومن خلفه كلّ طواغيت العالم والمنطقة، ومع ذلك الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) لم يَترك لبنان ولم يَترك سوريا، إذا كنا سنتكلّم عن المصالح، مصلحة إيران كانت أن يبقى قادتها وجنودها وسلاحها في جبهة الدفاع عنها، وهي كانت معزولة ومحاصرة من كلّ العالم، ولكنّها لم تترك لبنان، ولم تترك سوريا، وأَرسل الإمام الخميني (ق) وفداً رفيعاً جداً من القادة العسكريّين، من الحرس والجيش إلى دمشق، والتقوا بالمسؤولين السوريّين، وبعد ذلك أرسل أيضا قوات، ولكن بعد ذلك تبين أن الزحف الإسرائيليّ توقف عند الحدود المعروفة؛ أي البقاع الغربي وجبل لبنان والمناطق التي سيطر عليها في 1982، وبقية لبنان ليس  مهددا، الحرب الكلاسيكيّة تَوقّفت. سوريا لم تكن موضع اجتياح، المرحلة المقبلة هي مرحلة مقاومة، فبقي جزء من القوّات الإيرانيّة وبالتحديد من الحرس لمساعدة اللبنانيّين وتدريبهم وتقديم الدعم لهم لمقاومة الاحتلال، وكان أهم داعم للمقاومة في لبنان منذ عام 1982 هي إيران وسوريا، وأنا أسأل الشعب اللبناني، نحن عندما نتكلّم عن الوفاء ونتكلّم عن شكر النعمة ونتكلّم عن الاعتراف بالفضل للآخرين، أنا أسألكم: في 1982 من الذي ساعد لبنان على تحرير أرضه؟ تقول لي الدولة العربيّة الفلانيّة قدّمت مساعدات ماليّة، ساعدت بإعمار هنا أو ما شاكل، وأيضاً في السنوات الأخيرة قدّمت أموالا طائلة لبعض اللبنانيّين، لكن ليس من أجل لبنان وإنما من أجل أن يقاتلوا المقاومة ويتآمروا عليها ويحاصروها، هذا بحث آخر. من الذي وقف إلى جانب اللبنانيّين وحماهم ودافع عنهم؟ بالدبلوماسيّة وفي السياسة وفي الإعلام وفي المحافل الدوليّة، وأعطاهم سلاحا وإمكانات، وفتح لهم معسكرات التدريب ودرّبهم وموّلهم حتّى كان تحرير الـ2000؟ ومن الطبيعيّ جداً ألا يشعر بالفضل وبالنعمة على تحرير الـ2000 من أبكاه تحرير الـ2000 ومن أزعجه تحرير الـ2000، ومن أذاه تحرير الـ2000، وبعد عام 2000 وإلى اليوم المقاومة هي التي تَحمي لبنان في مواجهة العدو الإسرائيليّ ضمن المعادلة الذهبيّة، المقاومة هي التي تَحمي لبنان وهي التي تُساعد لبنان وهي التي تحافظ على حقوق لبنان وعلى سيادة لبنان، هذا يجب أن نَعترف به.

فنحن في لبنان هذا واجبنا، ولذلك من الطبيعي جداً أن نُحيي هذه الذكرى ونُحيي هذه المناسبة، أن نُسمّي بعض شوارعنا وبعض مياديننا وبعض ساحاتنا وبعض محميّاتنا الطبيعيّة وبعض مؤسساتنا باسم الحاج قاسم سليماني، أو باسم الحاج أبو مهدي المهندس.

ومن الوفاء أيضاً ألا نُساوي بين العدو والصديق، أو بالحد الأدنى إذا لم نَكن نُريد أن نتكلّم عن العدو ومن تركنا ومن خذلنا ومن تخلى عنّا؛ يعني يوجد ثلاثة أصناف:

الأول: هو عدو ومتآمر وشريك في دمائنا وفي احتلال أراضينا وفي انتهاك مقدّساتنا.

الثاني: يمكن ألا يكون من الصنف الأول، ولكنّه يَتركك ويَخذلك ولا يمدّ لك يد المساعدة ولو بكلمة.

