توصيف ميادين إنتاج العلم والتحدّيات الفكرية
التعبئة معناها النزول إلى الساحة وخوض الغمار؛ فأيّة ساحة هذه؟ إنّها ساحة التحديات الحياتية والأساسية، ما هي الساحات والتحديات الأساسية في الحياة؟ هل الأمر يتعلّق فقط بحالة تعرّض بلد لهجوم؛ حيث ينزل شعب ذلك البلد إلى الساحة ويدافع عن حدوده؟ لا طبعاً ليس هو المراد، فهذه حالة واحدة فقط من حالات النزول إلى الساحة. عندما تتعرّض الهوية الوطنية والسياسية لشعب من الشعوب للخطر أيضاً يكون من اللازم نزول ذلك الشعب إلى الساحة، وحينما تتعرّض ثقافة شعب ومعتقداته وقناعاته المتجذّرة للإهانة سيكون الظرف والموقف موقف نزول إلى الساحة، وعندما يشعر الجيل الممتاز من شعب بالتأخّر عن قافلة العلم، وبأنّه لا بدّ من معالجة لهذا التأخر، سيكون الظرف ظرف نزول إلى الساحة، وعندما يكون هنالك شعور بأنّ ركائز الحياة العادلة الكريمة في البلد بحاجة إلى سعي وجهود لتمتينها أو ترميمها، يجب النزول إلى الساحة، وحينما تتقدّم الجبهات الفكرية والثقافية في العالم لاحتلال الشعوب بأدوات فوق الحديثة؛ لتفصل الشعب عن سوابقه وجذوره الثقافية لتتمكن من السيطرة عليه بسهولة، سيكون من اللازم النزول إلى الساحة.
هذه الساحات هي ساحات الفكر والعلم وإنتاج العلم، وهي ساحات التحدّيات المتنوّعة لتعويض التأخّر العلمي. عندما يتقدّم شخص ويطرح فكراً أو شبهة أو اقتراحاً فكرياً، وأردنا أن نختار بصورة صحيحة، فيجب أن نعرفه ونفهمه ونحلله ونستبعد الجوانب والنقاط الخاطئة فيه، فإذا كانت فيه جوانب صائبة نأخذها ونمزجها بالجوانب الصحيحة التي لدينا ونعرض نتاجاتنا الجديدة. وإذا لم يكن في الأمر عناصر صائبة فنلقيه كلّه في سلّة المهملات.
ثمّة آلية وطريقة للوصول إلى أيّ أمل كبير أو هدف سام، وعلى الشاب والطالب الجامعي الذكي الواعي أن يجد هذه الآلية. وموضوع النهضة البرمجية من هذا القبيل، وكذلك موضوع التحرّر الفكري، وكذا الحال بالنسبة للقضايا المختلفة التي تتعلّق بمجالات اجتماعية متعدّدة.[1]
- [1] من كلمته في لقاء بالطلبة الجامعيين التعبويين، بتاريخ ٢٠٠٥/٠٥/٢٦.