رحلة العشق الإلهي
لقد وصل الحسين إلى المحطة الأخيرة في رحلته ليعرج من هذه المحطة إلى المعشوق. حتى في عصر التاسع من المحرم لما زحفت جحافل العدوان نحو مخيم الحسين، أرسل الحسين أخاه أبا الفضل العباس يطلب المهلة هذه الليلة. إنها ليلة الجمعة التي يعشقها الحسين؛ لأنها ساعات الوصل بالحبيب، فقال لأبي الفضل «ادعهم ليمهلونا هذه الليلة لنصلي إلى ربنا ركعات». أراد الحسين (ع) أن تكون هذه الليلة ليلة عبادة ووداع ووصية، وبدأت تلك الثلة المؤمنة يصلون ويقرؤون القرآن ويدعون، فكان لهم دوي كدوي النحل.
إنه ميلاد الثورة ستبزغ شمسها، وسيخرج الذين كُتب عليهم القتل أن يبرزوا إلى مضاجعهم وسيعلم الذين ظلموا لمن النصر يومئذ.
إنها رحلة العشق الإلهي، والتي انعكس ظلها في حب الحسين فكان تجسيدًا لذلك الجمال والجلال، فهو الحسين الذي ذاب في الحب حتى قال: «خذ حتى ترضى»، وتلك زينب التي رأت رأس الحسين فقالت: «ما رأيتُ إلا جميلًا»، وذاك الفتى القاسم قمة الوعي فيقول: «الموتُ فيك يا عم أحلى من العسل»، وذلك الشيخ الكبير يُريه الحسين موضعه في الجنة، ولكنه يسأل الحسين غير مبالٍ بما رأى فهو ذاهل فيه مما سواه «هل أنا معك في الجنة يا أبا عبد الله»، ويأتي دور عابس في وسط المعركة وهو يقول: «حب الحسين أجنني».