الثالث: هو الذي يُساعدك ويَدعمك ويَقف إلى جانبك ويُدافع عنك ويُعرّض نفسه للخطر ويُقدّم الشهداء.

لا يجوز أن نُساوي بين هذه الأصناف الثلاثة، لا العقل ولا الأخلاق ولا الدين يقبل بذلك، أليس كذلك؟ ولا الفطرة الإنسانيّة ولا المنطق يقول ذلك، نحن في لبنان لا يمكن أن نساوي بين من دعمنا بالموقف والمال والسلاح، واستشهد معنا، وحَضر معنا في الأيام الصعبة، وأَعاننا لتحرير أرضنا وأسرانا، وجَعلنا قوة ردع في مواجهة العدو، ساعدنا لنكون قوة ردع، أن نساوي بينه وبين من تآمر على لبنان في 1982، وهذا كله ظهر بعد ذلك في الوثائق… بين مَن دعم العدو الإسرائيليّ خلال كل سنوات الاحتلال، وبين من لم يُقدّم أيّ مساعدة للبنان، وبين من وقف في حرب تموز ليقول للإسرائيليّين الذين أيضاً أنهكتهم الحرب وأرادوا إيقافها: لا توقفوها قبل سحق المقاومة.

لا يمكن أن نُساوي بين من فرح لانتصارنا في حرب تموز وبين من حَزن بسبب انتصارنا في حزب تموز، واليوم أيضاً لا يمكن أن نساوي بين من يقف إلى جانب لبنان وإلى قوة لبنان ليستعيد نفطه وغازه ويحمي أرضه  وسماءه، ويواجه أيّ أخطار أو تهديدات مستقبليّة، وبين من يتآمر على لبنان، ويحاصر لبنان، ويمنع المساعدات عنه. في فلسطين الشيء نفسه، لا يمكن لفصائل المقاومة الفلسطينيّة ولا للشعب الفلسطينيّ أن يُساوي بين من يقدّم له المال والسلاح والخبرة والتكنولوجيا والتدريب والتجربة، ويَقف معه إعلاميّاً وسياسياًّ وجماهيريّاً وشعبيّاً ودبلوماسيّاً وعلى كل صعيد، ويتحمّل تبعات هذا الموقف، وبين من يتآمر مع الأميركيّ والإسرائيليّ على فلسطين وشعب فلسطين ومقدّسات فلسطين واللاجئين الفلسطينيّين في العالم، وبين من يمنع المساعدات عن الشعب الفلسطينيّ ويحاصره ويعتقل من يجمع مساعدات أو يتبرع بالمال للشعب الفلسطينيّ؛ فضلاً عن أن يقدّم لهم سلاحاً، من الطبيعي أن نجد هذا الوفاء من فصائل المقاومة الفلسطينيّة ومن الشعب الفلسطينيّ تجاه الحاج قاسم وتجاه الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.

في سوريا؛ لا يمكن لسوريا أن تُساوي بين من كان شريكاً وداعماً ومموّلاً في الحرب الكونيّة عليها لسحقها وتدميرها وتجزئتها وتقسيمها وتحكيم التكفيريّين فيها، وبين من وقف إلى جانبها ودعمها بالمال والسلاح والرجال والشهداء، وقضى زهرة شبابه في ساحاتها وفي ميادينها؛ مثل الحاج قاسم سليماني وإخوانه.

في العراق؛ لا يمكن للعراقيّين وللشعب العراقيّ أن يُساوي بين من احتلّ أرضه ودمّر العراق وارتكب المجازر المَهولة  هناك، وألحق كلّ هذه الكوارث في العراق، ومن دعم كلّ الجماعات التكفيريّة، وأرسل آلاف الانتحاريّين إلى العراق، وأرسل آلاف السيارات المفخّخة ، وقدّم المال والسلاح لكلّ هذه الجماعات الإرهابيّة التكفيريّة على مدى سنوات طويلة، وبين من جاء بنفسه وروحه وإخوانه وماله وسلاحه لِيقف إلى جانب العراقيّين ودافع عنهم، ليساعدهم في تحرير أرضهم من الاحتلال، ليساعدهم في التخلص من داعش وخطر الجماعات التكفيريّة التي كانت تزيد العراق دماراً وحريقاً ونهباً وقتلاً ومجازر وفتن، لا يمكن أن يساوى بين هذا وذاك. هكذا الحال أيضاً عندما نتكلم عن أفغانستان وعن اليمن وعن كلّ الدول الأخرى.

