آفة تقليد النظريات الغربية في العلوم الإنسانية
إنّ هناك – كما قلت طبعاً – أساتذة تمثّل منتجات الأفكار الغربية في العلوم الإنسانية أصناماً بالنسبة لهم، يقولون: لا تسجدوا لله، لكنّهم يسجدون للأصنام بكلّ سهولة. إذا سلّمته الشباب من الطلبة الجامعيين لصاغ بنيتهم الفكرية بما يتناسب وأصنامه، وهذه حالة لا قيمة لها وغير صحيحة. إنّني لا أؤمن أبداً بمثل هؤلاء الأشخاص، مثل هذا الأستاذ مهما كان عالماً لن يكون نافعاً؛ بل يكون مضراً.
لدينا اليوم لحسن الحظ علماء شباب مؤمنون دارسون متدينون يمكنهم إيجاد حركة علمية شاملة وحقيقية في العلوم الإنسانية، يجب الاستفادة من هؤلاء. احذروا من أن تصابوا بعبادة الأصنام تلك؛ فهناك من يعتبرون الكلام الصادر عن مفكّر غربي حجّة في الفلسفة وفي الاقتصاد وفي علوم الاتصالات والسياسة، في حين أنّ ذلك الكلام قد يكون منسوخاً حتى في الغرب نفسه! لدينا الكثير من هذه النماذج، فيلسوف اجتماعي أو سياسي غربي يقول شيئاً قبل أربعين أو خمسين سنة، ثمّ ترد على كلامه عشرات النقود، وهذا السيد توصّل تواً إلى ذلك الكلام الذي قيل قبل خمسين سنة، وراح يشيعه في داخل البلاد على أنّه كلام جديد، وينشره بين الطلبة الجامعيين وتلامذته وبيئته بكثير من الفخر والتبجيل. لدينا من هذا القبيل أيضاً.
كم منح البنك العالمي والأوساط المالية العالمية للشعوب والحكومات من الخطط على أساس هذه النظريات الاقتصادية الغربية! وكم سجّلت عليها من النقوض والردود من جانب الغربيين أنفسهم! ولدينا مع ذلك من يكرّر تلك التوصيات بحذافيرها ويصدر نفس هذه الوصفات، هذا خطأ. التحقيق والبحث العلمي لا يعني مجرّد التعلّم والتقليد، فالتحقيق على الضدّ من التقليد، وهذه العملية هي من مهامكم.[1]
- [1] من كلمته في لقاء مسؤولي جامعة الإمام الصادق(ع) وأساتذتها وطلابها، بتاريخ ٢٠٠٦/٠١/١٩.