إذاً؛ مقتضى الوفاء أيضاً ألا نساوي بين هؤلاء وبين هؤلاء، أن نعرف العدو من الصديق ومن الخصم، أن نميّز العادل عن المتخاذل، وهذه من شروط الوفاء، ومن شروط النصر أيضاً؛ لأنّ الناس الذين لا يملكون الوفاء، والذين يكفرون بالنعم، هدّدهم الله سبحانه وتعالى بإزالة النعم، والذين يشكرون تزيد النعم عليهم، الله يزيد النعمة عليهم، الوفاء هو من شروط النصر، والوفاء هو من شروط الثبات والبقاء والصمود.

إذاً؛ هذا هو العنوان الأوّل؛ اليوم أستطيع في هذا العنوان أن أقول: نعم؛ محورنا، أمّتنا، شعوبنا، حركات المقاومة، أحزابها، الدول وكلّ الجهات المعنيّة في هذه المعركة على مستوى المنطقة بشكل متناسب ومتفاوت، عبّرت عن صدقها ووفائها ووقفتها وشكرها واعترافها وتجليلها وتكريمها وتقديرها لهذين الشهدين القائدين العظيمين، ويجب أن نواصل هذا، هذا لا يجوز أن ينتهي بانتهاء الذكرى السنويّة الأولى.

اليوم؛ الحاج قاسم والحاج أبو مهدي وكل الشهداء هم عناوين، هم مشاعل، هم شموس وأقمار تضيء لنا الطريق، ويجب أن تستمرّ هذه الإنارة وهذه الهداية وهذه الإضاءة.

الحادثة باقية بشكلٍ شمولي

العنوان الثاني: قوّة حضور هذه الحادثة حتّى من اليوم الأول إلى اليوم، طوال السنة هذه الحادثة حاضرة بقوّة، في الوجدان، وفي المشاعر، وفي المعادلات السياسيّة، وفي المعادلات الأمنيّة والعسكريّة اليوم أيضاً؛ ونحن نتكلّم الآن هناك قلق كبير في المنطقة، في منطقة الخليج وفي العراق وفي المنطقة عندنا، أمس الإسرائيليّون أعلنوا أنّهم رفعوا نسبة الاستنفار والاحتياط في جيشهم إلى أعلى المستويات، كلّه بسبب الذكرى السنويّة لاغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس؛ لأنّ الحادث فرض نفسه بحضوره، واليوم المنطقة في حالة توتر شديد، وأيّ حادث لا نعرف إلى أين يمكن أن يجرّ المنطقة، الأمريكيّون يتصرّفون بالحدّ الأدنى في حالة قلق وخوف وانتظار، هم يقولون ذلك، والإخوة في إيران أيضاً يفترضون أن ترامب قد يُحضّر لشيء ما قبل مغادرته في 20 كانون، والمنطقة كلّها في حالة حذر وفي حالة انتباه وفي حالة تحفَظ، هذا بسبب قوّة حضور هذه الحادثة، وهذه الحادثة لا يمكن العبور عنها، وأنا أقول لكم سوف تبقى هذه الحادثة حاضرة بقوّة.

وهنا أَودّ أن أُشير أيضاً إلى نقطة مهمّة جداً؛ لأنّ بعض الناس عندنا في لبنان وفي غير لبنان يُفكّرون بطريقة خاطئة، يعني مثلاً: في موضوع الردّ على استشهاد الحاج قاسم سليماني، البعض يفترض بأنّ إيران سوف تعتمد على وكلائها كما يسمّونهم أو على أصدقائها أو على أحبّائها. إيران لا تطلب لا من وكلائها ولا من أصدقائها ولا من أحبائها شيئاً، ولم تطلب منهم شيئاً، إيران عندما تُقرّر أن تردّ عسكريّاً كما فعلت في عين الأسد هي ستردّ عسكرياً، عندما تردّ أمنيّاً هي ستردّ أمنيّاً بما يتناسب مع طبيعة الحادثة، اغتيال العالم النوويّ الكبير الشهيد الدكتور فخري زاده (رضوان الله تعالى عليه) حصل في عمليّة أمنيّة، لو كانت إيران تريد القيام بردّ فعل عسكريّ لفعلت منذ الساعة الأولى أو منذ الأيام الأولى، كما فعلت في ردها على قاعدة عين الأسد بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، أصدقاء إيران الأوفياء للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وللشهداء إذا هم بادروا بهذا الشيء، هذا شأنهم وهذا قرارهم، لكن ما أريد أن يعرفه العدو والصديق والمحلّل كي لا يُحلّل خطأ، إيران ليست ضعيفة، إيران قوية، عندما تريد أن تردّ عسكرياًّ في الوقت المناسب كيف وأين ومتى، عندما تريد أن ترد أمنيّاً في الوقت المناسب كيف وأين ومتى، البعض عندنا في لبنان والمنطقة يَقيسون إيران على بعض أصدقائهم من دول الإقليم، إيران ليست كذلك.

هنا أتكلم مع بعض اللبنانيين أيضا؛ بعض أصدقائكم الإقليميّين يقول عنهم سيدكم «ترامب»، عندما يتكلم عنهم، أنّ ليس لديهم إلّا فلوس ومال، وأنّه «إذا نحن لا نُدافع عنكم أنتم لا تصمدون لأسبوعين»، «إذا نحن لا ندافع عنكم فإنكم في ثلاثة أسابيع تصبحون تتكلمون اللغة الفارسية». هؤلاء أصدقاؤكم، ولذلك هم يحتاجون إلى أميركا وإلى غير أميركا وإلى الجماعات التكفيريّة وإلى تمويل العصابات وإلى مرتزقة، من أجل أن يُدافعوا عنهم وحتى عن حدودهم وحتى عن أنظمتهم.

أمّا إيران فقوية، هي لا تحتاج حتّى إلى أصدقائها، ولا تحتاج حتّى إلى حلفائها، فليبقَ هذا الأمر حاضرا بشكل واضح في ذهن كلّ واحد يُريد أن يُحلّل أو يُعلّق أو يُقارب أحداثا من هذا النوع.

محور المقاومة

العنوان الثالث: أيضاً؛ في الذكرى أريد أن أؤكّد على أنّ محور المقاومة استطاع أن يستوعب هذه الضربة الكبيرة، نحن نعترف أنّ الضربة كبيرة جداً، الخسارة كانت كبيرة جداً، ولكن المحور استطاع أن يستوعب. هم كانوا يفترضون، الأمريكيّون يفترضون ومن حرّضهم ومن ساعدهم، أنّه عندما نقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فإنّ الوضع في العراق سينهار لمصلحتهم، محور المقاومة سينهار، الحاج قاسم الذي كان يمثّل الحلقة العاقلة والحكيمة والشجاعة والجادة والمثابرة، حلقة تواصل بين دول المقاومة وقواها وحركاتها، عندما نقتل هذا الرجل هذه الحلقات ستتفكك، هذا كلّه تمت معالجته وتم استيعابه، ونحن بحسب ثقافتنا وانتمائنا وتاريخنا نَعرف كيف نُحوّل التهديدات إلى فرص، ونَعرف كيف نُحوّل الدم المسفوك ظلماً، والذي يَتوقّع الآخرون أن يؤدّي ذلك إلى إحباط أو يأس أو ترهّل أو ضعف أو وهن أو انسحاب أو تراجع، كيف نُحوّل هذا الدم إلى دافع قويّ للاستمرار والثبات وللصمود ولمواصلة الطريق، للإحساس أكثر بالمسؤوليّة. ولذلك أنا أَقول اليوم في سياق هذه المعركة، للأميركيّين وللإسرائيليّين ولكلّ من هو في محورهم، والذين يَقتلون قادتنا ويتآمرون على اغتيال قادتنا وعلمائنا ونخبنا، أو على قتل مجاهدينا وشعوبنا ورجالنا ونسائنا، في «شغلتين اعرفوهم منيح»، الإمام الخميني (ق) الشريف كان يقول: «اقتلونا فإنّ شعبنا سيعي أكثر فأكثر»، «عندما تقتلوننا يزداد وعي شعبنا»، هذه العبارة كان يردّدها السيّد عباس، انظروا في لبنان حزب الله قبل شهادة السيّد عباس ماذا كان؟ وبعد شهادة السيّد عباس ماذا كان؟ يعني دم السيّد عباس وشهادة السيد عباس، ما هو الوضع المعنويّ والفكريّ والروحيّ والإراديّ والقوة والمدد الذي أعطاه لهذه المسيرة؟ وهكذا عندما نتحدّث عن الشهداء.

والأمر الآخر الذي أُريد أن أُضيفه: عندما تقتلون قادتنا نزداد عناداً ونزداد تصلباً ونزداد تمسكاً بالحق ونزداد إحساساً بالمسؤولية؛ لأننا نَعتبر أن الطريق الذي مَشينا فيه فقدنا فيه هؤلاء العظماء وهؤلاء الكبار، كيف يمكن أن نتخلى عن هذا الطريق؟

لذلك؛ من يُراهن أنّه بالقتل والاغتيال والحروب والسيّارات المفخّخة، وأيضاً من يُراهن بالحصار والعقوبات، على أن يَمس بإرادتنا وتصميمنا وعزمنا، فهو واهم.

البطل العالميّ الشهيد قاسم سليماني

العنوان الرابع: نحن اليوم نُقدّم الحاج قاسم سليماني، إذا في إيران أعلنوه بطلاً قومياًّ، فنحن نُقدّمه بطلاً عالميّاً ورمزاً عالميّاً وعنواناً عالميّاً؛ رمزاً للتضحية والفداء والإخلاص والوفاء، للدفاع عن المستضعفين وعن المظلومين مسلمين وغير مسلمين، الحاج قاسم سليماني في كل معركته وفي كل حياته لم يُدافع فقط عن الشيعة؛ بل دافع عن الشيعة وعن السنة، وعن فلسطين وعن سوريا وعن العراق وعن أفغانستان، وعن المسيحيين وعن المسلمين وعن أتباع الديانات والملل الأخرى، وعن فنزويلا وعن أيّ دولة أو شعب يُمكن أن يُحاصر أو يُستضعف أو يُتآمر عليه، وكان حاضراً في الساحات، هذه المميّزات الشخصيّة والمتنوّعة والكبيرة والعالية التي تَتوفر في شخصيّة هذا القائد، تُؤهله لأن يكون رمزاً عالميّاً وبطلاً عالمياًّ، يَحتذي به كل مناضلي هذا العالم ومقاومي هذا العالم ومجاهدي هذا العالم.

وإلى جانبه رموز كبيرة جداً؛ أبو مهدي المهندس في العراق، الحاج عماد مغنية والسيد مصطفى بدر الدين في لبنان وفي سوريا، الشهداء القادة في فلسطين، الشهداء القادة في اليمن، الشهداء القادة في ساحات أخرى، هؤلاء رموز وهؤلاء أبطال وطنيّون وقوميّون في بلادهم وفي أُمّتهم، لكن عندما يَتقدّم الحاج قاسم سليماني على الجميع؛ فلأنه كان حاضراً في كل هذه الساحات، حاضراً بقوة وفاعلية في كل هذه الساحات، يجب أن يُقدم بحق، نحن هنا لا نُضخم ولا نَصنع أُسطورة، لا؛ وحتى هذه اللحظة أَقول لكم: ما كُشف عمّا قَام به الحاج قاسم سليماني، عمّا هو في شخصيّته، عن جهاده وسهره وتعبه وتضحياته، عن إنجازاته هو وكل الإخوة الذين عملوا معه في كل الساحات، ما كُشف حتى الآن هو قليل، هناك أمور قد لا يكون من المناسب الحديث عنها، لكن سَيتم الحديث عنها لاحقاً.

في كل الأحوال في الذكرى السنوية الأولى، أنا أدعو أيضاً إلى اتخاذ هذا الموقف، التعاطي مع هذا الاسم ومع هذا المشهد ومع هذه الصورة ومع هذه الرمزية بهذا المستوى الأُمميّ والعالميّ.

المسؤوليّات المطلوبة لمواصلة الطريق

العنوان الأخير الذي أَودّ أن أُشير  إليه؛ هو فيما يتعلّق  بالمستقبل، بمواصلة الطريق، هذه الحادثة تداعياتها – عندما قُلت التداعيات والآثار – على درجة عالية جداً من الأهمية:

أولاً: إخراج أمريكا من المنطقة، لم يكن هذا الشعار ليصبح شعاراً وليصبح هدفاً معلناً وجدياً، يجب أن تَعمل له كل شعوب المنطقة، لولا هذه الحادثة التاريخيّة وضخامة هذه الحادثة التاريخيّة، حتّى من العراق الأميركيّون اخترعوا داعش، ترامب عندما يقول: هيلاري كلينتون وأوباما… وهو لم يُكمل يعني الـ «سي أي إي» والبنتاغون، يعني الأمريكان كلهم، يعني إدارة أوباما أوجدت داعش واخترعت داعش. بالمناسبة أنا أتذكر شيئاً مضحكاً، أنّه عندما ظهرت داعش، بعض الصحف الخليجيّة وهذه الغرفة السوداء الموجودة في الخليج، اشتغلت على مجموعة مجلّات ومقالات ونقلتها بعض وسائل الإعلام، أنّه حصل لقاء على الحدود الإيرانيّة الأفغانيّة، حضره ثلاثة أشخاص، أنا العبد الفقير والحاج قاسم سليماني وأسامة بن لادن، وأخذنا قرار أن نُشكّل داعش. انظروا إلى مستوى الخواء والغباء والضحالة في إعلام المحور الآخر.

في كل الأحوال؛ عندما ترامب يقول: الأمريكيّون أَوجدوا داعش، أَوجدوا داعش لأنّه توجد أهداف لها علاقة بسوريا والعراق وفي المنطقة كلها، أَوجدوا داعش باعتراف أحد كبار الجنرالات الأميركيّين وهو موجود على مواقع التواصل، ويقول – حتى كلينتون بنفسها تعترف، لكن الآن أتذكر هذا بالتحديد وهو أميركي متقاعد الآن بمستوى لواء أو عمید أو فريق الله أعلم، كان القائد العسكريّ للناتو – يقول لا يمكننا أن نقاتل حزب الله إلّا بداعش، أنشأنا داعش لنقاتل حزب الله. أُنشئت داعش ليعود الجيش الأميركيّ إلى العراق، ليعود الاحتلال إلى العراق، ولكن بطريقة مختلفة. هذه الحادثة، هذا الاغتيال دفع بالشعب العراقيّ إلى الشارع، من أكبر المظاهرات في تاريخ الشعب العراقيّ هي المظاهرة التي خرجت بعد الاغتيال وتُطالب بإخراج القوّات الأميركيّة، القرار الذي أخذه مجلس النواب العراقيّ على درجة عالية جداً من الأهمية، وهو يتابع من قبل الحكومة العراقيّة لتنفيذه، والآن الحديث أنهم يخرجون بسنة أو سنتين، وأن الأميركيين وعدوا أنّهم سيخرجون بثلاث سنوات، هذا تفصيل يعني العراقيّين أنفسهم، ولكن الحادثة وَضعت القوّات الأميركيّة على خط وعلى مسار الخروج من العراق، وهذا يتابعه العراقيّون أنفسهم بكل الوسائل التي يرونها مناسبة. إذاً؛ هذا هدف، هذا عنوان، هذا يرتبط بالمرحلة المقبلة.

ثانياً: القصاص العادل؛ بعدما حدّد سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) الدائرة بشكل واضح ومحدد من قتلة الشهيد القائد الحاج سليماني والشهيد القائد الحاج أبو مهدي، مَن أمر ومَن نفذ، هذا أيضاً صحيح هو مسؤولية الإيرانيّين بالدرجة الأولى بالنسبة للحاج قاسم، والعراقيّين بالدرجة الأولى بالنسبة للحاج أبو مهدي، ولكن أنا أريد أن أكرّر ما قُلته قبل أيام على الميادين، هذه أيضاً مسؤوليّة كل حرّ وشريف ومقاوم ومجاهد ووفي في الكرة الأرضيّة؛ أن يكون شريكاً في تنفيذ هذا القصاص.

ثالثاً: مواصلة الدفاع عن دول المقاومة وشعوبها وحركاتها في مقابل كل التهديدات التي قد تَنشأ، وهناك نشهد إحياءً جديداً لبعض هذه الجماعات التكفيريّة، في العراق من جديد، في سوريا من جديد، في الآونة الأخيرة عمليات خطرة قامت بها داعش.

رابعاً: فلسطين والقدس والمقدسات وحقوقنا الطبيعية ومواصلة الوقوف إلى جانب هذا الشعب العزيز والكريم.

هذا هو المسار، وهذا المحور سَيُكمل هذا الطريق وهذه المعركة، طبعاً؛ كل شخص في بلده بما يناسب بلده، بما يراعي فيه مجموعة المصالح الوطنيّة، نحن فعلنا ذلك ونفعل ذلك، وهذا المحور يُدار من قبل قادته في البلدان المختلفة بعقل وبحكمة وبتفهم لظروف البعض للبعض الآخر وبدقة وبمسؤوليّة، وليس كما يتصوّره البعض، ولولا هذه الحالة في قيادة المحور عند قادة المحور لما سجّلت كل هذه الانتصارات وكلّ هذه الإنجازات ولحقت كلّ هذه الهزائم بالمشاريع الأخرى القلقة والمتداعية، وإذا كان هناك أفق، نحن لدينا أفق، الآخرون ليس لديهم أفق وهذا بالمنطق، بالدليل، بالبرهان، بالحجة، ليس بالادعاء والشعار وبإعطاء المعنويات الفارغة، كلا على الإطلاق.

أنا أريد أن أختم بكلام معنويّ، انظروا نحن في ثقافتنا نُؤمن بالله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى بيده ملكوت السماوات والأرض، وكلّ شيء بيد الله سبحانه وتعالى، ونحن نَرى أنّنا نقوم بتكليفنا نحن عباده ونعبده، نعبده في الصلاة والجهاد، وعندما نُطيعه ونَعبده نكون جُنداً له، وعندما نكون جُنداً له نُصبح جزءاً من جنوده في هذا الوجود وفي هذا الكون، <وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ>، حتى لو حاصرتمونا بقطعة أرض صغيرة، نحن الذي نَشعر فيه – لِتعرفوا من تُقاتلون ومن تُحاصرون – نحن الذي نَشعر به أننا نحن لسنا محاصرين، نحن مَعنا الأرض والجبال والوديان والتراب والأنهار والبحار والمحيطات والسحاب والرياح والشمس والقمر والنجوم والسموات السبع والملائكة وما خَلق ممّا نعلم ومما لا نعلم، ونَشعر أنّكم أنتم  المحاصرون، أميركا وعظمتها محاصرة، أعداؤنا كلهم محاصرون، ليس نحن المحاصرين، من يُؤمن بالله لا يمكن أن يَشعر بأنّه مُحاصر ولو أُقفلت عليه كل الجغرافيا حيث هو. أنتم تخوضون معركة خائبة، فاشلة، لن تؤدي إلى أيّ نتيجة، القتل يَزيدنا وعياً وعناداً وإصراراً، والحصار يَزيدنا ثقةً وتوكلاً واتصالاً بمصدر القوة الحقيقي الذي يَصنع النصر <وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّه>.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر
كتاب يحبهم ويحبونه | كلمات السيد حسن نصرالله حول الشهيد قاسم سليماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى